بعد أقل من سنتين، نجح القطاع السياحي المغربي في تجاوز الانعكاسات التي خلفتها حرب الخليج. وطبقاً لاحصاءات رسمية صدرت اخيراً في الرباط، فان عدد السياح الذين زاروا المغرب في شهر نيسان ابريل الماضي، بلغ 313 الف سائح، من بينهم 155 الفاً من دول المغرب العربي، الجزائر وليبيا وتونس. وإذا ما قيس هذا الرقم بالاعداد التي تحققت في العام 1991، والتي بلغت 215 الفاً، فان هناك انتعاشاً بلغت نسبته في سنة واحدة 5،45 في المئة. الا ان الاهم في هذا الانتعاش هو انه ارتبط بعودة كثيفة للسياح الاجانب غير المغربيين الذين لم تتجاوز نسبتهم في العام الماضي الپ27 في المئة، في حين ان هذه النسبة ارتفعت في نيسان ابريل من العام الحالي الى 5،49 في المئة. وعلى رغم اهمية السياحة المغاربية من داخل دول الاتحاد المغربي، الا ان القطاع السياحي المغربي ينظر الى تطور حركة السياح الاجانب كمؤشر اهم على الانتعاش الذي يمكن ان يحققه. ويخطط المغربيون لتحقيق أرقام سياحية جديدة، سواء لجهة عدد السيّاح الذين يستقبلونهم سنوياً، او لجهة عدد الليالي السياحية التي يقضيها هؤلاء السياح. وطبقاً لتوقعات رسمية، فان المغرب مرشح لاستقبال ما يزيد على الپ5،4 مليون سائح في العام 1994، وتحقيق عائدات سياحية مباشرة تزيد على الپ4 مليارات دولار، اضافة الى عائدات مماثلة من القطاعات المكملة، وتقوم الحكومة المغربية بتوفير تسهيلات لهذا القطاع لمساعدته على مواصلة النمو واستيعاب التزايد في الحركة وتحسين نوعية الخدمات. وفي العام الماضي، وفي اطار اجراءات لدعم المؤسسات السياحية في مواجهة تقلص الحركة، عمدت الحكومة المغربية الى توفير تسهيلات جديدة، كان ابرزها السماح للمؤسسات السياحية باعادة جدولة الديون الداخلية المتوجبة عليها لصالح مؤسسات مالية ومصرفية وطنية، ابرزها مؤسسة القرض العقاري والسياحي. وبلغ حجم القروض التي تناولتها اعادة الجدولة حوالي 600 مليون درهم. كذلك، عمدت الحكومة الى تخفيض معدلات الفوائد على عمليات اعادة الجدولة بنسبة 5،2 في المئة. ومن المقرر ان تطبق اعفاءات ضريبية لصالح الفنادق وغيرها للعام الحالي. وبررت الحكومة سياستها هذه بحاجة الاقتصاد الوطني الى الابقاء على القطاع السياحي منتعشاً، وبضرورة الاستمرار في سياسة الحوافز لاجتذاب رساميل واستثمارات جديدة. ونتيجة لهذه الاعتبارات فقد حافظت المؤسسات السياحية المغربية على مستخدميها الذين يتجاوز عددهم الپ250 الف شخص، لا بل ان بعض المؤسسات عمد الى تعزيز اوضاع مستخدميه بدافع الاحتفاظ بالخبرات الفنية. وبحسب مصادر عاملة في القطاع السياحي المغربي، فان أزمة الخليج لم تكن كلها من دون فائدة، ولعل الدرس الاهم الذي تعلمته المؤسسات السياحية المغربية يتمثل بحاجتها الى تنويع خدماتها وتوسيع منتوجاتها وتقليص الاعتماد على السياحة البحرية. وتعترف هذه المصادر ان مبادرة المؤسسات السياحية الى توفير حسوم وصلت الى 50 في المئة للمواطنين المغاربة، ومواطني الدول المجاورة، خصوصاً الجزائر، قد فتحت اعين الجميع على الامكانات الهائلة التي تحتويها السوق الداخلية، وهي امكانات نجحت في سنة واحدة في سد قسم كبير من الفراغ الذي احدثه غياب السياح الاجانب. الى ذلك، فقد بدأ القطاع السياحي المغربي يركز على السياحات المتخصصة، مثل سياحة المغامرة، وسياحة الجبال، اضافة الى سياحة رجال الاعمال والمؤتمرات الدولية. الا ان الاهم في هذه السياحات المتخصصة السعي الى زيادة حصة المغرب من السياحة الرياضية الدولية التي تجتذب فئات معينة، غالباً ما تمتلك قدرات واسعة على الانفاق، مثل رياضة الغولف والتنس. وتشجع الحكومة المغربية في الوقت الحاضر عمليات انشاء الملاعب الجديدة، او تحديث الملاعب القديمة، مركزة على الاسواق المصدرة لهذه الفئة من السياح، كالسوق الاميركية والانكليزية. ويجمع معظم العاملين في القطاع المغربي على ان هذا القطاع سيكون بيضة القبان في الاقتصاد الوطني خلال السنوات الثماني المقبلة. وستؤدي اجراءات التحرر الاقتصادي، وتعويم الدرهم وزيادة قائمة المنتوجات السياحية الى اجتذاب المزيد من السياح الأجانب.