* النظام الليبي سيسقط اذا اتخذ مجلس الامن اجراءات إضافية ضده * القذافي طلب مقابلتي... والمعارضة في الخارج متواضعة طالب عبدالحميد البكوش رئيس وزراء ليبيا السباق، في مقابلة خاصة مع "الوسط"، العقيد معمر القذافي بتسليم المتهمين في حادثي تفجير طائرتي الركاب الاميركية والفرنسية - الاولى فوق لوكربي عام 1988 والثانية فوق النيجر عام 1989 - وذلك لمحاكمتهم، لكنه توقع نتيجة ذلك ان يدلي المتهمون باعترافات "تدين القذافي نفسه". وأعرب البكوش عن اعتقاده بأن النظام الليبي سيسقط اذا ما اتخذ مجلس الامن الدولي اجراءات اخرى "أشد قسوة ضده". وكشف البكوش ان العقيد معمر القذافي طلب مقابلته في الفترة الاخيرة، واعترف بأن المعارضة الليبية في الخارج "متواضعة" في حجمها وقوتها وتأثيرها. ويعتبر عبدالحميد البكوش من المعارضين البارزين لنظام القذافي، وهو تولى رئاسة الحكومة في بلده خلال عامي 1967 و1968 وعمل قبلها وزيراً للعدل وعين عام 1969 سفيراً لليبيا في باريس. ويعيش البكوش منذ 1977 كلاجئ سياسي في مصر، وتعرض لمحاولتي اغتيال، الاولى عام 1984 والثانية عام 1986. وفي ما يأتي نص المقابلة مع البكوش: * هل تعتقد ان العقيد معمر القذافي سيجد حلاً للأزمة بينه وبين الدول الغربية الثلاث الولاياتالمتحدة وفرنسا وبريطانيا وأي حل لهذه الازمة تقترحه عليه؟ - اتمنى الا يجد القذافي حلاً لهذه الازمة. * كيف تتمنى ذلك وانت، في نهاية الامر، مواطن ليبي؟ - لأن خلافنا مع القذافي ليس على اسلوب مواجهته للأزمة، ولكن على تحويله ليبيا الى سجن كبير ومكان للقتل، بحيث صرنا كمواطنين نتمنى التخلص منه بأي ثمن واية وسيلة. وعموماً اعتقد بوجوب تسليم المتهمين وفقاً لما نص عليه قراراً مجلس الامن الرقم 731 و748 لأن التمسك بفكرة السيادة صار تفكيراً بالياً. فالحفاظ على حقوق الانسان يجب ان يسبق السيادة، ويجب الا يسمح العالم لأي ديكتاتور بأن يختفي وراء فكرة السيادة الوطنية ليبرر جرائم الدولة ضد المواطنين او ضد الاجانب. على القذافي ان يسلم المتهمين للمحاكمة، وأنا اعتقد انهم سيدلون باعترافات تدين معمر نفسه، فلا احد يصدق ان جريمة لوكربي بنفقاتها واهميتها هي جريمة فردية. لكن، في المقابل، اعترض بشدة على اي عمل عسكري يوجه ضد الليبيين، بل يجب توجيه اي عمل الى رئيس الدولة، لأننا اذا سمحنا بضرب الشعب الليبي عسكرياً نكون بذلك عاقبنا من لم يرتكب الجريمة. * كيف يمكن ان تطالب بضرب رئيس دولة من قبل اجانب، اياً كانت الجهة التي يمثلونها؟ - نحن نرى ان العالم يحكمه مغامرون ليست لديهم اية مؤهلات لرئاسة الدولة، فهم يقفزون الى السلطة بمؤامرة ويمارسون الارهاب في داخل بلادهم وخارجها، بل ان مثل القذافي يفاخر بهذا ولا يخفيه، فكيف نسبغ عليهم صفة الرئاسة ونسمح لهم بالاحتماء خلف اية شرعية؟ * ولكن هذا الباب اذا فتح فانه سيسمح لأي كان ان يمارس اي ظلم عالمي تحت مظلة الشرعية الدولية؟ - الظروف السائدة في العالم الآن تجعلنا نقبل احتمال اساءة استعمال السلطة الدولية ونعتبره افضل من ان نتمسك بسيادة تحمي الطغاة والقتلة. * هل تتوقع ان تؤدي ازمة لوكربي الى الاطاحة بنظام العقيد القذافي؟ - هذه الاجراءات التي اتخذها مجلس الامن حتى الآن، لن تتسبب في الاطاحة بنظام القذافي لأن عبئها لا يقع عليه شخصياً، ويستطيع العيش بها او معها. ولكن اذا اشتدت اجراءات مجلس الامن ووصلت الى حالة الحصار الكامل لمدة معقولة فسيؤدي هذا حتماً الى انهيار النظام وثورة الشعب. * تقول ان عبء الاجراءات الدولية يقع على الشعب وليس على الحاكم، فكيف تطالب بتشديد هذه الاجراءات على شعبك؟ - تشديدها سيدفع الناس الى مواجهة القذافي. * هل هذا يعني ان الليبيين لا يرغبون، حتى الآن، في مواجهة النظام، وأن المطلوب هو اجراء اصطناعي من الخارج لدفعهم الى هذه المواجهة؟ - الناس خائفون الى الحد الذي يدفعهم الى تجنب المواجهة، ولكن اذا اشتدت العقوبات الدولية فسيفقد القذافي ولاء جيشه وحرسه بما يشجع الناس على الاقتصاص منه. وأنا دائماً اعتقد ان اهمية القذافي وقدرته على الارهاب الدولي لا تأتي من ذكاء اجهزته وانما من توافر المال لديه. وليس لليبيا دخل سوى البترول، ولذلك اذا حرم من هذا المورد فسيفقد قدرته على الارهاب. كما اعتقد ان الاوروبيين والاميركيين هم الذين مولوا الارهاب الموجه ضدهم من القذافي، لأن البترول الليبي لا يباع الا لهم، وعليهم الآن الخيار بين الاستمرار في تمويل الارهاب القذافي او التوقف عن ذلك. ما هي المعارضة الليبية؟ * سؤال قد يبدو بديهياً: ما المقصود بالمعارضة الليبية؟ - منذ وصول معمر القذافي الى السلطة بانقلاب ايلول سبتمبر 1969، كان من اول تصريحاته: "من تحزب بعد اليوم خان"، وتحت ستار حماية الثورة اصدر قانوناً اسماه "حماية الثورة" يعاقب بالاعدام كل من يعارض الثورة، او يعلق على تصرفات قادتها، او ينشر الشائعات، او يثير الفتنة والبغضاء او يهين السلطات الثورية. وببساطة فان هذا القانون منحه الحق في اعدام كل من يفتح فمه. ولم يكتف معمر بهذا، فقد انتظر الى ان تخلص من زملائه اعضاء مجلس قيادة الثورة، وقام بتصفية الجيش من العناصر التي لا يريدها، واعاد تشكيله بمجموعة من اقاربه، ومن الذين يثق فيهم من الضباط والجنود، من دون حساب لأية مؤهلات، ولذا تجد الجيش الليبي الصغير الذي لا يزيد على الأربعين الفاً اليوم ليس فيه ضابط واحد مؤهل تأهيلاً عسكرياً، ولا يصلح لأن يكون جيشاً محارباً، والدليل هو ما حدث له في تشاد، حينما هزمه جنود حفاة اكبر اسلحتهم سيارة نقل تويوتا مثبت عليها رشاش. ولم يكتف معمر بهذا، بل اعلن بدعته الجديدة: "الثورة الشعبية" وبدأها بنقاط "زوارة" الخمس زوارة مدينة في غرب ليبيا على الحدود مع تونس عام 1973، وتقول هذه النقاط ان