سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
"الوسط" تجري تحقيقاً حول المجموعات والتنظيمات الدينية السرية في الساحة المصرية - الجماعات الاسلامية في مصر: خطر على من ؟. مأمون الهضيبي ل "الوسط": المتطرفون لم يخرجوا من عباءة الاخوان المسلمين
هل تشكل الجماعات الدينية، بتنظيماتها وشخصياتها المختلفة والمتنوعة "خطراً" على مصر او الحياة السياسية فيها؟ ما أهداف هذه الجماعات وما طبيعة ارتباطاتها الداخلية والخارجية؟ هل تسعى، فعلاً الى قلب نظام الرئيس حسني مبارك ام الى تصفية خصومها الذين لا يشاطرونها آراءها وتوجهاتها ام ان لديها اهدافاً اخرى؟ وهل تتحمل السلطات المصرية "مسؤولية ما" في نمو التنظيمات الدينية؟ وهل تربط هذه الجماعات، مع بعضها البعض، علاقات معينة؟ وما هي الروابط القائمة بينها وبين تنظيم الاخوان المسلمين؟ هذه بعض التساؤلات المطروحة اليوم في مصر وفي الساحة العربية بشأن الجماعات الدينية في مصر. فوسائل الاعلام المصرية تنقل باستمرار "اخباراً" ومعلومات عن نشاطات واعمال هذا التنظيم الديني او ذاك وعن مواجهات مع رجال الامن والشرطة وعن مداهمات واعتقالات في صفوف بعض القوى الاسلامية وعن اكتشاف وثائق وخطط لتنفيذ اعمال عنف وتصفية شخصية مصرية، سياسية وفكرية واعلامية واجتماعية، بارزة. ولم يكن اغتيال الدكتور فرج فوده - صاحب الحملات القاسية ضد التيارات الاسلامية - على ايدي شخصين ينتميان الى تنظيم الجهاد الاسلامي، سوى حلقة من مسلسل طويل. هذه التساؤلات - المطروحة ايضاً في عدد من الدول العربية والغربية المهتمة بمستقبل الوضع في مصر - دفعت "الوسط" الى اجراء تحقيق شامل حول التيارات الدينية في الساحة المصرية. وهذه حصيلة التحقيق: لا بد من القول، اولاً، ان هناك الجماعات الاسلامية "العاقلة" التي لا تؤمن بالعنف ولا تنفذ اعمالاً تخريبية او ارهابية ولا تقوم بعمليات اغتيال، وهناك الجماعات الاسلامية "المتطرفة" ذات الارتباطات الخارجية في معظم الاحيان والتي تتبع طريق "الكفاح المسلح والصدام مع السلطة"، ويسعى بعضها الى اسقاط النظام. وتقول مصادر مصرية رسمية ان الجماعات الاسلامية في الساحة العربية "بدأت تلعب في ملاعب الديموقراطية، فخاضت الانتخابات للوصول الى المقاعد النيابية في بعض الدول وتحاول في مصر اتباع الاسلوب نفسه على رغم حظر نشاطها. وترى المصادر ان خطورة "الجماعات الدينية المتطرفة ازدادت بعد اعداد ما يسمى "ميثاق العمل الاسلامي" وهو لا يقتصر على دولة بعينها وانما يصلح - من وجهة نظر هذه الجماعات - للتطبيق في دول عدة، وهو عبارة عن "تشكيلة" من ايديولوجيات مختلفة لجماعات الجهاد والقطبيين والتكفير والهجرة والاخوان وغيرها. ولا بد قبل الدخول في التفاصيل من العودة الى البداية، الى الاخوان المسلمين اي الى الجماعة الام. ولدت جماعة الاخوان المسلمين عام 1927 على يد مرشدها الشيخ حسن البنا، وهي الجماعة التي تعتبرها الاجهزة الامنية المصرية "الجماعة الأم" التي خرجت من عباءتها، فيما بعد، كل التنظيمات الدينية التي قدرت مصادر مصرية رسمية عددها في بداية التسعينات ب36 تنظيماً ومجموعة تتحرك وتنشط سراً في المدن والقرى المصرية. وكانت جماعة الاخوان بدأت نشاطها عن طريق الدعوة ورفعت شعار "العمل على تحرير المسلمين من امراضهم التي ادت الى اذلالهم ودوس كرامتهم"، وأعلنت ان وسائلها لتحقيق ذلك هي: "العمل والتحرك من خلال العلم والتربية والجهاد"، وفي وقت لاحق تحولت الجماعة الى تنظيم سياسي في ضوء الاضافات التي صاغها حسن البنا في برنامج جماعته حينما قال: "ان الاخوان المسلمين تيار ديني سياسي"، وأصبح اعضاء الجماعة "جنوداً" والدعوة "جهاداً" والهدف "اقامة دولة اسلامية عن طريق الجهاد والاجتهاد والتنسيق والتعاون بين فروع الجماعة داخل مصر وخارجها". ولم يكتف مرشد الاخوان بتحويل الجماعة الى تنظيم سياسي بل انشأ في بداية