سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
"الوسط" تحاور أبو علاء - المسؤول الفلسطيني عن المفاوضات المتعددة الأطراف : لم نحصل على شيء من الاسرائيليين لكن لا بديل عن المفاوضات معهم ... الا المفاوضات
أبو علاء محمد قريع هو المسؤول الفلسطيني الأول عن المفاوضات المتعددة الأطراف الجارية بين العرب والاسرائيليين وبمشاركة دول عدة كالولايات المتحدة ودول المجموعة الأوروبية واليابان وكندا. لقب أبو علاء هو "منسق لجان المفاوضات المتعددة الأطراف" وهو في الوقت نفسه مدير الشؤون الاقتصادية والتخطيط في منظمة التحرير الفلسطينية. وفي مقابلة خاصة مع "الوسط"، جرت لمناسبة وجوده في باريس خلال انعقاد اجتماع لجنة التنمية الاقتصادية نهاية الشهر الماضي، أكد أبو علاء، صراحة، ان الفلسطينيين لم يحصلوا حتى الآن على أي شيء من الاسرائيليين بعد سنة من المفاوضات معهم، لكنه أضاف: "سنستمر في التفاوض مع الاسرائيليين لأن لا بديل عن المفاوضات الا المفاوضات". وفي ما يأتي المقابلة الخاصة مع أبو العلاء. هل يتخوّف الفلسطينيون من ان يكون للاتفاق الاردني - الاسرائيلي حول جدول الأعمال انعكاسات سلبية على المفاوضات الفلسطينية - الاسرائيلية الثنائية؟ وهل يتخوّفون من اتفاق سلام منفصل بين الاردن وإسرائيل؟ - العرب كلهم داخلون على تسوية شاملة للنزاع مع اسرائيل ولا أعتقد أن أي طرف منهم يتهيأ للدخول، أو دخل فعلاً، في تسوية منفصلة مع اسرائيل، سواء في ذلك الطرف السوري أو الاردني أو الفلسطيني أو اللبناني. ونحن نتمنى ان ينعكس اي تقدم يحصل في المفاوضات مع أي طرف عربي ايجاباً على جبهة المفاوضات الفلسطينية - الاسرائيلية اذا كان في اطار ما اتفق العرب عليه من السعي الى تسوية شاملة. نحن نرى ان المساهمة الفلسطينية تبقى في صلب القضية المطروحة على مؤتمر السلام، ولا سلام في الشرق الأوسط من دون تحقيق السلام مع الفلسطينيين، هذا هو الوجه الأول لهذه المسألة. اما الوجه الثاني فقوامه ان للعرب مرحلة واحدة يتفاوضون فيها مع اسرائيل. فالسوري يتفاوض مع اسرائيل على مرحلة واحدة هي الانسحاب من الجولان وتطبيق القرار الرقم 242، والاردني في الوضع عينه. والامر نفسه يصحّ على اللبناني. يبقى ان الفلسطيني هو الوحيد، من بين المفاوضين العرب الذي يتفاوض على مرحلتين: انتقالية ونهائية. وإذا لم يقف العرب مع المفاوض الفلسطيني فان خشيتنا كبيرة من ان تكون المرحلة الانتقالية هي المرحلة النهائية. نحن نعرف ما نريده من هذه المرحلة النهائية ونحتاج لتحقيقه الى دعم العرب والى ان تكون التسوية المنتظرة شاملة للصراع بكل جوانبه. بغير ذلك سنكون عاجزين عن تحقيق الهدف الذي نسعى اليه وسيعجز العرب أيضاً عن تحقيق أهدافهم لأن اسرائيل تكون استفردتهم واحداً واحداً. مرّ عام كامل على بدء المفاوضات العربية - الاسرائيلية. هل لك ان تقول لنا ما الذي حققه الفلسطينيون منها حتى هذه اللحظة؟ - عملياً، لم نحصل على شيء. فالشعب الفلسطيني مستمر في مواجهة واقع الاحتلال وكل الأساليب الاسرائيلية في القمع والسجن وإغلاق المدارس والجامعات والقهر، حتى ان عملية الاستيطان بدورها ما زالت مستمرة. وجلّ ما قام به اسحق رابين انه ميّز بين استيطان أمني واستيطان سياسي وكلاهما غير شرعي ولا يمكن لنا ان نقبل بهما. فضلاً عن ذلك، فان رابين بقي على موقف الليكود وشامير من القدس. وحتى الآن، في عملية التفاوض، لم نحقق أي انجاز: فنحن لم نشكل بعد الحكومة الذاتية، وفق ما أكدته رسالة الدعوة ورسالة الضمانات، لا بل اننا لم نحرز أي تقدم على هذه الطريق. كل ما حصل ان عملية التفاوض ما زالت قائمة ومستمرة ونأمل منها ان تحقق تقدماً ما. لقد تم حتى الآن تشكيل لجنتين فرعيتين غير رسميتين لبحث مسألة المياه والأرض في المفاوضات الثنائية ولجنة ثالثة للبحث في صلاحيات الحكومة الذاتية الانتقالية. وحتى الآن، لم يقدّم الاسرائيليون أية فكرة أو أي اقتراح من شأنهما تشجيع المفاوض الفلسطيني على الاستمرار. الدور الأميركي هل يمكننا أن نقول ان بينكم وبين الاسرائيليين اتفاقاً على عدد معين من النقاط؟ - نحن قبلنا ان نفاوض في المرحلة الأولى على الحكومة الذاتية الانتقالية في الضفة الغربية وغزة وعلى نطاق صلاحياتها بالاستناد الى قرار مجلس الأمن الرقم 242. غير ان الاسرائيليين لم يعلنوا، حتى اليوم، انهم يقبلون هذا القرار أساساً للتفاوض في المرحلة الانتقالية. ونحن من جانبنا لا يمكننا القبول بالسير في هذه المفاوضات من غير ان تكون لها مرجعية. والمرجعية التي نفهمها هي قرارات الشرعية الدولية، ومنها قرار مجلس الأمن المذكور سابقاً. اسرائيل قبلت أن يكون القرار 242 اساساً لمحادثاتها مع سورية ومع اسرائيل. - لكنها لم تقبل ذلك بالنسبة إلينا. ولهذا السبب بالذات لم ندخل بعد في عملية بحث جدية في اقامة الحكومة الانتقالية وكيفية نقل السلطات اليها. ونحن نفهم ان نقل السلطات يعني جميع السلطات. وإذا كانت ثمة قضايا عالقة في شؤون الأمن والاقتصاد فيمكن التفاهم حولها. انما في أي حال، نحن نرفض ان تعمد اسرائيل الى تسليمنا السلطات سلطة سلطة. المنهج الاسرائيلي يقوم على التفتيت والتجزيء بحيث تضيع القضايا الجوهرية في تفاصيل الجزئيات. لذلك نعود الى القول ان اساس المفاوضات القرار 242 وغرضها التفاوض على مرحلة انتقالية بحكومة انتقالية متصلة بالمرحلة النهائية التي يجب ان تحقق لشعبنا حقه في تقرير المصير. أليس بينكم وبين اسرائيل اختلاف على التسمية؟ انتم تفهمون حكومة ذاتية بينما هم يفكرون بادارة ذاتية أو محلية. - هذا صحيح، فنحن حينما نتحدث عن الانتخابات، نريد ان يكون غرضها اقامة مجلس له سلطات تشريعية بينما هم يتحدثون عن مجلس اداري يفوّض بالسلطة. وأحب ان أؤكد اننا لا نريد أن نكون هيكلية أو كياناً في إطار الكيان الاسرائيلي. نريد مجلساً تشريعياً تنبثق عنه سلطة تنفيذية ذات صلاحيات معروفة. وإذا كانت هناك قضايا عالقة، فاننا لا نرفض بحثها، ولكن من الضروري بداية ألا نغوص ونغرق في الجزئيات قبل ان تتأكد لنا مرجعية المفاوضات. نحن نريد ان نصل بالمفاوضات الى نتيجة ايجابية لكن الاسرائيلي مستمر في اقامة الصعوبات والعراقيل. اذا رفض الاسرائيليون، كما جرى حتى الآن، الربط بين المرحلتين الانتقالية والنهائية، فهل يعني انكم سترفضون الاستمرار في المفاوضات؟ - ما يقوله الجانب الاسرائيلي يخالف نص رسالة الدعوة ورسالة التطمينات اللتين تسلمناهما من الاميركيين ومن الروس الاتحاد السوفياتي سابقاً كراعيين للمؤتمر. ذلك ان هذه الرسالة تنص على إقامة حكومة ذاتية انتقالية لفترة سنتين، وفي بداية السنة الثالثة يبدأ التفاوض على المرحلة النهائية. ولو لم يكن الأمر كذلك لنصت الرسالتان على اقامة حكومة ذاتية أبدية. ورأينا انه اذا استمر المفاوض الاسرائيلي على نهجه، فان ذلك يتطلب تدخلاً للولايات المتحدة الاميركية التي عليها ان ترمي بثقلها كله في الميزان، خصوصاً ان الاميركيين يؤكدون لنا، في كل لقاءاتنا معهم، ان التفاوض يهدف الى وضع حد للاحتلال الاسرائيلي. لكن الاميركيين يقولون ايضاً انهم ضد اقامة دولة فلسطينية! - هذه قضية أخرى. انهم لا يقولون بمعارضتهم قيام الدولة الفلسطينية بالمطلق بل انهم لا يعارضون قيامها اذا كانت نتيجة لاتفاق فلسطيني - اسرائيلي. وموقفنا نحن انه بموجب قرارات المجلس الوطني الفلسطيني والمجلس المركزي، فاننا نقبل بكونفيدرالية مع الأردن بعد قيام الكيان الوطني الفلسطيني. ما هو تقويمكم، حتى الآن، للدور الاميركي في المفاوضات الثنائية؟ - حتى الآن لم يتدخل الاميركيون بالقدر المطلوب. فقد انقضت السنة الأولى على المفاوضات وكان من المفروض ان يعلن اليوم اوائل تشرين الثاني - نوفمبر قيام الحكومة الذاتية الانتقالية بحسب ما هو وارد في رسالتي الدعوة والتطمينات وبحسب مضمون محادثاتنا مع وزير الخارجية الاميركي جيمس بيكر. هذا الأمر لم يتم. وكنا ننتظر من اميركا ان تكون فاعلة أكثر. غير ان اميركا كانت مشغولة بانتخاباتها ونأمل في المستقبل ان تتحمل مسؤولياتها وتمارس الضغط المطلوب. لا بديل عن المفاوضات ما هي الأوراق الرابحة والضاغطة التي ما زالت في حوزتكم والتي يمكن للمفاوض الفلسطيني ان يستند اليها أو يلوّح بها؟ - الورقة الأولى لقوتنا هي قضيتنا. فالاسرائيليون لا يمكنهم ان يصلوا الى أمن وسلام في المنطقة من غير ان يتم ايجاد حل للقضية الفلسطينية. هذه القضية جذر المشكلة، والحل يجب ان يتناول الحقوق والشعب والأرض. وطالما لم تسوّ هذه المسائل فالازمة ستستمر. والدليل ان مصر وقّعت معاهدة سلام مع اسرائيل لكن التطبيع الذي كانت تحلم به اسرائيل لم يحصل. ماذا يمكنك ان تقول للفلسطينيين الذين يتظاهرون ويُضربون ويطالبون بالانسحاب من المفاوضات لأنها لم تحقق أية نتيجة؟ - هذه المفاوضات، بلا شك، صعبة جداً بالنسبة الينا. وللفلسطيني ان يعبر عن رأيه وعن موقفه بالشكل الذي يريد. ولكنني أريد ان اطرح عليه سؤالاً: ما هو البديل عن هذه المفاوضات؟ جوابي انه لا بديل عن المفاوضات الا المفاوضات وذلك حتى يتحقق الرأي العام العالمي والقوى المتحكمة فيه من ان الفلسطيني راغب في إقامة السلام العادل. سنستمر في المفاوضات ولن ننسحب منها ما دام هناك أمل بامكانية تحقيق سلام عادل. وإذا فقدنا هذا الأمل، فلا شيء يلزمنا عندها بالاستمرار في المفاوضات. أنت مكلّف بالتنسيق بين الوفود الفلسطينية الى المفاوضات المتعددة الأطراف. ما هو تقويمك، بشكل عام، لما هو حاصل فيها حتى الآن؟ - المحادثات المتعددة الأطراف هي أحد مسارات المفاوضات. أساساً، عملية التفاوض صممت لتكون ثنائية ومتعددة حيث تشارك فيها أية دولة ترغب بذلك من دول العالم. العنصر الجديد فيها انضمام الأممالمتحدة اليها اعتباراً من اجتماع لجنة التنمية الاقتصادية في باريس التي هي إحدى اللجان الخمس اللاجئون، المياه، الأمن ونزع السلاح، البيئة والتنمية الاقتصادية. وغرض المتعددة ان النقاش حول المواضيع الخمسة من شأنه ان يوجد دينامية مفيدة ويولّد ثقة لدى الأطراف المفاوضة حتى تكون اكثر جرأة في المفاوضات الثنائية. لكن لا يمكن للمفاوضات المتعددة الأطراف، التي يسعى الكثيرون من خلالها، الى ايجاد نوع من التعاون الاقليمي والتطبيع، ان تحقق اهدافها قبل ان يتحقق التقدم الحقيقي في المفاوضات الثنائية. ونحن نرى ان أية عملية تعاون هي خيار طوعي وتعبير عن مصالح مشتركة وعن تكافؤ. ولا يمكن للفلسطيني، وهو الجانب الضعيف، ان يتعاون تعاوناً مثمراً بنّاءً مع طرف يريد الهيمنة عليه. ومع ذلك، فاننا في الاجتماع الأخير للجنة التنمية الاقتصادية الاقليمية، قطعنا خطوة الى الأمام حيث كلّف البنك الدولي بأن يعد دراسة عن الأوضاع الاقتصادية في الأراضي المحتلة وعن عراقيل التنمية. قبل الاسرائيليون مشاركة فلسطينيي الشتات في لجنة اللاجئين ولكن شرط عدم اثارة حق العودة! - هذه القضية مرفوضة رفضاً قطعياً. فالموقف الفلسطيني ثابت ولا يمكننا ان نساوم على حق شعبنا في العودة أو التعويض لمن لا يرغب في العودة وفق القرار رقم 194. مشكلة اللاجئين هي جذر القضية الفلسطينية. إذن، في اجتماع اللجنة المقبل في اوتاوا ستعمدون الى اثارة حق العودة. - هذا الموضوع سيثار وسيتم تأكيده، سواء في كلمة الوفد الفلسطيني او في كل النقاشات. كيف تنظر الى مواقف عدد من الدول العربية، في اجتماع لجنة التنمية الاقتصادية، التي رفضت مشروع بنك التنمية الاقليمية لأنه سابق لأوانه؟ - لقد قدّرنا موقف الدول العربية التي رفضت هذا المشروع. وموقفنا نحن ان الاقتراح لا يمكن الأخذ به طالما ان المفاوضات الثنائية لم تصل بعد الى نتيجة ايجابية. وبالمقابل، نحن نرى ان الاقتصاد الفلسطيني قد تخلّف بفعل الاحتلال عن كل اقتصاديات المنطقة والأولوية، في نظرنا، يجب ان تكون للنهوض بالاقتصاد الفلسطيني وهذا ما يفسر طلبنا بانشاء بنك لتنمية الاقتصاد الفلسطيني، بأموال فلسطينية ومساهمات عربية ودولية.