على الرغم من ان كل التوقعات كانت تشير بأن سعفة مهرجان "كان" السينمائي ستذهب هذا العام الى فيلم "هواردز أند" فإن فيلم "أفضل النوايا" لمخرجه الدانمركي بيل اوغوست والذي كان كتب له السيناريو انغمار بيرغمان، فاز بالجائزة الكبرى كأحسن فيلم، بينما فازت بطلته بيرتلا اوغوست بالسعفة الذهبية كأفضل ممثلة ونال تيم روبنز بطل فيلم "اللاعب" جائزة افضل ممثل. ريح خفيفة تحرك ما تبقى من اعلام ويافطات ترفرف في سماء المدينة. كان تكاد تلفظ آخر زبائنها. عمال يحملون الشاحنات وهم مشمئزون من كل ما يرون. وجوه بدأت تظهر اكثر امتلاء بالتجاعيد. وارصفة استعاد التمشي عليها اولئك العجائز من اهل "كان" الذين لا ينظرون الى ايام المهرجان السينمائي، الا بوصفها نقطة اعتراض مضجرة في مسار حياتهم الرتيبة. وهكذا تستعيد مدينة "كان" مظهرها الطبيعي شيئاً فشيئاً. ويتقاسم المشاعر حول يوم الاثنين 18 / 5 / 1992 الذي هو خاتمة ايام المهرجان اتجاهان: واحد يبدي قدراً من الحزن ازاء وداع. وفي كل وداع حزن. واتجاه يتطلع الى انقضاء هذه الايام التي هي في نهاية المطاف اشغال شاقة وان كان من نوع لذيذ. وحده قصر المهرجان والمناطق المحيطة به، لا يزالان يعمران بالحركة... واليهما تصب انهار البشر التي لا تزال مصرة على حضور المهرجان حتى لحظاته الاخيرة. هذه الانهار تجمعت بعد ظهر الاثنين متزاحمة مترقبة بلهفة، من ناحية لعلها ترى عن كثب بعض نجوم تحبهم، ومن ناحية ثانية تشوقاً لمعرفة الافلام التي سيعلن فوزها هذا المساء. طبعاً الفئة الثانية قليلة العدد نسبياً، لكنها الفئة الاكثر صخباً، لأن النقاشات محتدمة وكل يدلي بدلوه. ولكل واحد فيلمه المفضل، ينطبق هذا الكلام على جمهور السابلة العادي، او على الجمهور السينمائي النخبوي، لكنه ينطبق ايضاً على الصحافيين والنقاد والسينمائيين المشاركين انفسهم. اسهم نارية ضاغطة حين اعلنت النتائج النهائية مساء الاثنين 18 / 5 / 92 شعر الكثيرون بالطبع بشيء من الخيبة. فالواقع ان الضحالة العامة لافلام هذا العام، لم تمنع الكثيرين من توقع حدوث مفاجآت، تقلب الموازين لصالح هذا الفيلم او ذاك. ومن هؤلاء المتوقعين، خاصة، المنتج والثري الفرنسي الكبير فرنسيس بويغ الذي انتج فيلم دايفيد لينش "توين بيكس" واعتقد انه بانفاقه على عيد امتلأ بالاسهم النارية وشغل سماء "كان" قبل ليلتين، بامكانه ان يحقق جائزة ما، ان لم يكن الجائزة الكبرى لفيلمه "توين بيكس" لم يفز بأية جائزة، ولم يكن هذا مفاجآة لاحد، رغم جودة الفيلم التقنية، وشهرته كجزء مؤسس - وان كان أتى لاحقاً - لاحداث المسلسل التلفزيوني الشهير الذي يحمل الاسم نفسه. لكن عدم فوز "توين بيكس" لا يعني ان بعض الجوائز الاساسية لم تكن من نصيب الاميركيين. ولكن اي اميركيين؟ اميركيان نالا بفيلميهما، بعض اهم الجوائز هما جيمس ايفوري وروبرت التمان. ولكن الى اي حد يا ترى ينتمي كل واحد من هذين الى السينما الاميركية التي كان امين عام المهرجان جيل جاكوب يمتدحها ويمجدها حين اعلن مبكراً ان مهرجان هذا العام ستكون فيه الحصة الكبرى للاميركيين؟ فالحال ان التمان وايفوري - وكل على طريقته - منشقان عن السينما الاميركية.. بل واولهما، روبرت التمان الذي لم يكف طوال حياته ومسار عمله عن "فضح" شتى ضروب الفكر والحياة الاميركيين. وفيلمه الرائع المعروض في كان "اللاعب فاز بجائزة الاخراج، كما فاز ممثله الرئيسي كيم روبنز بجائزة افضل تمثيل رجالي هو الفيلم الذي يفضح فيه التمان نمط الانتاج السينمائي في هوليوود، وبه يستكمل مسيرته التنديدية: من "ماش" الذي يندد بحرب فيتنام، الى "ثلاث نساء" المندد بوضعية المرأة الاميركية، ومن "ناشفيك" الذي يفضح عالم الاستعراض، الى "ماكيب ومسز ميلر" الذي ينسف اسطورة "الغرب وقيمه الاصيلة"، الى "عرس" الذي يفضح العلاقات العائلية ومنظومة المظاهر.. عبر هذه المسيرة اعلن التمان نفسه دائماً على تصادم مع المجتمع الاميركي.. ولقد اوصله هذا التصادم، الى مبارحة اميركا بالفعل حيث يقيم اليوم في فرنسا. بيرغمان حاضر غائب لكي يصور "اللاعب" كان التمان عاد كرة اخرى الى هوليوود، دون ان يتنبه اهلها الى انه هناك كي يعريهم. وما فيلمه "اللاعب" سوى تعرية لهوليوود ولانظمة الانتاج فيها، من خلال حبكة سينمائية رائعة، يشكل المشهد الاول من الفيلم ذروة تألقها، ويمثل واحدة من اجمل حركات الكاميرا في تاريخ السينما، حيث تستعرض الكاميرا دون توقف ولثماني دقائق متواصلة عالم الاستديوهات والعلاقات البائسة، بشكل لم يسبق للسينما ان اقدمت عليه من قبل. اعطي "اللاعب" جائزة الاخراج وكان بالامكان اعطاؤه افضل جائزة. ومع ذلك لا يمكن القول بأن الفيلم الفائز بالجائزة الكبرى السعفة الذهبية لم يكن يستحقها. هذا الفيلم هو "افضل النوايا" للمخرج الدانمركي بيل اوغوست، الذي يحقق هنا انتصاره الكبير الثاني في "كان" خلال اقل من عشرة اعوام، اذ سبق له ان نال السعفة نفسها في العام 1988، عن فيلمه "بيلي الفاتح".. مع فاروق اساسي يمكن في ان سعفة هذا العام تبدو وكأنها اعطيت لانغمار بيرغمان اكثر منها لبيل اوغوست، لأن بيرغمان هو الذي كتب سيناريو "أفضل النوايا" وقوة الفيلم تكمن في الحقيقة في السيناريو حتى ولو لم نهمل جانب الاخراج. "أفضل النوايا" فيلم طويل حول العلاقات الصعبة بين البشر، ينتمي حقاً الى عوالم بيرغمان، من هنا لم يكن من المصادفة ان يوفر لممثلته الرئيسية بيرنيلا اوغوست دورها الرائع الذي جعلها تفوز بجائزة الاداء الانثوي في المهرجان. والحقيقة ان هذا الفوز كان متوقعاً منذ شاهد الحضور فيلم "أفضل النوايا" ولفتهم فيه قوة السيناريو وأداء الممثلة الرئيسية. يومها لئن كان البعض تحدث عن هذا الفيلم بوصفه مرشحاً جديداً لاحدى الجوائز، فإن الانظار كانت متجهة الى فيلم جيمس آيفوري بوصفه الفيلم الاكثر حظاً للفوز بالسعفة الذهبية. اسم الفيلم "هواردز أند" وصاحبه هو الآخر اميركي منشق كما اشرنا، لكنه منشق على طريقته الخاصة من دون ايديولوجيا ومن دون فضائح ومن دون ضجة. منذ سنوات عديدة يشتغل جيمس ايفوري في السينما، ويقدم تحفاً يقف الهواة امامها مذهولين.. في البداية