الثلاثينات "التنظيم السري للاخوان المسلمين" الذي كان بمثابة "ميليشيات عسكرية مسلحة" حدد البنا مهماتها في قسمين، الاول: خاص بأعمال القتال الموجه ضد الصهيونية، والثاني: "أعمال الفداء التي توجه الى اعداء الله مباغتة لهم من دون اعلان او انذار". وبلورت الجماعة هذه الاستراتيجية المسلحة من خلال عمليات عنف واغتيال سياسي تمثلت في حوادث مقتل الخازندار وأحمد ماهر والنقراشي وتفجير بعض اقسام الشرطة في القاهرة يوم 3 كانون الاول ديسمبر 1946 ومحاولة اغتيال ابراهيم عبدالهادي. وانتهى تنظيم الاخوان العسكري عملياً مع اغتيال حسن البنا يوم 12 شباط فبراير 1949، الا ان الجماعة ظلت تؤدي دوراً سياسياً ودينياً الى ان حدثت المواجهة الكبرى بينها وبين قادة ثورة يوليو تموز 1952، وعلى رغم انتماء اكثر من عضو في مجلس قيادة الثورة لهذه الجماعة الا ان عامي 1954 و1955 شهدا صداماً دموياً حاداً بين رجال الثورة وعلى رأسهم الرئيس جمال عبدالناصر وبين جماعة الاخوان، وصدر قرار عن مجلس قيادة الثورة بحل الجماعة كتنظيم سياسي عام 1954 وزج بأعداد من الاخوان في السجون والمعتقلات وهدأ نشاط الاخوان على السطح الا ان الجماعة لم تمت وعادت بعد وفاة عبدالناصر الى الظهور. وبعد عودة نظام الاحزاب في عهد الرئيس الراحل انور السادات حاولت الجماعة تشكيل حزب شرعي الا انها اصطدمت غير مرة باعتراض لجنة شؤون الاحزاب ورفض القضاء لعودتها مرة اخرى. بعد ملاحقة الاخوان وتصفية نشاطهم ظهرت جماعة دينية اخرى تحمل اسم "القطبيون" ينتسب اعضاؤها الى فكر سيد قطب احد المنشقين عن الاخوان والذي ارسى قواعد جماعته في كتاب يحمل اسم "معالم على الطرق" نادى فيه بالرجوع الى "العقيدة الصحيحة للاسلام" والتخلص "من الظلم والبغض بالقوة". واتسم نشاط الجماعة بالتذبذب بين مهادنة النظام والمطالبة باسقاطه، خصوصاً بعد حرب حزيران يونيو 1967 وحدوث متغيرات اجتماعية وسياسية واقتصادية جديدة في المجتمع المصري الا ان نشاط الجماعة لم يكن مؤثراً خصوصاً بعد عودة الاخوان الى الظهور مرة اخرى في عهد السادات اضافة الى ظهور حركات اكثر تنظيماً وتأثيراً على المستويين السياسي والاعلامي. التكفير والهجرة المصادر الرسمية المصرية تؤكد ان جذور تنظيم التكفير والهجرة ترجع الى نهاية الستينات عندما تم اعتقال شكري احمد مصطفى بتهمة الانتماء الى جماعة الاخوان المسلمين. وخلال فترة اعتقاله بدأت مرحلة تحوله الفكري التي اسس خلالها تيار التكفير الذي تزعمه عقب الافراج عنه عام 1971 وحتى القبض عليه مرة اخرى بعد اغتيال الشيخ محمد حسين الذهبي والحكم عليه بالاعدام. وتذكر الوثائق الرسمية المصرية ان شكري مصطفى طرد من جماعة الاخوان المسلمين نتيجة تطرفه وخروجه عن خطها خصوصاً بعد اعداده قصيدة بعنوان "العودة" تحدد ثلاث معارك له في اطار نشر دعوته وهي: * معركة مع النفس في الحرص على الاصل والماضي القديم. * معركة ضد حركة الاخوان المسلمين لتخاذلهم في الحق وفي انفسهم. * معركة مع "الكفر في العالم العربي". وفلسفة التكفير تقوم على "رفض التراث وعدم الاعتراف بأي نتاج سابق" ورفض العمل في القطاع الحكومي او الخدمة في الجيش او الدراسة في الجامعات. وأصيب هذا التنظيم بهزة عنيفة عقب القبض على قياداته في القضية التي تحمل رقم 6/77 محكمة عسكرية عليا، وصدور الحكم باعدام خمسة من قياداته منهم شكري احمد مصطفى. واستمرت عمليات مطاردة اعضاء التنظيم حتى عام 1984 مما اجبر اعضاءه على تغيير الكثير من قناعاتهم ومنها اباحة حلق اللحى للتخفي وإباحة خلع النقاب للنساء وإباحة العمل في القطاع الحكومي والسماح بارتداء الملابس العادية وإقامة حوارات فكرية مع الجماعات الاخرى. وتذكر المصادر المصرية عن هذا التنظيم "ان حادث اقتحام جماعة دينية بقيادة صالح سرية لمقر الكلية الفنية العسكرية اثّر كثيراً في فكر شكري مصطفى الذي اعتنق الفكر الجديد الذي قام