لا شك ان النجمة نبيلة عبيد تعد واحدة من اقدر الفنانات اللواتي نجحن في الفترة الاخيرة في تجسيد شخصية المرأة بكل ابعادها من حب وكراهية وعنف ورقة ووداعة كما اكد على ذلك كثير من النقاد والجمهور بعدما مثلت افلاماً مأخوذة عن قصص للكاتب احسان عبدالقدوس واهمها بالطبع "ارجوك اعطني هذا الدواء"... و "العذراء والشعر الابيض" وأخيراً "ايام في الحلال". ولما تأكدت انها صارت في هذا المضمار من دون منافسة، فإنها على حد قولها، تبحث عن "تيمات" فنية جديدة لذا اتجهت الى اعمال روائية اخرى لأهم الروائيين المصريين وعلى رأسهم الكاتب نجيب محفوظ حينما مثلت له فيلم "سمارة الامير" الذي يعرض حالياً في القاهرة. والمتتبع لمشوار الفنانة نبيلة عبيد الفني يجد انها بدأت نجمة ساطعة عندما ظهرت لأول مرة في فيلم "رابعة العدوية" ثم خفت نجمها وأفل تماماً بسبب انفصالها عن زوجها المخرج عاطف سالم، وآثار نكسة 1967 على الحياة الفنية بشكل عام، ولكنها سرعان ما تجاوزت تلك المرحلة بفضل الكاتب احسان عبدالقدوس الذي وجد فيها ضالته المنشودة وكأنها اصدق تجسيد للمرأة التي يعبر عنها في اعماله. ولكن ما هي اخبارها في هذه الايام؟ "الوسط" التقت بها وأجرت الحوار الآتي: * هل كانت السينما بالنسبة لك تقرير مصير ام ضربة حظ؟ - لا المسألة بالنسبة لي ليست مسألة مصادفة ولكنها كانت مصيراً واختياراً لمهنة عشقتها منذ صباي حينما ذهبت ذات مرة الى سينما شبرا بالاس احد اهم دور العرض في الحي الذي كنت اسكنه في ذلك الوقت، فحينما شاهدت هذا العالم عالم الخيالات المتحرك امامي على الشاشة الكبيرة... وظللت اتحين الفرصة تلو الفرصة ليكون لي مكان في هذا العالم المثير الى ان تزوجني عاطف سالم احد اهم مخرجي السينما المصرية وقدمني في رائعة "رابعة العدوية". * وماذا بعد "رابعة العدوية"؟ - الحقيقة انه وقع الانفصال بيني وبين عاطف سالم وبدأت اتحرك وحدي فقدمت عدداً من الافلام العادية للغاية، ثم جاءت النكسة وآثارها السلبية جداً على الحقل السينمائي في مصر واضطررت الى الهجرة الى لبنان حيث قدمت مجموعة من افلام ضعيفة في مستواها الفني. وبقيت على هذه الحال الى ان قادتني قدماي ذات مرة لمشاهدة احد افلامي وكان اسمه "شباب في محنة" ومنذ هذا التاريخ اعلنت بأنه لا بد لي اذا اردت ان اكون شيئاً في "عالم السينما" ان اتوقف عن تلك المرحلة الرديئة بأي شكل من الاشكال. * هذا عن المرحلة الاولى من عملك في مجال السينما، ماذا عن المرحلة التالية؟ - المرحلة التالية لمرحلة الضعف والتدهور يمكن ان تقول عنها انها مرحلة الاعتماد على الذات بمعنى ان اختار النص وأشرف على تحويله سينمائياً وكانت الفرصة حينما ذهبت الى الكاتب الكبير احسان عبدالقدوس وطرحت عليه فكرتي بالنسبة للمرحلة الجديدة، فعرض علي قصة وسقطت في بحر العسل وكانت الطامة الكبرى لما عرض الفيلم اذ انه منيّ بخسائر مالية كبيرة وربما لأنني لم ادرس السوق في ذلك الوقت بشكل جيد. فقدمت فيلماً رومانسياً حالماً وسط مجموعة من الافلام التي ناوشت افكار الطبقات الجديدة في مجتمعنا. * وما هو احساسك وقتها؟ - احسست انني ادور في حلقة مفرغة مما ادى بي ان اقبل التنازل مرة اخرى واشارك في بطولة الافلام الاخرى، فقط لاثبات التواجد. ولكن كان اصراري هو ظلي الذي جعلني اليوم نجمة مصر الاولى كما يلقبوني. المرحلة الثالثة * معنى هذا ان هناك مرحلة ثالثة في حياتك الفنية؟ - بكل تأكيد، وبدأت بالفكرة نفسها وهي الذهاب الى الكاتب القدير احسان عبدالقدوس لأطلب منه رواية جديدة لتقديمها سينمائياً. وكان عرض هذه المرة قصة "ولا يزال التحقيق مستمراً"... ومن يومها ما زال النجاح مستمراً. * ما هو تعليقك على نجاح فيلم "التحقيق" وعدم نجاح "بحر العسل" رغم انهما لمؤلف واحد؟ - اعتقد ان السبب الاساسي في نجاح الفيلم "ولا يزال التحقيق مستمراً" هو تقديمي اول مرة في حياتي الفنية دوراً بمثل هذه الشخصية لملامح الشر الموجودة فيها بشكل متقن جداً، ورغم ان هذا ليس قريباً من طبيعتي فنجح نجاحاً هائلاً، مع ان طبيعتي اقرب الى الرومانسية التي قدمتها في فيلم "بحر العسل"، الا انه فشل. * ألم تستوقفك تلك الظاهرة وقتها؟ - فعلاً استوقفتني للغاية لدرجة انها اصابتني بذعر شديد وتخيلت وقتها ان السوق لم تعد لها اي معايير للنجاح او للسقوط وضربت اسداساً في اخماس وتساءلت: هل صار النجاح وليد الصدفة؟ ومع هذا قررت ان استمر في تقديم الاعمال الجادة ذات التناول المختلف وكان بعدها فيلم "العذراء والشعر الابيض" قدمت في دور الام وكانت المرة الاولى، ونجح، وكما قلت ان حياتي الفنية الجديدة بدأت بالتحديد من فيلم "ولا يزال التحقيق مستمراً" الى آخر افلامي الذي لم يعرض بعد وهو فيلم "الغرقانة" للكاتب حسن شاه واخراج محمد خان. * هل هناك مقومات معينة ادت الى استمرار نجاحك منذ هذا التاريخ وحتى الآن؟ - اعتقد ان النجاح لا يأتي بمحض الصدفة، وانما هو دائماً حتى ولو جاء بتلك الطريقة في حاجة الى اعداد وتخطيط وتنظيم وأولاً اختيار، وهو ما اقدمت عليه منذ اختياري لقصة "وسقطت في بحر العسل" وانتاجها ايضاً. فأنا ومن هذا التاريخ اناقش التفاصيل الدقيقة مع الكاتب ثم السيناريست والمخرج بل والمصور احياناً بمعنى انني اضع "منقاري" في كل صغيرة وكبيرة كما يقول المثل الشعبي. * في مهرجان الاسكندرية حصل فيلم "توت توت" على جائزة احسن ممثلة، وفي مهرجان القاهرة للافلام الروائية لم تلتفت اليه لجنة التحكيم. فما هو تعليقك؟ - تلك وجهات نظر خاصة بلجان التحكيم، ومع هذا اقول ان الجائزة التي حصلت عليها من مهرجان الاسكندرية كأحسن ممثلة عن دوري، وضعتني على طريق جديد لا بد من الاستمرار فيه وهو ان احاول المزج بين لافتة كامل العدد واقبال الجماهير واعجاب النقاد ايضاً. * اتجاهك في الفترة الاخيرة لروايات نجيب محفوظ وكتاب آخرين، هل يعني وجود خلاف بينك وبين اسرة الكاتب احسان عبدالقدوس؟ - اطلاقاً وابسط دليل على هذا الادعاء الكاذب انني اشتريت حقوق روايتين لاحسان عبدالقدوس انوي انتاجهما ولن افصح عنهما وانت تعلم بالطبع لماذا، ونهاية اقول ان علاقتي بإسرة احسان عبدالقدوس علاقة قوية جداً ولن اتخلى ابداً عن أدب هذا الفنان الذي ادين له بالفضل في توجيهي ونجاحي ووصولي الى ما انا عليه الآن. * نبيلة عبيد، قدمت اعمالاً عن الفنانات لنجيب واحسان ايهما اقدر من وجهة نظرك في كشف اعماقهن؟ - بصراحة وبوضوح شديد انا لا استطيع الرد الا من خلال منظور ضيق جداً. وهو القول ان الفنانة في فيلم احسان عبدالقدوس كانت تحب نفسها اجتماعياً ولها ملامحها النفسية المغرقة في السقوط وشهوة الوصول الى اغلب المناصب، ولكن فنانة محفوظ ذات عمق سياسي بحت وشديد الخصوبة. * وهل للحب والزواج مساحة في حياتك؟ - لا وقت عندي لهذا او ذاك والتركيز كله على العمل. وحمداً لله انا راضية بما قسم لي فأنا سعيدة بالنجومية والشهرة التي وصلت اليهما. * من المعروف ان المسرح جذب معظم نجوم السينما هل نسمع قريباً عن مفاجأة مسرحية قريبة؟ - لا، لأنه يحتاج الى تفرغ وانا عاشقة للسينما التي اعتقد انها حياتي. * يرى البعض ان نبيلة عبيد ما زالت تعمل مع المخرجين التقليديين ولم تختر بعد مخرجي الموجة الجديدة فلماذا؟ - ابداً انا في طريقي بالفعل للعمل مع مجموعة منهم مثل خيري بشارة وشريف عرفة وامثل حالياً فيلماً لأهم مخرج من مخرجي السينما الجدد محمد خان وبالتالي فأنا لست تقليدية وانما دائماً ابحث عن الجديد.