وجدت فيه مهرباً من ظروفها القاسية وفارس أحلامها الذي يتلقفها من العوز المدقع الذي تعيشه أسرتها. هدى أحمد فوجئت بعد زواجها أنها قد عقدت مصيرها وسلمت زمام أمورها إلى رجل ثلاثيني بعقل طفل في ال11، يعاني من إعاقة فكرية متوسطة تحجب عنه معرفة التوقيت الزمني، وتعيق استيعابه للفروض الشرعية، وتجعله محدود الفهم ضعيف التركيز سريع الانفعالات يغلب عليه"السلوك الطفولي"، فتجد نفسها بين فكي طفل شديد الإلحاح على تحقيق وتلبية مطالبه وبشكل فوري دون أن يستوعب الأوقات الحرجة وما يترتب عليها من صعوبات مادية واجتماعية، وهو ما يضطرها لأن تقسو عليه وتوبخه باستمرار، وتنعته بالغباء بسبب شعورها بالإحباط، وضعف إلمامها بطرق التعامل الصحيحة مع أصحاب الإعاقة الفكرية، وتقف هدى بعد مرور عام ونصف العام عاجزة عن إمكان الاستمرار معه تشتكي من كل موقف يبدر منه وتتطلع منه أن يقدم ما يفوق قدراته وإمكاناته من الأمور التي تجدها في سائر الرجال العاديين. في حين يؤكد المعلم عبدالله المسلم تخصص إعاقة فكرية ل"الحياة"أن التعامل مع المعوق فكرياً يحتاج أمرين، أحدهما: تقبل وضع المعوق بشكله وتصرفاته، والثاني: الإحاطة بخصائص وصفات إعاقته الفكرية، مبيناً أن على المرأة حين تقدم على الزواج من رجل من هذه الفئة، فهي ملزمة بتقبله. من ناحية المظهر والتصرفات وعدم التأثر بالنظرة الدونية التي يشيعها المحيط الخارجي تجاه هذا المعوق الفكري، وألا تلتفت أو تلقي بالاً لتعليقاتهم الساخرة. وأشار إلى أن الالتحاق بالدورات التدريبية والقراءة المباشرة في الكتب المعنية بالإعاقة الفكرية، وتصفح المواقع الإلكترونية المتخصصة في مجال الإعاقة يتيح للزوجة التعرف على خصائصه، باعتبار أنها لا تختلف عن معلم أو معلمة صفوف التربية الخاصة اللذين يستطيعان من خلال القراءة والاطلاع والدراسة والممارسة اليومية التعامل مع هذه الفئة، مؤكداً أن الزوجة متى ما تعرفت على طرق التعامل الصحيحة فإنها ستكون قادرة على تجاوز جميع العقبات في التواصل مع الزوج المعوق فكرياً. وأضاف أن المشكلة التي قد تعاني منها الزوجة هي ضعف استجابة زوجها المعوق، وعدم تلبيته لحاجات المنزل، لما يتصف به المعوق من ضعف في الذاكرة، وكثرة النسيان وقلة الاستيعاب. مبيناً أنه يمكن للمرأة أن تتغلب على ذلك من خلال تجزئة المهام والاستعانة بالمحفزات في تنفيذه لما يطلب منه أو استخدام بعض الوسائل التذكيرية مثل التسجيل الصوتي أو الكتابة والتدون على المفكرة. ونوه المسلم بضرورة مراعاة العمر العقلي أثناء التعامل مع المعوق الفكري في قبالة عمره الزمني، والأخذ في الاعتبار كونه معوقاً فلا يقاس بغيره من العاديين. وتحدثت"الحياة"إلى زوجة معوق إعاقة فكرية قضت معه أكثر من 25 سنة، بحيث لا يستطيع أن يمضي إلى أي مكان دون مرافق، ولا يتمكن من النطق أو المشي بالشكل الصحيح، فأكدت"أم مهدي"أنها لم تجد في تعاملها معه تلك المعاناة الكبيرة، لأنها كانت قد عزمت العقد منذ البداية على أن تحتويه"كطفل صغير"، وتأخذ فيه وجه الله، ولم تفصح"أم مهدي"التي تسكن قرية الطرف في الأحساء عن السبب الذي دعاها للزواج من معوق فكري، وإن بدا جلياً أنه شعورها بالمسؤولية تجاه قريبها والنظرة الرحمانية التي أودعها الله في قلبها، تقول:"حين يضع الإنسان نفسه مكان ذلك المعوق فإنه سيتمنى من يرفق به ويتقبله كإنسان يشعر ويتألم ويحزن ويبكي ويفرح"، وبينت أنها غير نادمة على زواجها منه بل تجزم أنها استطاعت أن تستثمر عمرها وشبابها وتتاجر به عند ربٍ يربي الصدقات ويجزي بالحسنة عشرة أضعافها، وتشير إلى أن الله أجزل عطاءه عليها بأبناء وبنات كانوا لها قرة عين وثمرة فؤاد. وتنصح كل زوج أو زوجة يرتبط بمعوق فكري أن يصبر عليه، ويرفق به، وألا يخيب ظن الله فيه حين اختاره شريكاً لمعوق، يحتاج من يلطف به ويحن عليه ويعينه على أن يمضي في الحياة كغيره من البشر.