بتأصيله سراً والذي يقوم على تكفير الحكام وجاهلية المجتمع وتحديد الجهاد وسيلة لاقامة الدولة الاسلامية والاشتراك في حرب عقائدية للقضاء على الكفار الجدد، وان كل من ينفذ اوامر الدولة الكافرة ضد الاسلام كافر، وان اختطاف الشيخ محمد حسين الذهبي وزير الاوقاف المصري الاسبق الذي تم اغتياله كان نتيجة خلافات فكرية بينه وبين شكري مصطفى نفسه". وتضيف المصادر ان حلقات تنظيم التكفير والهجرة ممتدة الى بعض الدول العربية، وانه على رغم انحسار تنظيم التكفير والهجرة في مصر وانتهاء دوره "الا ان فروع هذا التنظيم في بعض الدول العربية، كالسودان ولبنان وتونس والجزائر، ما زالت نشطة وكلها تعمل على احياء فكر شكري مصطفى". وهذا الامر اكده نائب مجلس الشعب المصري علوي حافظ الذي كشف في كتابه "المنصة" انه قابل شكري مصطفى داخل الزنزانة قبل إعدامه حيث ابلغه شكري ان جماعته ممتدة الى بعض الدول العربية والاسلامية. كما اوضح اللواء حسن ابو باشا وزير الداخلية المصري الاسبق في مذكراته التي نشرت اخيراً بعنوان "في الأمن السياسي" ان تنظيم التكفير والهجرة ليس قاصراً على بلد محدد وان هناك مندوبي اتصال بين اعضاء التنظيم داخل مصر وخارجها يساعدون على تقريب وجهات النظر بين الطرفين في بعض القضايا السياسية والفكرية والاقتصادية. وذكرت دراسة للباحث السياسي صالح الورداني عن الحركة الاسلامية في مصر "ان الكثيرين من افراد جماعة التكفير استوطنوا بعض الدول العربية، ومنها العراق والاردن، وينحصر نشاطهم في الجانب الاقتصادي من اجل دعم الجماعة مادياً وتوسيع افق نشاطها"، وان الكثيرين من افراد الجماعة خارج مصر "تخلوا عن الواقع المصري في التجربة ولم تعد النقطة المركزية لنشاطهم كما كانت من قبل نتيجة تصاعد الحملات الامنية لملاحقة الافراد المنتمين الى الجماعات الدينية". الجهاد الاسلامي في عام 1978 برزت في الافق "الجماعة الاسلامية" التي زاد نشاطها في الجامعات والمعاهد العليا ولفت الانظار انضمام اعداد كبيرة من الشباب والطلاب اليها، وترى الدوائر الامنية المصرية ان فكر الجماعة الاسلامية قام على "طاعة الله وتعليم القرآن والحديث وشرح قانون الاحوال الشخصية والمعاملات التربوية والامر بالمعروف والنهي عن المنكر". هذه الجماعة مرت في نشاطها بثلاث مراحل. الاولى، تقليدية خاصة باحتفاظها بأصولها السلفية لفرض نفسها على الواقع الذي تعيش فيه في ظل فراغ في الساحة السياسية في ذلك الوقت، والثانية، مرحلة الاختبارات، وتمثلت في سعي الجماعة الى الانضمام فكرياً الى احدى الجماعات الدينية القيادية البارزة وهي الاخوان والقطبيون والتكفير والهجرة، الا انها استقرت على رفض الجماعات الثلاث وانتقلت الى المرحلة الثالثة وهي مرحلة التميز والاستقلال بصدور "ميثاق العمل الاسلامي" الذي تحول بعد ذلك الى "ايديولوجية" للجناح السري لها وهو تنظيم الجهاد الاسلامي. وتؤكد المصادر الرسمية المصرية ان تنظيم الجهاد الاسلامي تم تأسيسه رسمياً عام 1979 بمعرفة المهندس محمد عبدالسلام فرج الذي تمكن بعد اعداد التنظيم فكرياً وايديولوجياً من تشكيل جناح عسكري يسعى وفقاً لما جاء بمواد الاتهام الموجهة من نيابة أمن الدولة العليا لأعضاء التنظيم في القضية رقم 462 لعام 1981 أمن دولة عليا الى: "تشكيل منظمة عسكرية لمناهضة المبادئ الاساسية التي يقوم عليها نظام الحكم في الدولة والتحريض على مقاومة السلطات العامة والقيام بثورة عسكرية لاقامة الدولة الاسلامية". وتولى قيادة هذا الجناح عبود الزمر الذي صدرت ضده احكام عدة بالسجن وصلت الى خمسة واربعين عاماً وهو الذي قام بوضع المنهج النظري لاعداد اعضاء الجناح العسكري لتولي المهمات الموكلة اليهم، وتشتمل التدريبات العسكرية على ثلاث مراحل وفقاً لاعترافات الزمر في قضية اغتيال الرئيس السادات: - الاولى: التدريب على الامن والطبوغرافيا والاسعافات والرياضة البدنية وتعليم