ليندا إيفانجليستا، إحدى أبرز العارضات في العالم حالياً والتي تتربع مع زميلاتها ناومي كامبل وسيندي كروفورد وكريستي تورلينغتون فوق عرش الأناقة والجمال، كانت أخيراً في باريس من أجل تقديم عروض الازياء الجاهزة أمام الصحافة والنجوم، ومن أجل القيام ببطولة فيلم دعائي أمّن لها 120 ألف دولار في يومين من العمل. وكانت مناسبة لپ"الوسط" لاجراء حوار معها روت خلاله العارضة الجميلة قصتها من البداية الى النهاية. إحتشد جمهور المتفرجين في جادة الشانزليزيه الباريسية طوال يومين كاملين من الساعة الثامنة صباحاً حتى السادسة مساءً، اذ ان خبر وجود ليندا ايفانجليستا في باريس، وفي هذا المكان بالتحديد، كان انتشر بسرعة البرق وبطريقة يصعب معرفة تفاصيلها. وكانت الكاميرات السينمائية وضعت في أماكن مختلفة فوق الطريق العام من أجل التقاط المشاهد من زوايا عدة. وأقيمت الحواجز لمنع الجمهور من الاقتراب، حتى يستطيع مخرج الفيلم الدعائي ممارسة عمله بحرية تامة ودون مضايقات ومن أجل حماية النجمة ضد فضول المعجبين والمعجبات. تلخصت فكرة الفيلم في مرور سيدة متقدمة في العمر في جادة الشانزليزيه، ثم توقفها عن السير فجأة ونزعها قبعتها القديمة الرمادية اللون وشعرها الأبيض المستعار ومعطفها الطويل، لتنقلب الى امرأة شابة وحلوة ترتدي فستاناً من اللون الأحمر الصارخ، وتؤدي بعض الحركات الراقصة تبرز من خلالها مرونة الفستان بالتحديد. كانت ليندا إيفانجليستا طبعاً هي المتنكرة في شخصية السيدة العجوز قبل تحولها أمام عدسات الكاميرات الى ما هي عليه في الواقع. وتولى اخراج الفيلم، السينمائي الفرنسي إيتيان شاتيلياز مخرج "الحياة نهر طويل هادئ" و"العمة دانيال"، وهما من أنجح الأفلام الفرنسية تجارياً في السنوات الخمس الفائتة. التقت "الوسط" ليندا في جادة الشانزليزيه وبالتحديد في مدخل سينما "نورماندي ليدو" قبل بداية تصوير الفيلم الدعائي، وكان السؤال عن مدى صحة ما يقال ويكتب عن أجرها الخيالي كلما عملت سواء أمام عدسات السينما أو مصوري الازياء أو كعارضة فوق المسرح لتقديم التشكيلات الموسمية. 15 ألف دولار كتبت مجلة "فوغ" أنك لا تنهضين من فراشك في الصباح إذا كان ما ستؤمنينه أقل من 15 ألف دولار، فما رأيك بهذا الكلام؟ - ربما هناك مبالغة في طريقة سرد الحكاية، فأنا أنهض بأي حال من الأحوال. وهناك عشرات الأيام التي لم أعمل خلالها ولم تجلب لي أي شيء. ومن ناحية ثانية، فإن الحد الأدنى الذي أتقاضاه عن يوم العمل هو 15 ألف دولار، هذا صحيح وهو شيء طبيعي، فلكل عارضة مستوى في الأجر مثل نجمات السينما. فاذا كان في نظر الناس من خارج المهنة باهظاً فهو ليس كذلك بالنسبة الى الذين يعرفون سببه وتفاصيله. فالأجر في أي مهنة فنية يحسب بطريقة نسبية مع الربح الذي سيجلبه الفنان الى الشركة المنتجة التي تدفع الأجر. ولولا تأكد المستثمر من ربحه الوفير عند استخدام فلان أو فلانة، لما دفع المبلغ المرتفع في أول الأمر. إنها مسألة منطقية، فلماذا أوافق أنا على المشاركة في فيلم، أو جلسة مصورة أمام عدسات أكبر المجلات المتخصصة في الأزياء، أو عرض لتشكيلة محددة، عالمة أن إسمي سيجلب ملايين الدولارات فيما بعد، دون أن أطلب حصتي من هذه الملايين؟ هذه هي النظرة السليمة للموضوع، لكن الصحافة تميل الى التركيز على الأرقام دون تفسير التفاصيل، وذلك لأسباب تجارية بحتة. فالأرقام المرتفعة فوق غلاف أي مجلة تزيد من نسبة المبيعات خصوصاً اذا كان العنوان المكتوب هو من نوع "الأجور الخيالية التي تتقاضاها العارضات". ما هي جنسيتك؟ - أنا كندية من أصل ايطالي. هل أنت متزوجة؟ - نعم. الحظ كيف يمكن لامرأة ان تصبح عارضة نموذجية على مستوى العالم؟ وما هي الخطوات الواجب اتباعها للوصول الى هذا المستوى؟ - العملية ليست حسابية أو كيماوية مدروسة، والتركيبة في رأيي غير معروفة حتى الآن بشكل علمي. كل ما أعرفه أن هناك عناصر عدة تدخل في الحسبان، وهي تختلف من عارضة الى أخرى. وربما كان القاسم المشترك الوحيد في الحكاية هو الحظ. أما سائر المقومات التي تساهم في نجاح كل واحدة منا، مثل المظهر أو ملامح الوجه أو الطابع العام أو اسلوب الحركة فوق المسرح أو طريقة الوقوف امام عدسات التصوير، فهي خاصة جداً بشخصية كل عارضة. لا شك في إن الطول الفارع يدخل في الحسبان أيضاً مثل القامة الرفيعة، ولكن الشخص الذي ينظر اليّ لا يعثر على أي تشابه بيني وبين أي من زميلاتي المشهورات، وهن صديقاتي أيضاً حال ناومي كامبل وسيندي كروفرود وغيرهما. أنا لا أعرف كيف أرد على سؤالك بالتحديد في ما يخص الخطوات المتبعة من أجل النجاح في مهنة عرض الأزياء. أعتقد ان على كل إمرأة ترغب في النجاح المهني كعارضة، أن تدخل الى مدرسة متخصصة ثم تشترك في مسابقات إختيار العارضات، وأخيراً تمارس عرض الأزياء بجدية تامة دون التفكير فقط في مزايا العمل، بل أيضاً في قيوده ومتطلباته. إن حب العمل يؤدي بالضرورة الى النجاح في يوم ما. هكذا نجحت أنا، وهذا ما أشعره بالنسبة اليّ، وإذا سألت عارضة غيري فربما تسمع إجابة مختلفة تماماً. عمل مرهق ما هي القيود التي تتكلمين عنها؟ - كل عمل له قيود، لكن العدد الأكبر من النساء خارج المهنة، يعتقد ان العارضة تعيش حياة سطحية وتنتقل من سهرة الى اخرى ومن بلد الى آخر وتكسب ملايين الدولارات دون ان تتعب نفسها أبداً. إن كل هذه المعتقدات التي تحيط بالمهنة خاطئة تماماً، والشيء الذي لا تعرفه المرأة التي تنظر الى العارضات من بعيد، هو ان السفر مثلاً، وإن كان يتوافر بكثرة، يحدث دائماً في ظروف عاجلة. فأنا اضطر الى إنهاء عرض باريسي في السهرة وإلى تحضير حقيبتي بسرعة لأستقل طائرة تقلع في الفجر الى روما أو طوكيو أو نيويورك، وأصل في حالة من الارهاق أعجز عن وصفها، خصوصاً في ما يتعلق بالرحلات الى البلاد البعيدة مع فارق في الساعات، لأجد نفسي بعد لحظات من وصولي فوق مسرح جديد من أجل التدريبات على العروض هناك. وبعد ذلك أعبر من التدريب الى العرض نفسه حيث لا بد من أن تكون ابتسامتي عريضة فوق وجهي على رغم التعب. وفي حالات كثيرة تتبع العروض جلسات مصورة مع الصحافة. وفي نهاية التشكيلات أسافر فوراً الى بلد آخر لأكرر العملية ذاتها على النمط نفسه. ولا بد من أن تصل العارضة الى مكان عملها في الموعد المحدد ودون أي تأخير، فهذا يعني زيادة نفقات إيجار الأستوديو او المسرح، وبالتالي تفوق الميزانية المحددة للعمل وهو شيء لا يتحمله أي مستثمر أبداً. وأين الحياة الخاصة في وسط كل ذلك؟ فالتضحية بها هي أيضاً من مساوئ المهنة. وأنا أقول كل هذه الأشياء لأنها الحقيقة المجردة وليس بهدف تدمير صورة العارضة في أذهان الجماهير أبداً. الحمية والرشاقة أليس هناك القيد الخاص بالرشاقة والذي يفرض الامتناع عن الوجبات الطيبة التي تسمح المكاسب الكبيرة بتذوقها؟ - هذا صحيح بالنسبة الى العارضات اللاتي يتميزن بقابلية للسمنة. وأنا بصراحة استطيع تناول ما يعجبني دون أن يزيد وزني أبداً، فماذا أفعل لو كنت محظوظة الى هذه الدرجة؟ المسألة ليست بيدي. اليوم مثلاً أكلت الهامبرغر. أعرف أن العدد الأكبر من زميلاتي يعاني من مشكلة الامتناع عن الأكل، على رغم توافر الامكانات المادية التي تسمح لهن بالتردد الى أفخم المطاعم والفنادق. وهذه النقطة طبعاً تدخل في اطار قيود المهنة. كيف نجحت شخصياً في هذا المجال؟ - سلكت الطريق الذي ذكرته سالفاً في اطار نصيحتي للمرأة التي تود النجاح. تعلمت أصول مهنتي في مدرسة للأزياء ثم شاركت في مسابقة لأحصل على عمل وساعدني الحظ، اذ عثرت على فرصة للمشاركة في عروض على رغم أنني لم أنه المسابقة بشكل جيد. فأنا نجحت ولكني لم أصل الى المرتبة الأولى، وأعتقد ان العارضة التي فازت في المسابقة لم تحصل على عمل مهم مثلي. وسرعان ما استطعت الدخول بعد عملي الأول هذا الى وكالة "إيليت" إحدى أكبر وكالات الازياء في العالم، وذلك بعد ان شاهدني أحد المسؤولين عنها في عرض ولاحظ فيّ، حسب قوله، المواصفات التي تصنع العارضة الناجحة. وانطلقت في إطار الوكالة وفي خلال أربعة أعوام فقط الى الشهرة المطلقة على مستوى العالم كعارضة نموذجية، فأنا بدأت في العام 1988. كم عمرك الآن؟ - 26 عاماً. وتم استدعاء ليندا من أجل تعديل الماكياج فوق وجهها قبل تصوير لقطة من الفيلم، فاعتذرت منا لاضطرارها الى إنهاء الحوار.