تمثّل ذكرى اليوم الوطني للمملكة مناسبة غالية، نجدد فيها الولاء، ونستذكر مسيرة بلادنا المباركة، مسيرة طويلة خاضها البطل الموحد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، طيب الله ثراه، في سبيل ترسيخ أركان هذا الكيان وتوحيده تحت راية واحدة، سارت به نحو النمو والتطور والبناء، فكانت ملحمة التوحيد وتأسيس المملكة على يد الملك عبدالعزيز ورجاله المخلصين حدثاً تاريخياً عظيماً أثمر بناء أمة ونهضة شعب وقيام حضارة تعاقب عليها أبناء الملك المؤسس، حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز يحفظه الله. لقد سعى الملك المؤسس بكل جهد لبناء دولة هدفها تنمية الإنسان والاستثمار فيه، وذلك بدعوته للاستقرار أولاً، ثم بتعليمه ثانياً، ثم بدعوته للمشاركة في صنع التنمية، حتى أصبحت المملكة واحة حضارية مبدعة، وانطلاقة تنموية خلاقة، وسجلاً متصلاً من العهود الزاخرة. وفي ذكرى هذا اليوم المجيد الأول، ها نحن نعيش في ظلال هذه الدولة الوارف، بعد أن أصبحت كياناً له وزنه عل كل المستويات العربية والإسلامية والدولية، وهي مناسبة عزيزة تدعونا بكل فخر للحديث عن منجزات بلادنا الغالية. وتعد وزارة الحرس الوطني أحد منجزات الوطن، والتي تسهم في حماية أمنه والدفاع عن مقدساته والمشاركة في مسيرة التنمية المباركة فيه، وعندما نستذكر بدايات الحرس الوطني، فإننا نتحدث عن أبناء وأحفاد أولئك الرجال الذين شاركوا بأرواحهم وأموالهم وسلاحهم مع الملك عبدالعزيز، طيب الله ثراه، الذي رفع لواء التوحيد، ووضع الأسس لبناء المملكة الحديثة منذ أن بدأت انطلاقته عام 1319ه وحتى إعلان تكامل هذا الكيان تحت اسم المملكة عام 1351ه. وتمثل نهضة الحرس الوطني وتطوره صفحات مضيئة كتب سطورها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، إذ رعى حفظه الله تطوره وله الفضل بعد الله في تحديثه والوصول به إلى مصاف القوات العسكرية الحديثة، ليصبح إحدى ركائز الأمن والاستقرار والرخاء في وطننا الغالي، فحين تولى الملك عبدالله بن عبدالعزيز، يحفظه الله، رئاسة الحرس الوطني عام 1382ه، بدأت انطلاقة هذا الصرح العملاق من مجرد وحدات تقليدية إلى قوات عسكرية محترفة وحديثة، وبقيادته، حفظه الله، انطلق الحرس الوطني نحو التطور في خطوات تختصر الزمان، وليصبح خلال أعوام قليلة مؤسسة عسكرية حضارية شاملة، تسهم في مسيرة النهضة الكبرى للمملكة. مسيرة وإنجاز في عام عاش الحرس الوطني هذا العام 1434ه، العديد من المنجزات وعطاءات الخير والنماء، إذ جاء أمر خادم الحرمين الشريفين، يحفظه الله، بتحويل رئاسة الحرس الوطني إلى وزارة، وتعيين الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز وزيراً لها حدثاً تاريخياً يدعم مسيرة الحرس الوطني، ليواصل مسيرته في خدمة الحرس الوطني، خدمة لدينه ومليكه ووطنه، وتدرج الأمير متعب في العديد من المناصب خلال خدمته في الحرس الوطني، وشارك في مسيرة التطوير لتحقيق رؤية خادم الحرمين الشريفين في أن يظل الحرس الوطني مؤسسة عسكرية وحضارية مميزة تسهم بكل نجاح في تعزيز مسيرة البناء والتنمية في وطننا الغالي. وامتداداً لمسيرة التطوير والتحديث، صدر هذا العام الأمر الملكي الكريم بتعيين عبدالمحسن بن عبدالعزيز التويجري نائباً لوزير الحرس الوطني، ليسهم في مسيرة التطوير في الحرس الوطني جنباً إلى جنب مع قادة ومنسوبي وزارة الحرس الوطني من الرجال، الذين يتشرفون بالانتماء إلى هذا الصرح الشامخ، خدمة للدين ثم المليك والوطن. وشهدت إنجازات الحرس الوطني قطف المزيد من ثمار مسيرة الخير والعطاء، إذ شهد هذا العام افتتاح المدينة الجامعية الجديدة لجامعة الملك سعود بن عبدالعزيز للعلوم الصحية في الرياض، التي تعد من أبرز وأهم الصروح التعليمية الضخمة التي رعاها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، يحفظه الله، وتعتبر بحق مفخرة للتعليم العالي المتخصص وأحد منجزات الحرس الوطني لبلادنا الغالية، وتعد جامعة الملك سعود بن عبدالعزيز للعلوم الصحية بالرياض وفرعاها في جدة والأحساء أول جامعة علمية متخصصة في العلوم الصحية تهيئ لطلابنا وطالباتنا إمكان العطاء والإبداع دعماً لنهضة وتطور قطاعاتنا الصحية، وتزامن افتتاح الجامعة مع تخريج الدفعة العاشرة لتسهم هذه السواعد الفتية في خدمة الوطن وتشارك في تنميته وتطوره.