قيادة السيارات والدراجات النارية. - الثانية: التدريب على عمليات الهجوم والكمائن واقتحام المباني. - الثالثة: الرماية واستخدام السلاح. وتولى عمليات التدريب في بداية تشكيل التنظيم كل من نبيل المغربي وعبود الزمر في القاهرة والوجه البحري ومحمد الشريف في الوجه القبلي. وتلقى التنظيم العسكري للجهاد ضربة كبرى عقب القاء القبض على جميع اعضائه المتهمين في قضية اغتيال السادات في تشرين الاول اكتوبر 1981 وصدور احكام بالاعدام على خمسة من قياداته، هم خالد الاسلامبولي وحسين عباس ومحمد عبدالسلام فرج وعطا قابل حميدة وعبدالحميد عبدالسلام، وصدرت احكام اخرى بالسجن المؤبد والموقت على الباقين وبينهم عبود الزمر وشقيقه طارق الزمر وعصام القمري ومحمد الاسواني وخميس مسلم. وفي شهر تموز يوليو عام 1988 حاول اعضاء تنظيم الجهاد احياء الجناح العسكري عن طريق اعداد خطة لهروب ثلاثة من القيادات هم: عصام القمري وخميس مسلم ومحمد الاسواني، واسفرت عملية الهروب عن مقتل الاثنين الاولين واصابة الثالث. وترى المصادر الرسمية المصرية ان العامين التاليين على هذه المحاولة شهدا متغيرات عدة ادت الى عودة نشاط الجناح العسكري للجهاد مرة اخرى هي: - الافراج عن عدد كبير من اعضاء التنظيم الذين اتموا عقوبة السجن لمدة ثماني سنوات في قضية اغتيال السادات. - قيام العدد الاكبر من هؤلاء الاعضاء باعادة تنظيف صفوف الجناح العسكري مرة اخرى وفقاً لتخطيط قائدهم الموقوف عبود الزمر. - رفع شعار العنف ضد السلطة والحكومة واجهزة الأمن حتى يتم تطبيق الشريعة الاسلامية. - تصاعد عمليات الصدام بين اعضاء التنظيم واجهزة الامن وتمثلت في احداث المنياوالفيوم وعين شمس وبني سويف التي اسفرت عن مقتل اثنين من الضباط وأربعة من اعضاء التنظيم. - قيام التنظيم بمحاولة فاشلة لاغتيال وزير الداخلية في ذلك الوقت اللواء زكي بدر في 16/12/1989. - هروب بعض اعضاء الجناح العسكري الى افغانستان وعودتهم بعد تلقيهم تدريبات عسكرية عالية في استخدام السلاح واعداد وصنع المتفجرات. وفي الساعة العاشرة والدقيقة الخمسين صباح يوم الجمعة 12/10/1990 تمكن اعضاء الجناح العسكري لتنظيم الجهاد من اغتيال الشخصية الثانية في الدولة بعد اغتيالهم الشخصية الاولى السادات عام 1981، حيث اغتالوا الدكتور رفعت المحجوب رئيس مجلس الشعب المصري في عملية كان المقصود فيها اغتيال السيد محمد عبدالحليم موسى وزير الداخلية، والقت اجهزة الامن القبض على 25 فرداً يمثلون الجناح العسكري للتنظيم تجري محاكمتهم حالياً امام احدى دوائر محكمة أمن الدولة العليا طوارئ. وفي 16/4/1991 تمكن قائد الجناح العسكري للتنظيم صفوت عبدالغني من الهرب اثناء ترحيله لاداء امتحانات آخر العام في محافظة بني سويف الا ان اجهزة الامن نجحت في القبض عليه بعد ايام، وقبل نهاية العام نفسه كشفت اجهزة الامن المصرية محاولة جديدة لاعادة تشكيل الجناح العسكري تحت قيادة عنصر بديل افرج عنه حديثاً وهو نبيل نعيم عبدالفتاح الذي اعترف بعد القبض عليه ان تحركه جاء من خلال محاور عدة هي: - إعداد عمليات سطو مسلح على محلات بيع المشغولات الذهبية للحصول على اكبر قدر من الاموال لشراء الوسائل المستخدمة في الاعمال الارهابية. - جمع اشتراكات من اعضاء التنظيم العاملين في بعض دول الخليج. - استئجار شقق ومنازل في المدن الجديدة البعيدة عن عيون اجهزة الامن مثل مدن اكتوبر و15 مايو والعاشر من رمضان. - استخدام كمية كبيرة من المستندات والوثائق المزورة. وكشفت التحقيقات التي تجري حالياً في قضية اغتيال الدكتور فرج فوده عن عودة التنظيم الى اسلوب العمل المسلح من خلال جناحه العسكري، وذكرت مصادر امنية مصرية ان صفوت عبدالغني قائد الجناح والموقوف حالياً في قضية المحجوب كان له دور رئيسي في التخطيط لعملية اغتيال فوده. الناجون والواثقون تكشف المصادر المصرية المطلعة عن رصدها لعدد آخر من