في نهاية العام الجاري يكون عدد السياح في مصر ارتفع الى ما يقارب 3.2 مليون سائح. وفي تونس، بلغ حجم الحجوزات الثابتة 3.5 مليون سائح حتى نهاية هذا العام، في حين ان الرقم مرشح للارتفاع في المغرب الى حوالي 4 ملايين سائح. اما في دول المشرق العربي، فقد استقبلت سورية العام الماضي ما مجموعه 1.5 مليون سائح، ويقدر عدد السياح لهذا العام بحوالي 1.8 مليون سائح. وفي الاردن من المتوقع ان يصل حجم الحركة السياحية الى ما يزيد على 1.5 مليون سائح، في حين ان التوقعات العائدة للبنان لا تزال عند مستويات ضعيفة نسبياً، وقد لا يتجاوز الرقم ال600 الف سائح، استناداً الى افضل التوقعات، على رغم ان لبنان كان الدولة السياحية الاولى في السبعينات، وبلغت ارقامه مستوى 1.3 مليون سائح في العام 1974، وهو العام الاخير الذي سبق اندلاع الحرب فيه. وباتت العائدات السياحية المباشرة في دول مثل تونس ومصر والمغرب والاردن وحتى سورية التي تعتبر دولة سياحية حديثة العهد من افضل القنوات لتوفير العملات الاجنبية. ويقدر حجم العائدات السياحية في مصر بما يزيد على 1.2 مليار دولار سنوياً، في حين يتجاوز حجمها هذا الرقم في كل من المغرب وتونس. ويصل في سورية الى 300 مليون دولار 1991 وفي الاردن الى ما يزيد على 600 مليون دولار. اما في لبنان الذي يعاني من استمرار ذيول اوضاعه الامنية والسياسية السابقة، ومن ضعف شبكة الخدمات طرقات وهاتف وكهرباء فقد تجاوزت العائدات السياحية 200 مليون دولار، وهي تطرق عتبة المليار دولار، في حال استقرت الاوضاع العامة في البلاد، وتلقى قطاع الفنادق استثمارات جديدة، كافية لرفع طاقته الايوائية الى مستوى تلبية الانتعاش المتوقع. واذا ما اخذت في الاعتبار السياسات الطموحة التي تنفذها دول عربية عدة مثل سورية والاردن ومصر وتونس والمغرب، وحتى دول خليجية مثل الامارات العربية المتحدة، فإن الشرق الاوسط مرشح لأن يصبح في خلال العام 2000 منطقة جذب سياحي، تجتذب ملايين السياح سنوياً، وتوفير منافسة متكافئة مع مناطق سياحية تقليدية مثل اوروبا واميركا والشرق الاقصى. وبالفعل، فان الخطط السياحية المصرية تستهدف تحقيق رقم قياسي في العام 1995، يصل الى 5 ملايين سائح، والى تحقيق نمو في العائدات السياحية قد يتجاوز 3.5 مليار دولار سنوياً، وقد يرتفع هذا الرقم في السنوات الخمس التالية، وحتى حدود العام 2000 الى 7 ملايين سائح في موازاة رفع الطاقة الايوائية في البلاد وتحسين نوعية الخدمات التي يحصل عليها السائح بأسعار معقولة. وتخطط سورية الى رفع عدد السياح اليها الى 3 ملايين سائح في خلال السنوات الثلاث المقبلة، والى تحقيق عائدات لا تقل عن مليار دولار، وهو رقم لا يستهان به في دولة مثل سورية تسعى لجعل السياحة، الى جانب النفط والزراعة، ثلاث قنوات لتوفير احتياجاتها من العملات الاجنبية. كذلك، فإن الحكومة الاردنية تخطط لاجتذاب ما لا يقل عن 2.5 مليون سائح في خلال السنوات الثلاث المقبلة، والى رفع العائدات الى حوالي البليار دولار، مع اجتذاب استثمارات جديدة للعمل في القطاع الفندقي لتلبية الاحتياجات المتوقعة مستقبلاً. وتبدو دولتان مثل تونس والمغرب اكثر قدرة على اجتذاب المزيد من السياح لاعتبارات ابرزها موقعها الجغرافي القريب من اوروبا، وهي المصدر الاول للسياح اليها، ولسياسات التحرر الاقتصادي والانفتاح التي يتم تنفيذها الى جانب الاستقرار