حقق افلاماً في الهند ثم عن الهند، قبل ان ينصرف بعد ذلك الى استخلاص اجمل واروع ما في أدب الانكليزي فورستر ليحوله الى اعمال سينمائية كبيرة.. وفيلمه الجديد "هواردز أند" ينتمي الى هذا الاتجاه الذي يجعل الكثيرين ينسون اصول ايفوري الاميركية ويعتقدونه انكليزياً: رواية رائعة لفيلم متميز ينتمي الى السينما الصافية، السينما التي تقع في مكانة متقدمة بين عوالم فسيكونتي وعوالم دايفيد لين، حيث تتعانق الابعاد البصرية مع المضمون، ويبرز الاداء المدهش لممثلين تخالهم طالعين مباشرة من بريطانيا نهاية الفيكتورية / بداية الادورادية.. حيث تشتد اهمية الفسحة المعطاة للمشاعر وتختفي عوالم وتذوب الفوارق الطبقية بين العائلات.. مرحلة صعود وهبوط صورتها كاميرا جيمس ايفوري بروعة وبساطة، وتمكن اداء انطوني هوبكنز وايما طومسون وفانسيا ريدغريف، من التعبير عنها بشكل نادر. فيلم جيمس ايفوري يعيد الى السينما اعتبارها والى العةاطف ملكوتها، ويخرجه الى النور عملاقاً سينمائياً اعتاد ان يعمل وسط صمت وزهد نادرين. هذا العملاق هو جيمس ايفوري الذي صفقت له "كان" طويلاً، وكان المعتقد ان السعفة الذهبية ستكون له بكل سهولة!! اذا كان جيمس ايفوري ظلم على هذا النحو، وإن ظلماً خفيفاً طالما انه فاز على اي حال بالجائزة الكبرى الثانية المسماة "جائزة الدورة الخامسة والاربعين لمهرجان كان" فإن الايطالي جياني آميليو لم يظلم، اذ فاز بجائزة لجنة التحكيم الكبرى عن فيلمه "سارق الاطفال"، وهو فيلم ينتمي الى تيار فيلم "الرحلة" اي الفيلم الذي يروي رحلة يخوضها اسخاص او شخص واحد يتعلمون في الطريق كيف ينظرون الى الحياة نظرة اخرى. هذا الفيلم يقدمه لنا مخرجه الشاب من خلال حكاية طفلة واخيها يراد الحاقهما بمأوى للاحداث لكن المأوى يرفضهما فيضطر الشرطي الى مرافقتهما الى صقيلة. وطوال الطريق تنشأ بينهم تلك العلاقة الهادئة العذبة التي ترسم للعالم وللحياة صورة جديدة. فيلم هادئ "سارق الاطفال" ويغوص في عالم العواطف.. هذا العالم الذي يلوح ليهيمن على معظم الافلام التي شاهدناها في "كان" هذا العام. العواطف والصهيونية على اي حال اذا كان بالامكان اختصار العوالم السينمائية كما انعكست في "كان" عبر مفاتيح محددة سيمكن القول ان هذه المفاتيح هي: 1- عودة السينما الى مناخات كلاسيكيتها ولكن عبر استخدام امثل لتقنيات التصوير والصوت.. فالالعاب التصويرية لم تعد رائجة، ولئن اختار راؤول رويز، مثلاً، ان يقدم عملاً سوريالياً، في فيلمه "العين الكاذبة" فإن سورياليته لا تخرج من احسن الاحوال عن سوريالية لويس بونيال التي اضحت كلاسيكية. 2- معظم الافلام تتحدث عن بحث ما: البحث عن أب ضائع يراد استعادته، البحث عن عوالم مهجورة.. وهذا البحث يتم عبر رحلة بدائية يقوم بها اشخاص الفيلم فتقودهم الى اكتشاف ذواتهم كما في "سارق الاطفال" ولكن ايضاً كما في "الرحلة" للارجنتيني فرناندو سولاناس الذي اعطي جائزة اللجنة التقنية العليا، وكان بعوالمه السحرية وقوته التعبيرية واستخدامه لاقصى ما تقدمه السينما من امكانات، واحدة من التحف الصغيرة في المهرجان.. 