التنظيمات الدينية المتطرفة التي ظهرت في الثمانينات ومنها جماعة "الناجون من النار" التي خرجت من تنظيم التكفير والهجرة، والتي حاول اعضاؤها اغتيال وزراء داخلية ونقيب الصحافيين المصريين مكرم محمد احمد. وفي الثمانينات برز ايضاً تياران من خلال تحقيقات نيابة امن الدولة العليا، ففي عام 1988 ظهرت جماعة القرائين التي تطالب بالاعتماد فقط على القرآن كمصدر معين في الحكومة الاسلامية. وبرزت جماعة مرتبطة بطهران عام 1989 حيث ضبط تنظيم يضم جنسيات عربية عدة ويحمل اعضاؤه افكار الخميني ويسعى الى تطبيق النموذج الايراني، واقتصر نشاط التنظيم على بعض المساجد ودور النشر فقط. وفي بداية التسعينات برزت على الافق ثلاث جماعات ارتبطت تحركاتها بحوادث عنف واغتيالات سياسية وهي "الواثقون من النصر"، وهي الجماعة التي نفذت اربع عمليات سطو مسلح على محلات بيع المشغولات الذهبية في امبابة وشبرا الخيمة وعين شمس، واعضاؤها يحاكمون حالياً امام محاكم امن الدولة العليا طوارئ، والجماعة الثانية هي "الشوقيون" وتركزت في محافظة الفيوم وهي منشقة عن تنظيم الجهاد نتيجة بعض الخلافات الايديولوجية وتم القبض على عدد كبير من اعضائها، بينما لقي اميرها مصرعه في احدى المواجهات المسلحة مع رجال الامن. وفي شهر رمضان الماضي تم القبض على تنظيم جديد يحمل اسم "تكفير التكفير او التكفير الجديد" وأعلن مسؤوليته عن اغتيال المقدم احمد علاء المسؤول عن النشاط المتطرف بمباحث أمن الدولة - الفيوم. وتحمل ايديولوجية هذا التنظيم مواقف مشتركة بين فكر التكفير والهجرة والناجون من النار، وعناصره منشقون عن تنظيم الجهاد. وترى الدوائر الرسمية المصرية ان الافكار الايديولوجية التي تشكل الاطار الفكري للجماعات الدينية تبين وجود حد ادنى مشترك بينها يتمثل في النقاط الآتية: * تكفير المجتمع حاكماً ومحكوماً. * مبدأ الهجرة "بعيداً عن المجتمع الكافر" لاقامة "جيش تحرير قوي للاستيلاء على الحكم في الدولة وإعلان قيام دولة اسلامية ثم الانطلاق لتحرير العالم من الظلم والاسبتداد". * مبدأ تحريم الانخراط في السلوك الطبيعي للمجتمع، مثل الالتحاق بالجندية والوظائف الحكومية وتحريم احوال المجتمع باعتباره مجتمعاً كافراً. اما التفسير الامني لظاهرة التعددية والانشقاق والتشرذم بالنسبة لجماعات التطرف الديني فيرى انها ظاهرة تشكل خطورة كبيرة نتيجة للأسباب الآتية: * ان الانشقاق يتم دائماً وفقاً للعرف السياسي للتيار الاشد عنفاً الذي ترتبط حركته بالصدامات المسلحة. * ان حالة الانشقاق يصاحبها القيام بعمليات مسلحة لأثبات الوجود امام التنظيمات الاخرى وسعيا وراء السيادة والسيطرة. * ان التنظيم المنشق والوليد يبني افكاراً مستوردة هي اشد عنفاً وتلقى دعماً مادياً ومعنوياً من الدول التي تتبنى الفكر ذاته. * ان التنظيمات الدينية اصبحت مع بداية التسعينات ممتدة الىخارج الحدود الجغرافية ويطلق عليها تنظيمات متعددة الجنسيات، مثل التكفير والهجرة الذي اصبح له فروع في اليمن والسودان والاردن والجزائر. الهضيبي: لا أحزاب في مصر وقد استطلعت "الوسط" آراء عدد من الخبراء المفكرين المصريين حول الجماعات الدينية ونشاطاتها وعلاقة تيار الاسلام السياسي في مصر بالقوى السياسية الاخرى وأسلوب تعامله مع القضايا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وحقيقة نشاطه وعلاقته بقوة خارج مصر، عربياً وإقليمياً ودولياً، ومستقبل هذه الجماعات في ظل تنامي حوادث العنف الدموي التي اتهمت بالقيام بها تنظيمات اسلامية مسلحة وكان آخرها اغتيال الدكتور فرج فوده المفكر العلماني المصري. وقال المستشار مأمون الهضيبي المتحدث باسم الاخوان المسلمين في مصر رداً على اسئلة "الوسط" ان هناك تياراً اسلامياً "متغلغلاً" بين كل فئات المجتمع المصري، وأضاف: "هذا الوجود المتشعب بطبيعته ينتقل فكره بين طبقات المجتمع لأن هذا الفكر غير صادر عن