السياسي والامني الذي حافظتا عليه طوال الفترة الماضية، وشكل عنصر جذب اضافي. وقد لا يكون بعيداً الوقت الذي تستطيع فيه هاتان الدولتان تحقيق ارقام، تبدو في الوقت الحاضر غير واقعية. اذ، طبقاً لتقديرات شبه رسمية، فإن تونس قد تستقبل في خلال العام 2000 ما لا يقل عن 7.5 مليون سائح، في حين ان التقديرات بالنسبة للمغرب تصل الى 10 ملايين سائح. وتثير مفاوضات السلام الجارية حالياً بين الدول العربية واسرائيل آمالاً جديدة بالنسبة الى السياحة في المنطقة. وترتكز الخطط التي اعدتها وزارة السياحة المصرية لتطوير الحركة في المنطقة الى اعتبار مفاده ان تحقيق السلام في الشرق الاوسط سيوفر حافزاً جديداً لاجتذاب المزيد من السياح، اضافة الى تسهيل عمليات الربط السياحي في المنطقة. وتنطلق الخطط المصرية من ان حركة السياحة في الدول العربية هي حالياً اشبه بسياحة الجزر، حيث ان كل دولة معزولة عن الاخرى، وأن البرامج السياحية العالمية الى المنطقة، غالباً ما تصطدم بالحدود المقفلة بين دول المنطقة، الامر الذي يحرم بلداً ما من سياح بلد آخر، ويقتصر النشاط على بلد واحد من دون غيره من البلدان، حتى لو كانت مجاورة. وفي السيناريو الذي ترسمه الخطط السياحية المصرية المتطابقة مع خطط اردنية ولبنانية، فان بامكان دول مثل مصر واسرائيل والاردنولبنان وسورية او مصر وسورية والاردنولبنان ان تتحول الى منطقة سياحية واحدة يتم إدراجها في برامج التسويق العالمي، نظراً الى ما توفره من تنوع جغرافي من جهة وغنى في المعالم التي تجتذب السياح، خصوصاً الاوروبيين منهم. كذلك، فان دولاً مثل تونس والمغرب يمكن ان تدخل في برامج موحدة مع مصر ودول المشرق العربي، إلا ان التفاؤل المصري غالباً ما يصطدم بتفاوت الخدمات السياحية بين الدول العربية نفسها، الى جانب التعقيدات التي يواجهها السائح في اثناء الانتقال من بلد الى آخر، الى جانب توافر شبكات الخدمات الكافية. في مؤتمر السياحة العربية الذي عقد في القاهرة، في ايار مايو الماضي، كانت الاولوية لضرورة توفير الاستقرار السياسي والأمني بالدرجة الاولى، الى جانب توفير الوسائل الكافية لتلبية رغبات السائح، وهي رغبات متنوعة تبدأ من مقر السفارة في الخارج، لجهة تسهيل تأشيرات الدخول، ثم في المطار والفندق، وحتى في الشارع، ومن غير الجائز التعامل معها من زاوية الضرورات الامنية او الاجتماعية وغيرها. فالسائح يربط استمرار اقامته او تمديدها بمدى تحقق الخدمات التي يسعى اليها. في العام ألفين، قد يستقبل الشرق الاوسط ما يزيد على 15 مليون سائح، واذا ما اضيفت تونس والمغرب وبلدان اخرى، فان الرقم مرشح لتجاوز مستوى 25 مليون سائح. كما ان العائدات مرشحة لتجاوز رقم 10 مليارات دولار، وهي مبالغ وأرقام كبيرة، الى حد ان المنطقة باتت تشكل منافساً لمناطق سياحية مثل اوروبا. لذلك، فان الخطط الوطنية لن تكون كافية لتحقيق اهدافها الامر الذي يفرض تعاوناً، وربما تنسيقاً بين جميع دول المنطقة، سواء على صعيد البرامج ام على صعيد الاجراءات الكفيلة بتسهيل انتقال السائح بين دولة وأخرى. وفي أوروبا، تحولت السياحة الى صناعة وطنية، يشارك حتى رؤساء الدول في الترويج لها. كما حصل في اسبانيا، وقبلها في ايطاليا وفرنسا ودول اخرى، ومن غير المقدّر للسياسات السياحية العربية ان تلاقي النجاح الذي تسعى اليه، اذا استمرت مستويات التنسيق على ما هي عليه الآن.