القوانين عمل رجعي، وان الحكم لله، وان القذافي ليس حاكماً وانما قائد للثورة، وأعلن سلطة الشعب وان الشعب يحكم نفسه بنفسه، وانشأ ما يسمى اللجان الشعبية واللجان الثورية والتي تتكون من مجموعة من الاشخاص يختارهم او يوصي باختيارهم ولهم سلطات مطلقة. واصبحت الدولة الليبية لا هيكل لها ولا عظام ولا مؤسسات من اي نوع، صارت ليبيا بلداً تحكمه مجموعة من اللجان المسلحة ذات السلطة المطلقة في شكل عصابات. لم يعد هناك اي لقب لأي ليبيا، فأنت لا تعرف من يحكم من. فوق هذا لم يعد يذكر اسم في ليبيا، حتى هذه الساعة، الا اسم العقيد معمر القذافي قائد الثورة، وفي الاذاعة والتلفزيون عندما يشيرون الى مسؤول ليبي في اي مركز يقولون: امين الشؤون الخارجية، او امين الاقتصاد، لا بل حتى في ميدان كرة القدم لا يشار الى اللاعبين الا بأرقامهم. وفي مجلس يسميه العقيد مؤتمر الشعب العام، يجتمع حوالي الف شخص ويلقي فيهم قائد الثورة خطاباً سنوياً، واذا اراد احدهم ان يوجه سؤالاً يرفع لافتة من الكارتون عليها رقم، فيقول العقيد: "رقم كذا يتكلم"! وتوسع مفهوم العداء للثورة او حمايتها ليشمل كل شيء، وتتابعت احكام الاعدام، فأعدم طلبة منهم من هو قاصر لا يتجاوز عمره 16 عاماً، وعلقوا على اعواد في الشوارع ونقل التلفزيون مشاهد جثثهم، وبعض الذين لم يرتضوا هذه التصرفات تم اغتيالهم في داخل ليبيا، او خارجها، وسمح لذويهم - بأمر من معمر - ان يدفنوهم، وبعد شهر فقط، اعلنت اللجان الثورية ان هذه الجثث لخونة تشوه تراب الوطن، فقاموا في مواكب رسمية، لتنبش هذه القبور وتلقى بالجثث الى البحر. ناهيك عن الكتاب الاخضر، والتخريب في البلاد العربية، وتمويل الارهاب بما لا تستفيد منه ليبيا. كل هذه الظروف جعلتنا، كليبيين، نحس اننا في مأساة واننا ضحية حكم دموي جاهل، وان معمر امتلك كل السلطة في يده، وصار يتحكم في مصائرنا لدرجة انك تشعر ان السلطة تنام في فراشك في ليبيا التي غيّر معمر اسمها الى الجماهيرية العظمى. واذا سمى معمر بلداً صغيراً بكل امكاناته ب "العظمى" يمكنك ان تعرف نوع تفكيره. ضجت الناس وفر بعضنا بجلده ودمه ليسكن مناطق مختلفة من العالم، ومن البلاد العربية، بعضهم في مصر، وبعضهم في سورية، والبعض الآخر في اوروبا، واميركا ودول المغرب العربي، محاولين ان يقولوا للدنيا اننا مظلومون بهذا الاسلوب في الحكم الذي لا مثيل له في التاريخ. لقد بدأت المعارضة بدوافع انسانية اكثر منها سياسية، لأن الامر كان يمكن ان يكون اكثر سهولة لو ان معمر ديكتاتور يتمتع بقدر من الوقار، عندها تصبح معارضة سياسية لاخراجه من السلطة واستبداله بنظام ديموقراطي افضل، لكن الحقيقة اننا نسينا القضية السياسية، فنحن لا نطالب بقوانين عادلة، ولكننا نطالب بقوانين ظالمة، المهم ان تكون هناك قوانين. ليبيا كلها معارضة، ولكن الناس اعجز من ان تفعل شيئاً، الناس ليس لديها