اشخاص، فأساسه القرآن الكريم الذي يتلى في الصلوات والمحافل ويجمعه المصحف الشريف ويتعبد الناس بتلاوته والمسلم يعرف احكام دينه ولا يستطيع احد خداعه، ومهما ضرب الاخوان فان التيار الاسلامي موجود في مصر. الحلال معروف والحرام معروف والاصول العامة الاساسية ليس بينها خلاف والتيار الاسلامي في مصر قائم على اساس الاصول المتفق عليها والمعروفة للناس جميعاً خصوصاً ان 95 في المئة من سكان مصر من المسلمين وبالتالي فان اصول الدين الاسلامي يستوعبها الشخص الامي، اما الفلسفة فنحن لسنا في حاجة اليها". ويرى الهضيبي ان الحكومة المصرية لا تمكن التيار الاسلامي السياسي من تحديد علاقته بالمجتمع والقوى السياسية الاخرى الموجودة فيه ويقول: "الحكومة ترفض ان يكون هناك حوار بين التيار الاسلامي وبين فئات المجتمع والقوى السياسية فيه، فهي ترفض ان يكون له قناة للاتصال وتسلط عليه رجال الامن، وان فكر السلطة عن تيار الاسلام السياسي لم يتغير في مصر طوال 40 عاماً". ويضيف: "عندما تم السماح لعدد من رموز التيار الاسلامي بدخول مجلس الشعب لم نسئ لأحد ولم نشتم ولم نعتد على اي شخص بل بسطنا الامور وشرحنا وجهة نظرنا، على رغم ضعف المجلس وضيق حدود الحوار فيه، لكننا اثبتنا اننا لسنا دعاة ارهاب". ويرد المستشار الهضيبي على تصريحات المسؤولين المصريين بأن كل التنظيمات الدينية المتطرفة خرجت من عباءة الاخوان المسلمين ويقول: "اطلاق صفة المتطرفين على الاخوان المسلمين يسيء الينا، نحن لم نلجأ الى استخدام العنف طوال الاربعين عاماً الماضية، ولا صلة لنا بأية قضية فيها اعتداء على الغير. انهم يحاولون الاساءة الينا ويتعمدون ايجاد هذه العبارات لتشويه صورة التيار الديني. لا احد يعرف ما هو المقصود بالتطرف الى درجة ان بعض الصحف المصرية تسقط في هذا المأزق وتطلق هذه العبارات المطاطة غير المفهومة ويصفون اي ملتح بأنه متطرف". ويضيف: "غياب الحرية هو سبب التطرف وكل الاحزاب في مصر وهمية، ويمكنني القول بأنه ليست هناك احزاب في مصر وصورة الديموقراطية التي نعيشها في مصر باهتة، فالحكومة تغير رؤساء الاحزاب كما يحلو لها، ومستقبل التيار الاسلامي في مصر لا يحدده انضمامه الى احد الاحزاب الموجودة الآن على الساحة او حتى السماح لنا بتكوين حزب جديد. فالمطلوب الحرية اولاً وبعد ذلك سيحدد الشعب مصير كل التيارات السياسية في مصر، فاما ان تأخذ الطريق الشرعي وتعيش واما يحكم عليها الشعب بالاعدام فتموت". وحول ما يقال عن علاقة "الاخوان" ببعض الدول الاجنبية يقول الهضيبي: "اننا لا نتكلم باسم مصر في الخارج وليس من المعقول ان يكون لكل تيار سياسي وزارة خارجية تتحدث باسمه وتتعامل مع الدول الاجنبية، فهذا أمر غير وارد وغير مقبول ولا نفكر فيه، لكن احياناً تأتي الينا وفود من بعض الدول ومسؤولون في سفارات الدول الاجنبية في مصر للتعرف على افكارنا فنقابلهم ونفسر لهم افكارنا والقواعد الاساسية للاسلام ونؤكد اننا نطالب بدولة يكون الحكم فيها للشعب وليس حكومة كنسية كما يتصورون". الانقلابيون والارهابيون الدكتور عبدالحليم مندور عضو الهيئة العليا لحزب الوفد ورئيس هيئة الدفاع عن اعضاء تنظيم الجهاد المتهمين باغتيال الدكتور رفعت المحجوب رئيس مجلس الشعب المصري يرى ان الذين يمثلون التيار الديني في مصر هم اشخاص "عاديون" وليسوا تنظيماً سياسياً، لكنهم يطالبون بتطبيق الشريعة الاسلامية ويقول: "من الخطأ ان نطلق عليهم صفة "متطرفين" او "ارهابيين" لأن معظم الحوادث السياسية التي اتهمت التيارات الدينية بارتكابها، خصوصاً اغتيال المحجوب وفرج فوده، لا تزال تنظر امام القضاء، ومن الخطأ اصدار احكام سابقة حولها قبل كلمة القضاء. اما حادث المنصة الذي ادى الى اغتيال السيادات فهو محاولة انقلاب ضد الحكم لا يطلق على منفذيها صفة ارهابيين لأنهم تنظيم سياسي له افكاره التي يجب ان نناقشها بعيداً عن التعصب". ويرى مندور