وواصلت كلية الملك خالد العسكرية القيام بدورها في إمداد وحدات الحرس الوطني بالضباط المؤهلين من خريجي الثانوية العامة والجامعيين، إذ احتفلت الكلية هذا العام بتخريج الدورة ال24 للضباط الجامعيين والدفعة ال29 من طلبة كلية الملك خالد العسكرية تحت رعاية وزير الحرس الوطني الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز، لينضموا إلى زملائهم في وحدات الحرس الوطني، ويسهموا في خدمة وطنهم وازدهاره. وبما أن مهمة الحرس الوطني الرئيسة هي الحفاظ على الأمن والدفاع عن الوطن مشاركاً مع بقية القوات العسكرية في هذا الوطن، فإن ذلك يتطلب استمرار العمل والتطوير لتحديث القوة العسكرية، ورفع مستوى أداء المنسوبين، وفي هذا الإطار تفقد وزير الحرس الوطني مقر المهبط التدريبي لطائرات التدريب التأسيسي العمودي نوع"إم دي 53. ? إف"، واستمع إلى إيجاز حول الخطط والمشاريع المستقبلية المتمثلة في مطار لواء الطيران الأول، والذي يجهز لاستقبال الطائرات نوع أباتشي وطائرات استطلاع مسلحة وطائرات أغراض عامة من نوع الصقر الأسود ومقر قاعدة إمدادات وتدريب الطيران ومراحل الخطط المستقبلية لطيران الحرس الوطني. ويولي الحرس الوطني التدريب اهتماماً كبيراً بالمهارات الفردية للفرد ضمن الفريق، وانتهاء بالتمارين الميدانية وتمارين القيادة والسيطرة على مستوى الحرس الوطني، إذ نفذ الحرس الوطني ضمن خطط التدريب السنوية تمرين"ولاء وفدا 3"، وهو يهدف إلى اختبار أنظمة الاتصال وإجراءات القيادة، والسيطرة وتوحيد مفهوم العمل والتخطيط المشترك، كما واصلت وحدات الحرس الوطني هذا العام عقد وتخريج العديد من الدورات في مدارس الحرس الوطني العسكرية وألوية الحرس الوطني ومدرسة سلاح الإشارة ومراكز التدريب، لتقف هذه السواعد قوة ضاربة تذود عن أمن الوطن واستقراره. كما واصلت وزارة الحرس الوطني خطوات التطور والنماء في كل القطاعات، إذ تم هذا العام اعتماد مشروع مبنى كلية القيادة والأركان بالحرس الوطني كأحد المنجزات التي تضاف إلى مسيرة البناء المستمرة في الحرس الوطني، ويمثل المشروع الذي يقام على مساحة 36 ألف متر مربع إضافة معمارية مميزة لمنظومة منشآت الحرس الوطني، إذ يتكون المشروع من كتلتين معماريتين شامختين بثلاثة طوابق، تفصلهما مساحة من الخضرة في وسطهما المسجد الرئيس للمبنى، ويعكس تصميم البهو فخامة البناء وانسيابيته، والذي يؤكد المنهج الحديث والنظرة المستقبلية للحرس الوطن. وفي إطار اهتمام وزارة الحرس الوطني بمنسوبيها، اطلع وزير الحرس الوطني على التصاميم النهائية الخاصة بمشروع نادي ضباط الحرس الوطني والذي سيتم البدء في تنفيذه قريباً في مدينة الرياض، وهو يأتي ضمن منظومة من الأندية الاجتماعية والرياضية لمنسوبي الحرس الوطني في كل من الرياضوجدة والدمام والمدينةالمنورة وحائل والقصيم والأحساء والطائف. وتهدف هذه المشاريع إلى نشر وتنمية الأنشطة الاجتماعية والثقافية والترفيهية والرياضية، وتوفير المناخ المناسب لتنمية العلاقات الاجتماعية بين الأعضاء وعائلاتهم، وذلك من خلال الأنشطة المختلفة والندوات والمحاضرات والحفلات الترفيهية، وكذلك إعداد البرامج والأنشطة الترويحية وتهيئة الوسائل، وتيسير السبل لشغل أوقات الفراغ في ما يعود على الأعضاء وعائلاتهم بالنفع والفائدة. واستمراراً للدور الحضاري الذي