خبرة تنظيم سياسي سابق، بل فوجئوا بهذا القدر المبالغ فيه من الدموية والارهاب. معمر تمكن من البلد بجيش صغير يستطيع التحكم فيه بأموال طائلة وفرها له دخل البترول، وبتركيزه على الاحتفاظ بالسلطة ونسيانه اي شيء آخر، فاقتصاد البلاد مهدم وتعليمها مهدم وحياتها الاجتماعية فاسدة. ونحن الذين استطعنا ان ننفد بجلدنا الى خارج البلاد حاولنا منذ عام 1977 ان نصيح في وجه العالم: "قفوا معنا في وجه كل هذا"، فالمعارضة بدأت - كما اوضحت - ليس لجدل سياسي، او طموح الى السلطة. انا لا اعرف معارضاً خارج ليبيا يفكر في كرسي الحكم الذي يجلس عليه معمر، بل اننا نريد نوعاً من الحكم - على الاقل - شبيه بما هو في البلاد العربية الاخرى. هذه المطالب الانسانية لتخليص ليبيا من عمليات الدم والارهاب وجدت آذاناً صاغية في اواخر السبعينات من بعض المسؤولين العرب، وبعض الهيئات المهتمة بحقوق الانسان في العالم كله، ولكن مع الاسف استطاع معمر بعلاقاته وبخدمته لمصالح اوروبية واميركية، في مرحلة ما، وبصلاته العربية، وبالظروف التي تمر بها الامة العربية من الوهن والانشغال بمشاكلها الخاصة، استطاع ان يجعلنا عاجزين عن تكوين قوة لمواجهته، فبقينا شتاتاً من الاشخاص". لا دعم عربياً للمعارضة * ماذا اذن عن خريطة هذه المعارضة في الشتات؟ - المعارضة الليبية هي اشخاص توزعوا في بلدان كثيرة، عربية وغير عربية، والمحزن ان اهتمامات معظم البلدان العربية ازاء المعارضة الليبية لم تكن موقفاً من النظام الليبي بقدر ماكانت استخداماً لعناصر ليبية معارضة ضد معمر القذافي اعلامياً فقد عندما تكون على خلاف معه، او عندما يمارس ارهابه عليها، ولذلك حاولت كل دولة لجأ اليها ليبيون معارضون ان تجمعهم وان تنفرد بهم وتستخدمهم عند الحاجة، فلم يساعد احد المعارضة الليبية على تجميع شتاتها في بلد واحد، او على تقوية الصلات بينها. هناك مجموعة من المعارضين الليبيين الشباب في الولاياتالمتحدة ولكن اهم مجموعاتنا اطلاقاً هي "جبهة الانقاذ"، التي ينتشر نشاطها بين بريطانيا واميركا ويقودها الاخ محمد المقريف، وهناك مجموعات، اجد حرجاً في ذكرها، في المغرب وتونس فهي في بيات شتوي! * دعنا نتوقف للاستيضاح، فهذه المجموعات في اجمالها وتفصيلها تمثل افراداً ليبيين تعاونوا - بالفعل - مع العقيد معمر القذافي وقت وجودهم في ليبيا، فما الذي فجر فيهم فجأة طاقات المعارضة والنضال لدى خروجهم من ليبيا؟ - انت تعرف طبيعة الحياة، ومن الصعب الحكم على سلوك الانسان بشكل مطلق، بعض المعارضين شغلوا مناصب مع نظام القذافي وخدموه وتعاملوا معه، ولا اعتقد ان هذا يسيء الينا، لأن بعضهم او كثيراً منهم في البداية اعتقدوا انهم يمكنهم الاصلاح من الداخل وان يكونوا عناصر خيرة داخل السلطة القذافية توجهها توجيهاً افضل، واعرف منهم من وصل الى مرحلة اليأس في السنة الثانية، ثم اليأس الكامل العام 1973 عند اعلان نقاط "زوارة" الخمس، وأي ليبي حتى لو وصل اليوم الى اليأس من النظام وشعر ان عليه واجب مناهضته فهو مشكور على ذلك! * اي عمل منظم يحتاج الى لون من الوان التمويل، فكيف تدبر فصائل المعارضة الليبية امر تمويل نشاطاتها خصوصاً انها - كما ذكرت - كانت على استعداد حتى للتحالف مع قوى خارجية مثل حبري ضد بلادها؟ قلت لك ان خيبة املنا في الامة العربية كانت كبيرة، فحتى تسهيلات القمة كانت كثيرة الصعوبة في بعض البلدان العربية، ناهيك عن تقديم الاموال، فالمعارضة الليبية لم يقف احد معها الا الليبيون. بعض الليبيين من ذوي الثروات موجودون في الخارج، وبعضهم من الداخل بامكانهم ان يسربوا بعض الاموال لتقديم مساعدات في حدود ضيقة، فهذه مأساة المعارضة الليبية، وعناصرها: قلة الخبرة السابقة، دموية معمر وارهابه، عزوف البلدان العربية عن احتضان المعارضة الليبية وتمويلها. ولذلك اعتبر ان بقاء المعارضة الليبية صوتاً مسموعاً مرفوعاً في مكان ما كان نتيجة جهود جبارة وليس امراً سهلاً. القذافي طلب مقابلتي * في الفترة الاخيرة بدا على النظام الليبي، في ما يتعلق بصلاته العربية، او علاقاته الخارجية او بعض ملامح حكمه الداخلي، انه ينحو الى الاعتدال، الم تكن هذه بادرة مشجعة لكم للسعي الى الحوار؟ - لا.. لا.. لا.. لا. في داخل ليبيا لم يحدث اي تغيير، بل ان الامور تزداد سوءاً كل يوم، وما زال مبرر الوجود لمعمر هو نظريته عن العالمية الثالثة، وحكم اللجان الشعبية والثورية، وهذا الاسلوب الغوغائي غير الحضاري في الحكم، فهذه من مقومات وجود معمر التي لا يتنازل عنها ولا يقبل النقاش فيها، وحتى في زياراته الاخيرة الى مصر استمعتم الى ما يقوله مثلاً عن رفض الديموقراطية وهي - في رأيه - كلمة "ديموكراسي" وتأتي لغوياً من ديمومة الكراسي! لم يتغير شيء! وفيما يتعلق بصلات النظام الليبي بالارهاب، اود ايضاح ان سوق الارهاب كاسد هذه السنوات، ولكنني اؤكد انه لو نشط هذا السوق لنشط دور ليبيا فيه. علاقات ليبيا بالدول العربية تبدو متحسنة، ولكنها في فترة التقاط انفاس بالنسبة الى النظام الليبي، ولم يحدث تحسن حقيقي على الاطلاق، ولذلك تسمع عن فرقعات اعلامية صادرة من ليبيا من حين الى آخر بلا معنى وبلا منطق، ولا يعرف العرب، على الاقل الذين تحدثت اليهم من المسؤولين، ماذا يريد النظام الليبي والى اين هو ذاهب والى متى يستمرون في علاقة الابتسام معه. انا لا اعتقد ان النظام الليبي تغير، ولو لاحظت تغييراً نحو الأحسن لصفقت لهذا النظام وشجعته. * ألم تحدث محاولة اتصال بك من النظام الليبي؟ - حصلت محاولة ولكنها لم تتم على رغم رغبتي الشديدة في ان اقول لمعمر وجهاً لوجه ما اقوله عنه وأنا خرج ليبيا، وعلى رغم انه يسعدني ان يستمع الي او يستمع الى غيري. لقد طلب معمر مقابلتي لكنني كنت اعلم انه لن يستمع ولم يكن هناك ضمان للجلوس اليه لوقت كاف، فأنا لا اريده لمقابلة سلام شخصية، كما لم تصلني موافقة ليبية بأن اعلن كل ما سيدور بيننا اذا تمت المقابلة. * هل جرت هذه المحاولة منذ فترة قصيرة؟ - جرت قبل اشهر قليلة. * الملاحظ ان المعارضة الليبية لها صلات بكل رجال الحكم في ليبيا، فهل يعني هذا ان خصومتها تتركز على شخص العقيد القذافي؟ - ليس هذا صحيحاً، فالمعارضة الليبية تناهض النظام كله، وهذا النظام له خصوصية ليست في انظمة الحكم الفردية الاخرى التي نعرفها، وهي خصوصية تفرد معمر بالتفكير والرأي والتنفيذ وكل شيء، فليس هناك انسان الى جوار معمر يشاركه في اي أمر، وبالتالي فمسؤولية ما يحدث في ليبيا هي في عنق معمر القذافي شخصياً، ولكن هذا لا يعفي من المسؤولية هؤلاء الذين يعاونونه على التنفيذ. المعارضة اذن ضدهم وضد هذه المعاونة، ولكن على السطح قد يبدو لك ان كثيراً من الليبيين على علاقة طيبة برجال الحكم، بحكم قلة العدد، ووجود رابطة الدم، فيكاد يكون كل ليبي هو قريب للآخر، ولكن من وجهة نظر المعارضة فكل اعضاء النظام مسؤولون عما حدث وسيحدث، اما معمر فهو اكبرهم مسؤولية بحكم تفرده بالسلطة. * لو التقيت العقيد معمر القذافي ماذا تقول ايه؟ - ليس بيني وبين العقيد ثأر شخصي، فاذا اعترف بي مواطناً والتقينا سأقول له: "يا أخ معمر ماذا حققت، لن نقول للعرب، او لليبيا، ولكن ماذا حققت لنفسك خلال 20 عاماً من الضنك والاجهاد والمشاكل. ليبيا كانت تنعم قبلك بقدر من الرفاهية وكان هناك دستور واحترام لحقوق الانسان واستقلال القضاء، لم تكن الدولة المثالية، ولكنها كانت من مستوى دول المنطقة. قبلك كانت هناك طموحات لدى الشعب الليبي بأن ينتقل الى نظام افضل، ولكن ما حدث هو انه انهار في الهاوية. فماذا استفدت وماذا حققت؟ وأية فائدة تجنيها من القتل والارهاب وانفاق الاموال؟ كيف يمكن ان ترتاح وانت تحكم بلدك بلا مؤسسات وبلا تعليم وبلا ادارة عصرية؟ كيف ترتاح وليس هناك ليبي واحد يستطيع ان يجاهر برأيه؟ كيف ترتاح والنمو الاقتصادي في ليبيا قد توقف وانتهى؟ وانت ما زلت تنفق الاموال على مشاريع وهمية؟ كيف تسمح ان تسمي ليبيا "العظمى" وهي بلد صغير متخلف؟ ألا تفكر بما سيكتبه عنك التاريخ؟ * واذا دعاكم العقيد الى حوار قومي وطني للمعارضة يمثل هو فيه النظام، للوصول الى صيغة وسط من دون ان تضعوا شرط المشاركة في الحكم... فهل توافقون؟ - انا رجل عملي مارست السياسة وأقول نحن لا ننافس معمر على السلطة، نحن نفكر في ديموقراطية وحرية حزبية وحرية صحافة واستقلال قضاء، ودستور محترم وتقديس لحقوق الانسان. نريد من حاكم ليبيا ان يمارس السلطة بأسلوب متحضر وليس بأسلوب اللجان الشعبية الغوغائي، وان يقيم لليبيا دولة وحكومة وهياكل معروفة، وان يسمح لي ولغيري بقدر من المشاركة السياسية وان يذهب الناس الى صناديق الانتخابات ليختاروا ممثليهم في الحكم المحلي.