انه "منذ عام 1927 عندما اعلن حسن البنا قيام "الاخوان" وحتى الآن، لم يثبت ان تياراً ًاسلامياً اغتال شخصاً مسيحياً، نعم اتهموا باغتيال النقراشي واحمد ماهر كما اتهم الجهاد باغتيال السادات، ولكن لم يثبت انهم قتلوا مسيحياً واحداً ولم يعتدوا على كنيسة، وكل ما يقال عن تصادم التيار الديني مع المسيحيين وتسببهم في تشقق الوحدة الوطنية واشعال الفتنة الطائفية كلام غير صحيح، ربما يحدث صدام "عادي" في الصعيد مثلاً لأن هذه المنطقة من جنوب مصر طابعها العنف. ان الحكومة المصرية هي سبب ظهور العنف والتطرف. فهي وصفت اعضاء التيارات الدينية بأنهم ارهابيون وقطاع طرق ولصوص، ولهذا فان التيار الديني يرد عنف الحكومة بالعنف، ولا يعد هذا ارهاباً لأن الارهاب يرتكب ضد المواطنين وليس ضد السلطة، فالتيار الاسلامي السياسي ليس بينه وبين اي شخص في المجتمع المصري خلاف ولكن قضيتهم الاساسية هي تطبيق الشريعة الاسلامية". ويتابع: "التيار الاسلامي يملك فلسفة محددة في التعامل مع القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية في مصر منذ 15 قرناً، فالاسلام له نظام اقتصادي وسياسي واجتماعي". وحول مستقبل تيار الاسلام السياسي في مصر يقول الدكتور مندور، "الحكومة المصرية لم تعط الفرصة للتيارات الدينية للوجود من خلال حزب سياسي حتى الآن على رغم انها اعطتها لليساريين والناصريين، وهذه التيارات الدينية ليست على استعداد للدخول في اي حزب من الاحزاب القائمة في مصر ولا بد ان يكونوا مستقلين لأن الاحزاب الموجودة على الساحة تخشى الحكومة وترفض انضمام هذه التيارات اليها بحجة انها تشجع الارهاب، والحقيقة ان تيار الاسلام السياسي هو اقوى قوة سياسية "ايمانية" في مصر منذ 14 قرناً، ولا بد ان ينجح هذا التيار في الوصول الى مقاعد مجلس الشعب بعكس الدكتور فرج فوده الذي لم يحالفه النجاح في دورتين متتاليتين، وهو ما يدل على فشل افكاره العلمانية". ويفرق ثروت اباظة وكيل مجلس الشورى ورئيس اتحاد الكتاب المصري بين التيار الاسلامي وبين منفذي عمليات الاغتيالات السياسية ويقول: "التيار الاسلامي ثابت في قلوب المصريين ولا يتزعزع، اما من يقومون بأعمال العنف والاغتيالات فاني اطلق عليهم "التيار الارهابي" الذي لا يتعامل مع المجتمع والقوى السياسية الموجودة فيه، ولكنه عبارة عن خلايا سرطانية تتعامل مع بعضها البعض وتتعامل مع المجتمع بالسلاح، وعلى السلطة ان تحاربها لأنها غير قابلة للحوار ولا تتفاهم بالكلام ولكن بالرصاص. هذا التيار الارهابي يتعامل مع الخارج على شكل اموال تغدق عليه من بعض الدول التي تحقد على مصر في محاولة لاثارة الفتنة، ولو تمكن هذا التيار من السيطرة على الامور والوصول الى السلطة سيضيع كل شيء ومن المستحيل السماح لهم بالانضمام لأي حزب سياسي او تكوين حزب مستقل لأنهم خلايا سرطانية لا بد من القضاء عليها". ويختتم اباظة كلامه قائلاً: "انهم لا يستطيعون الوجود لأنهم قتلة وارهابيون ويجب الا نصفهم بالتيار الاسلامي، فالدين الاسلامي منع قتل اي شخص، فهل ننتظر من هؤلاء ان يطبقوا الشريعة؟ ان اللذين قتلا فرج فوده احدهما يعمل سماكاً والآخر سباكاً، انهما جاهلان فهل نسمح لأمثالهما بحكم مصر؟". "المستقبل مظلم" ويقول لطفي واكد عضو اللجنة المركزية لحزب التجمع اليساري المصري: "كل المسلمين ينتمون الى التيار الاسلامي، ولكن يجب ان نفرق بينه وبين التيارات المتطرفة التي تنتهج العنف والتعصب والارهاب وافساد الوحدة الوطنية وبالتالي تصبح خارجة على المجتمع ومخالفة له، وهناك وسائل عدة لمحاصرة التيارات المتطرفة عن طريق نشر الثقافة والتعليم والامن، والتيار الارهابي المتطرف يرغب في الاستيلاء على السلطة حتى يفرض على المجتمع حلوله الخاصة، واعضاؤه هم في الحقيقة بلا حلول كالعادة، لأنهم لو كانوا يملكون حلولاً ولديهم استعداد لحل مشاكل الشعب ورغبة في الحوار لكنا ذهبنا جميعاً