يقوم به الحرس الوطني في العديد من المجالات الاجتماعية والثقافية، واصل رعايته للعديد من الأنشطة الثقافية، وكعادته كل عام نظم الحرس الوطني، وبرعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين، الدورة ال28 للمهرجان الوطني للتراث والثقافة، ليواصل مسيرة النجاح والإبداع، ويسهم في إبراز تراث أمتنا وثقافتها وجوانب النهضة الحضارية والتنموية التي تعيشها بلادنا في عصرها الزاهر. وأولى الحرس الوطني دعماً مميزاً لمشاريع الإسكان لمنسوبيه، إذ يتم التوسع في بناء المدن السكنية العملاقة في مناطق المملكة المختلفة، وفي هذا الإطار نفّذ الحرس الوطني عدداً من مشاريع التوسعة للمدن السكنية القائمة في كل من الرياضوجدة والأحساء والدمام والطائف، لتدعم استقرار منسوبي الحرس الوطني وتوفر لهم السكن الملائم، وتم تزويد المدن السكنية بعشرات المباني المكمّلة من مساجد ومدارس ومستوصفات، وملاعب، وميادين للخدمات، وأسواق مركزية، ومراكز رياض للأطفال، ومكتبات عامة، وأندية ترفيهية، واجتماعية، ومحطات إطفاء، ودورات مياه عامة، ومبان للضيافة، ومحطات خدمة للسيارات لتسهم هذه المشاريع في استقرار ورفاهية منسوبي الحرس الوطني. كما شارك الحرس الوطني هذا العام في العديد من المهمات بالتعاون مع القطاعات الأمنية والحكومية، مثل عملية الإنقاذ والإخلاء للمتضررين جراء هطول الأمطار الغزيرة على عدد من مناطق المملكة، إذ أسهمت وحدات الحرس الوطني هذا العام في تقديم الإسناد والإنقاذ في كل من محافظاتالطائف والقويعية وحائل ووادي الدواسر والمناطق المجاورة المحيطة بها والتي تضررت جراء السيول، إذ قامت بعمليات البحث عن المفقودين وإنقاذ المتضررين من السيول بمشاركة ضباط وأفراد الحرس الوطني، كما تشرف الحرس الوطني بالمشاركة في العديد من المهمات الإغاثية والإنسانية المختلفة داخل وخارج المملكة. أيضاً يتشرّف منسوبو الحرس الوطني سنوياً بالمساهمة في خدمة ضيوف الرحمن، إذ يتم تجنيد كل الإمكانات الأمنية والإرشادية والصحية والإعلامية، وتستنفر وزارة الحرس الوطني كل طاقاتها لخدمة ضيوف الرحمن حجاج بيت الله الحرام والسهر على أمنهم وراحتهم، ولأن الإنسان هو محور التنمية وباعثها، يولي الحرس الوطني جل عنايته واهتمامه لمنسوبيه العسكريين والمدنيين. ويحرص وزير الحرس الوطني على لقاء المنسوبين والاجتماع معهم مع سماع اقتراحاتهم وآرائهم، كما يتم تكريم منسوبي الوزارة المتقاعدين وتقدير ما بذلوه من جهود مخلصة في خدمة دينهم ومليكهم ووطنهم. إن مسيرة الحرس الوطني ومراحل البناء التاريخية لهذه المؤسسة العسكرية الحضارية التي رعاها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز يبرز تفاصيلها معرض الصور الفوتوغرافية التاريخية للحرس الوطني، الذي افتتحه وزير الحرس الوطني الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز، إذ يجسد المعرض مسيرة الحرس الوطني ومراحل البناء التاريخية، حتى أصبح مؤسسة عسكرية حضارية بناها ورعاها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، ويضم المعرض أكثر من 300 صورة تحكى مسيرة الحرس الوطني في مختلف المجالات العسكرية والطبية والتعليمية والسكنية لأكثر من 54 عاماً. لقد ورث الحرس الوطني كل خصائص عصر البطولة التي كافح الملك المؤسس عبدالعزيز من أجلها، وتجسدت في وحداته وتشكيلاته كل صفات الشعب النبيل الذي شارك في بناء المملكة العربية السعودية. وقد عبّر عن ذلك خادم الحرمين الشريفين بقوله:"نحن هنا في المملكة العربية السعودية نشعر شعوراً كاملاً بأمن هذا البلد واستقراره ووحدته، وهذا الشعور هو الذي يملي علينا دائماً أن نكون مخلصين له، وما الحرس الوطني إلا هذا الشعب، فهو الذي أقام بعرقه وجهده مع الملك عبدالعزيز رحمه الله هذا الوطن الذي نقيم في ظلّه ونسعى إلى صونه بكل ما نملك".