في كل مرة اقرأ شيئاً عن الانتخابات الاميركية لا اشعر بنفسي الا وأنا اغني مع فيروز: رجعت ليالي زمان/رجعوا اهالينا/رجعوا حبايب زمان /يتحكموا فينا. والمشكلة ان الاميركيين ليسوا اهلاً او حبايب غير انهم يتحكمون فينا بالتأكيد، مع بقاء دولة عظمى واحدة في هذا العالم جعلتني اقترح مرة ان ينتخب العالم كله الرئيس الاميركي طالما ان هذا الرجل سيتحكم في مصير الناخبين شاؤوا او أبوا. على كل حال، اذا اعتقد القارئ انني وفيروز من المستضعفين ويخيّل لنا ان الاهل والحبايب - والاميركيين - يتحكمون فينا، فهو مخطئ لأن توجيه التخطيط الدفاعي للسنوات المالية 1994 - 1999 الصادر عن البنتاغون تسرّب الى الصحف ووصلت الي نسخة منه، وهو يؤكد نيّة، الولاياتالمتحدة ان تحكم العالم حتى نهاية القرن على الاقل. فاذا كانت ستحكم عالماً يضم اوروبا الغربية وروسيا والصين واليابان فما بال القارئ بالدول العربية وقدرتها على المقاومة. العين لا تقاوم المخرز، وهو مثل كان سيفيد صدام حسين كثيراً لو تعلمه، لذلك فأفضل من ان انظم والقارئ مظاهرة ضد التدخل الاميركي السافر في شؤوننا الداخلية، ان ادرس معه الحملة الانتخابية الاميركية لتقدير من سيكون الرئيس الاميركي المقبل، وبالتالي رئيس النظام العالمي الجديد، اي رئيسنا بالتواتر. جورج بوش سيفوز بالرئاسة مرة ثانية، ورأيي هذا لا تؤيده استفتاءات او استطلاعات يمكن تزويرها، وانما ادلة محققة فالاميركيون، اولاً يحبون الرجال الطوال، وثانياً يضيقون بالذين يتصرفون كأثرياء الحرب، خصوصاً اذا اساؤوا الامانة الرسمية، وثالثاً يكرهون المحامين. بالنسة الى الطول لاحظت انه في الاربعين سنة الماضية جرت عشرة انتخابات رئاسية في الولاياتالمتحدة ففاز المرشح الاطول في ثمانية منها، او ما يعادل نسبة 80 في المئة. وتابعت 31 معركة على مقاعد في مجلس الشيوخ سنة 1990 ففاز الرجل الاطول في 21 منها، اي نسبة 70 في المئة. واستعنت بآلة حاسبة وحولت من بوصات الى سنتيمترات ووجدت ان طول بوش 96،187 سنتم، مقابل 42،185 سنتم لبات بوكانان، اي ان بوش اطول من منافسه ب 54،2 سنتم، مما يجعل فوزه بترشيح الحزب الجمهوري له للرئاسة مضموناً. وبالمقابل سيهزم بيل كلنتون بول تسونغاس بسهولة لأن طول الاول 23،189 سنتم مقابل 73،172 سنتم للثاني، اي بفارق 5،16 سنتم. وربما دخل الحاكم ماريو كومو المعركة متأخراً، الا ان حظه بالفوز على كلنتون شبه معدوم فطوله 88،182 سنتم، اي انه اقصر من كلنتون بپ08،5 سنتم. ويتردد الآن اسم النائب ريتشارد غيبهارت، وهو ديموقراطي من ميسوري، وطول هذا 5،190 سنتم، اي 54،2 سنتم "فوق" كلنتون الا انه سيخسر امام هذا المرشح بسبب النقطة التالية. النقطة هي ان الاميركيين الذين يعيشون في اول بلد مادي في العالم - وربما بسبب عيشهم فيه - لا يحبون الناس الذين يتصرفون كمحدثي نعمة، وعندما اجري استفتاء عن اكثر عشرة اشياء تزعج الاميركيين تبين ان ستة منها لها علاقة بالمال، وكان في مقدمتها اساءة الثقة العامة، او سوء استغلال الوظيفة الرسمية. لذلك سيخسر غيبهارت امام كلنتون رغم تفوقه العمودي عليه لأنه واحد من 200 عضو في الكونغرس اعطى شيكات بلا رصيد في فضيحة لا تزال تتفاعل حتى كتابة هذه السطور. وهنا نصل الى النقطة الثالثة التي ستجعل بوش يهزم كلنتون رغم ان هذا الاخير اطول من منافسه الجمهوري. النقطة هي ان الاميركيين يكرهون المحامين. وصحيح ان 24 من اصل 41 رئيساً و32 من اصل 44 نائباً للرئيس كانوا محامين الا ان هذا شيء من مخلفات الماضي، ووصلنا اليوم الى وضع اصبح فيه المحامون في مستوى المنبوذين في المجتمع الهندي، ودان كويل نفسه هدف السخرية والنقد لأنه محام ومتزوج من محامية، حتى انه شن حملة على المحامين وتجاوزاتهم لانقاذ نفسه. كلنتون محام، وزوجته هيلاري محامية. اما بوش وزوجته بربارة فابعد ما يكونان عن المحاماة ومشاكلها. باختصار بوش سيفوز بالرئاسة. ونرجو ان يتذكر القارئ في تشرين الثاني نوفمبر المقبل انه عرف اولاً من هذه الصفحة من سيكون رئيس العالم ورئيسه في السنوات الاربع المقبلة.