كتنظيمات سياسية شرعية اليهم وتحاورنا معهم، ولكنهم يتحاورون بالقنابل والرصاص، ومن الخطأ السماح لهم بالظهور على الساحة من خلال الاحزاب السياسية"، ويضيف: "اذا جرى ترك هؤلاء الارهابيين فسيزدادون ارهاباً وافساداً في المجتمع". ويعترض الدكتور احمد شلبي المفكر واستاذ التاريخ بجامعة القاهرة على مصطلح "الاسلام السياسي" ويقول: "ليس هناك مصطلح اسمه الاسلامي السياسي، فالاسلام دين ودولة، الدين يخص صلة الانسان بربه اما الدولة فهي تخص علاقة الانسان بالانسان في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والاسلام لا يعرف العدوان بالسيف من الخلف والارهاب، فهذا السلوك يأتي نتيجة لقلة الثقافة الاسلامية والاضطراب الاقتصادي، وقاتلا الدكتور فرج فوده مثلاً ليس لديهما ثقافة اسلامية وهما جاهلان عجزا عن العثور على عمل مناسب ويعانيان من البطالة. اما من يطلقون على انفسهم اسم "التيار السياسي" فأغلبهم غير مثقفين ويعانون من الاضطراب الاقتصادي والبطالة وتخرجوا من مدارس متوسطة وهم ينفقون اموالاً كثيرة تؤكد حصولهم على دعم مالي من جهات اجنبية، وانا استبعد ان تكون هناك دولة عربية تمدهم بالمال". ويرى شلبي ان الاخوان المسلمين في مصر يمثلون "تياراً دينياً عاقلاً" في حين يرى ان التنظيمات المتطرفة لا تملك اي فلسفة للتعامل مع القضايا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي يعيشها المجتمع المصري ويقول: "تقابلت مع بعضهم اكثر من مرة في السجن حينما كنت ازورهم وجادلني احدهم بغير الحق وبما يؤكد جهله". ويختم كلامه قائلاً: "المستقبل يبدو مظلماً، وأتوقع ان يزداد الاضطراب ويستفحل لأنه من الصعب ضمهم الى حزب سياسي، لأن الاحزاب لها نظم وقواعد، بينما هؤلاء المتطرفون جماعات فردية كل واحدة لها قوانين خاصة بها في فرض الارهاب والاغتيالات". الكاتب والمفكر الاسلامي فهمي هويدي يرى ان التيار الاسلامي في مصر لا يتحرك في فراغ لكنه يتأثر بما حوله من عوامل سياسية واقتصادية واجتماعية ويقول: "التيار الاسلامي ليس كياناً واحداً لكنه فصائل وتجمعات مختلفة في مناهجها الفكرية ورؤيتها السياسية، والمشكلة الآن ليست في علاقة هذا التيار الاسلامي بالمجتمع ولكن في مدى الصحة التي تتوفر للمجتمع بحيث يدير علاقاته على نحو ايجابي بمختلف القوى السياسية فيه وكلما كان لهذه القوى فرصة للحركة الطبيعية والتفكير في مشاكلها بشكل مشروع كان ذلك مساعداً للتفاعل "الصحي" بين التيار الاسلامي والمجتمع. اما اذا تم التضييق على هذه التيارات او صودرت منها، فسيؤدي ذلك الى تعقيد هذه العلاقة بين مختلف القوى السياسية والمجتمع". ويضيف: "كل القوى السياسية مسموح لها بالنشاط في مصر ما عدا التيار الاسلامي، وحتى الناصريون اصبح لهم حزب وهذا موقف غير محايد يحدث ردود افعال غير صحية تعقد العلاقة بين التيار الاسلامي من ناحية والسلطة والمجتمع من ناحية اخرى، لذلك لا بد من توسيع نطاق الديموقراطية في مصر واتاحة الفرصة لجميع القوى السياسية للمشاركة وبعدها يمكن ان نحدد علاقته بالمجتمع والقوى السياسية فيه". ويعتبر هويدي ان تعامل التيار الديني مع القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي عانى منها المجتمع غير واضح ويقول: "التيار الديني مطروح فكيف نطالبه بتحديد موقفه من هذه القضايا وهو غيرمسموح له بالوجود الشرعي؟ والكرة الآن في ملعب السلطة في مصر وهي التي تحدد هذه العلاقة". وعن مستقبل تيار الاسلام السياسي يقول هويدي: "مستقبله مجهول فمنذ ان صدر قرار حل جماعة الاخوان المسلمين عام 1954 والاسلاميون بلا صفة رسمية، ولكن تضاعف عددهم مرات كثيرة والمستقبل الآن مرهون بالمفاجآت، فمن الممكن ان يحدث عنف وتطرف، ونحن لا نرى مقدمات ظاهرة والمستقبل حافل بكل الاحتمالات، فالتيار الاسلامي له وجوده في الساحة المصرية وله جماهيره، وقد اصبح اكبر تيار سياسي في مصر".