3- معظم الافلام الآتية من اوروبا الشرقية، ومن الاتحاد السوفياتي، تحاول ان تمرر طرحاً ما للمسألة اليهودية لا يمكن اعتباره طرحاً بريئاً.. بخاصة وان هذه الافلام من "لونا بارك" لبافيل لونغين، الى "ليوبا" الى "وارسو" الى "براغ" الى غيرها يتم انتاجها بأموال غربية اختارت كما يبدو شركاءها في عالم السينما الشرقية، ووجدت انه من الواجب عليها ان تقدم انتاجات تستعيد الحقبة الذهبية للفكر الصهيوني معبر عنه عبر السينما! 4- في معظم الافلام ثمة سيطرة واضحة للعواطف، او رغبة في التعبير عن الحاجة الماسة اليها. لقد واضحاً ان انسان نهاية هذا القرن بات يخشى - وبصورة جدية - عالم الرعب الثلجي الذي يوعد به، لذا راح يعبر في الادب - وهنا في السينما - عن تلك الحاجة الى العاطفة.. حاجة نلمحها في القسم الاكبر من الافلام من "هواردز أند" الى "عن الرجال والفئران" الذي اقتبسه غاري سينيزي عن رواية جون شتاينبك وكان احد الافلام التي مثلت اميركا في المهرجان، ومن "افضل التوايا" الى "الرحلة" الارجنتيني وغيره.. العواطف وسط عالم لم تعد العواطف فيه شغل الزمن الشاغل. العواطف في سينما تعبر مرة اخرى ورغم كل شيء عن قهر الانسان ورغباته بعد ان صار جزءاً من التاريخ ذلك الزمن كانت فيه السينما تحتفي بنقل صورة الواقع نقلاً حرفياً. طفل من شرق الاتحاد بكل اختصار تلكم هي الدروس التي يمكن استخلاصها من خلال النظر الى الافلام التي رأى "محكمو" المسابقة الرسمية في مهرجان "كان" الاخير انها جديرة بأن تمنح جوائزهم.. وكما اشرنا لم يحمل هذا الاختيار اية مفاجآت جديدة وان كان البعض أسف لغياب فيلم من هنا او فيلم من هناك. هذا بالنسبة الى افلام المسابقة الرسمية التي يمكن ان نضيف اليها كذلك فيلمين نالا مشاركة جائزة لجنة التحكيم: فيلم "حياة مستقلة" للروسي فيتالي كانيفسكي، الذي كان قد ادهش محبي السينما قبل عامين بفيلمه الاول "لا تتحرك. مت. وعد الى الحياة من جديد". في هذا الفيلم الجديد يتابع هذا المخرج رواية سيرة الطفل فاليركا الذي كان قدمه لنا في فيلمه الاول طفلاً مطلاً على الحياة في مدينة تقع الى اقصى الشرق من "الاتحاد السوفياتي". هنا يطالعنا فاليركا مراهقاً، يقع في غرام اخت صاحبته الطفلة. ويقف لحظات ليتأمل حياته والخيانات والاكاذيب التي ملأتها، فيلم ينتمي الى نوع من السيرة الذاتية. نوع ندر وجوده في تظاهرة "كان" لهذا العام. الفيلم الثاني الذي نال الجائزة نفسها هو "حلم الضوء" للاسباني فيكتور ايريس، وهو فيلم غريب وطويل تضاربت الآراء في صدده: بعضها رآه مملاً ولا جدوى منه، والبعض الاخر رآه فيلماً شفافاً عذباً يمزج بشكل خلاق بين عالمي الصورة السينمائية والفن التشكيلي، عبر تصويره لرسام اسباني شهير، وهو ينجز لوحة من لوحاته، ما نشاهده طوال الفيلم هو هذا الانجاز، وسط احداث عالم لا تنقطع، عذب وشفاف هذا الفيلم، لكنه طويل اكثر مما ينبغي.. ويثير العديد من الاسئلة حول لمن تصنع السينما ولمن تتوجه. خارج المسابقة الرسمية كانت هناك تظاهرات عديدة اخرى ابرزها تظاهرة الافلام القصيرة التي عرض خلالها ثلاثة عشر فيلماً، ونال الجائزة فيها فيلم "القطار" الفرنسي الذي يروي لنا قصة تنتهي بما يشبه النكتة السوداء.. كما نال جائزة لجنة التحكيم فيلم "الحس" البلجيكي. في مسابقة الكاميرا الذهبية، كانت الجائزة من نصيب فيلم "ماك" من اخراج جون تورتورو الذي قام بالدور الرئيسي في الفيلم الذي فاز بسعفة كان في العام الفائت "بارتون فنك" للأخوين كوين، ويريد الآن ان يجرب حظه في الاخراج. اما في تظاهرة "نظرة ما" فلقد منحت شركة "جيرفي" جائزة خاصة للفيلم الايراني "الحياة مستمرة" لعباس كياروستامي الذي يعتبر الآن واحداً من ابرز ممثلي الاتجاه الجديد في سينما ايرانية بدأت تخرج من سنوات الجمود لتقدم ما يلفت نظر العالم حقاً. فيلم "الحياة مستمرة" يروي فيه المخرج حكاية اب وابنه يتوجهان الى المنطقة التي كان الزلزال ضربها في ايران اخيراً بحثاً عما آل اليه مصير ممثلين صغيرين مثلاً في فيلم "أين بيت الاصدقاء" الذي كان كياروستامي نفسه صوره قبل الزلزال. هذا الفوز الذي حققه صاحب فيلم "لقطة مكبرة" هو الانتصار الوحيد للسينما الشرقية، علما بأن تمثيل هذه السينما كان ضئيلاً خلال كان العام.. وكاد ان ينحصر في فيلمين "بيزنس" لنوري بوزيد. و "في بلاد الجولييت" لمهدي شريف. الاول من تونس، وفيه يخرج صاحب "ريح المد" و "صفائح من ذهب" عن اطار سيرته الذاتية ليقدم فيلماً معقد التركيب، غير واضح النوايا عن السياحة في تونس وتأثيرها السلبي على اخلاق الاجيال الشابة. الفيلم جيد سينمائياً ويسيطر مخرجه بشكل ذكي على لعبة الاداء فيه، لكنه ضعيف من ناحية البناء الفيلمي ويستغرق المخرج وقتاً طويلاً قبل ان ينتقل من استعراض الشخصيات الى ولوج "الحكاية". فيلم مهدي شريف افضل نسبياً، وان كان لم ينل حظوة عند الكثيرين. الفيلم فرنسي يخرج فيه مهدي شريف عن اطار افلامه التي كان يتناول فيها حياة عرب فرنسا، ليركز هنا على ثلاث نساء يخرجن من السجن ليوم واحد في اجازة، فيتصادقن وتصبح كل منهن صورة للاخرى، ويكتشفن صورة للحياة جديدة. بنى مهدي شريف فيلمه انطلاقاً من "أليس في بلاد العجائب"، وهو لئن تمكن من ايصال رسالته، فإنه عجز عن جعل البنية السردية لفيلمه مقنعة. على هامش المهرجان عرض ايضاً فيلم عربي للمخرج الجزائري عبدالكريم بهلول بعنوان "مصاص دماء في النعيم" وهو امثولة ساخرة طريفة ومبتكرة حول العلاقات الفرنسية ? العربية في فيلم جيد الصنعة مسل وفاضح لعقيلة فرنسية معينة. رسمية او غير رسمية. مفاجآت او من دون مفاجآت، انقضى مهرجان كان لهذا العام صاخباً كما بدأ.. وانتهى عيد للسينما لتليه اعياد اخرى. واثبتت السينما مرة اخرى انها الفن الذي لن يتوقف الناس عن اعلان موته، والفن الذي ينبعث دائماً من رماده. والا فكيف نفسر الارقام التي تقول لنا ان زوار كان هذا العام - عدا عن الجمهور العادي = اربى عددهم على العشرين الفاً بين سينمائي وصحافي وتاجر وناقد؟ رقم يقول اشياء كثيرة، ومن بين هذه الاشياء ان السينما في خير.