أنغام مختلفة وأصوات عدة ترد إلى مسامع من يتجول في سوق الطيور الواقعة جنوب مدينة جدة في حي الخمرة، إذ يختلط فيها تغريد البلابل بهديل الحمام، وصياح الديكة بنقنقة الدجاج ومواء القطط، ويعلو فوق تلك الأنغام صيحات المحرجين هناك في زحام لهواة الطيور والحيوانات الزاحفة، ليجتمعوا في كرنفال أسبوعي كل جمعة من كل مناطق السعودية لبيع أنواع الحيوانات في مزادات مختلفة. "سوق الطيور"ملتقى ل"هواة الطيور"، إذ يتم عرض ما يمتلكون من الطيور لبيعها، متباهين بما يتميزون به من طيور نادرة ومميزة ليصل البعض منها إلى 20 ألف ريال، إلا أن حجم المبالغ لا ينعكس على روعة المكان، إذ تذمر بائعو الطيور من عشوائية المكان وسوء تنظيمه وانعدام المرافق العامة به، إضافة إلى غياب الرقابة من الجهات المسؤولة، لتأتي مطالبة المدير العام للصحة البيئية في جدة الدكتور فهد قمري خلال حديثه إلى"الحياة"بتنظيم السوق والاهتمام بها، كونها تفتقر إلى الإجراءات التنظيمية التي يفترض تطبيقها على الباعة والمرتادين حفاظاً على البيئة والصحة العامة من التلوث. من جهته، أكد المدير العام للمسالخ وأسواق النفع العام في أمانة جدة الدكتور ناصر الجار الله ل"الحياة"أن الأمانة في صدد تطوير السوق وتوفير المرافق العامة بها، وأنها شرعت لدراسة زيادة أوقات البيع والحراج لتكون على ثلاث فترات للسوق. بدوره، بين عضو المجلس البلدي في جدة المهندس عبدالله التركستاني في حديثه إلى"الحياة"أن المجلس البلدي سيناقش مشكلات ومتطلبات سوق الطيور في جدة خلال جلساته المقبلة. "بائعون": نتعرض للسرقة بلا حماية ... والموقع تنقصه"الخدمات" تذمر عدد من بائعي الطيور من عشوائية السوق والتي تتسم بسوء التنظيم، افتقار المرافق العامة من دورات مياه ومسجد، إضافة إلى غياب الرقابة والمتابعة التي أدت إلى تغلغل اللصوص داخل السوق ما أدى إلى تعرض البائعين للسرقة. واشتكى أحد الهواة القادم من مكةالمكرمة صالح الجهني من سوء تنظيم سوق الطيور، والتي تتصف بالعشوائية وانعدام النظافة فيها، لافتاً إلى أنه شارك في مزادات الأسواق السعودية كافة، والتي تميزت بالأفضلية من سوق جدة التي تعد الأول والأقدم من بينها، مطالباً بالاهتمام بها أسوة بالأسواق الأخرى الموجودة في مناطق المملكة. وأفاد بأن السوق تحتاج إلى مزيد من الاهتمام كتوفير مظلات ودورات مياه، والنظافة المستمرة للمكان، مضيفاً:"إهمال النظافة في السوق يؤدي إلى إصابة الحيوانات بالأمراض ويؤثر على صحة المرتادين، الأمر الذي يتطلب نقل السوق إلى مكان أفضل وأنظف". وطالب البائع أبومهند بضرورة تحديد أوقات للبيع، وتوفير بطاقات تعريفية للبائعين والهواة للتنظيم والارتقاء بالسوق إلى العالمية، إذ يرى أن نقص الخدمات وقلة الوعي هما السبب في عدم جذب الاستثمارات للسوق، والتي يمكن أن تصبح عالمية نظراً إلى وجود بعض الحيوانات النادرة والمختلفة. وأوضح البائع محمد النجار أن غياب المسؤولين عن السوق وعدم المتابعة والرقابة المستمرة أدت إلى حدوث تلك المشكلات، ما أدى إلى ظهورها بشكل غير مرغوب. وقال إن الباعة يعانون من غياب الرقابة الإشراف منذ سنوات عدة، إذ عانى بعض الباعة من سرقة طيورهم وحيواناتهم من جانب لصوص ماهرين في سرقة الحيوانات، إضافة إلى النصب والاحتيال على الزائرين بالأسعار الخيالية. وأشار إلى أن السوق تفتقر لوجود مسجد لأداء الصلاة فيه، إذ يقدر عدد المصلين في صلاتي العصر والمغرب من يوم الجمعة إلى خمسة آلاف شخص، يؤدون جميعهم الصلاة على مفارش من دون مسجد يؤويهم. وعلى رغم أن السوق مخصصة لبيع مختلف أنواع الطيور والدواجن، إلا أن ذلك لم يمنع عدداً من الشبان الهواة عرض أنواع أخرى كالثعابين والفئران من فئة"الهامستر"والتي تلقى رواجاً كبيراً من جانب الرواد، إلا أن غالبية باعة وهواة الطيور يرفضون وجود تلك الحيوانات بين طيورهم. إذ شدد أبو مهند المهتم بتربية الطيور على ضرورة منع الحيوانات الأخرى غير الطيور ك الثعابين، الكلاب، والقطط من وجودها في السوق وتوفير أسواق خاصة للحيوانات المفترسة، مطالباً بفرض غرامات مالية مرتفعة على المخالفين. وأفصح البائع طارق المالكي أن البيع أو الاستخدام الشخصي للحيوانات الوحشية والمفترسة في المملكة مخالف للأنظمة والتعليمات، وأنه في حين تم استيراد الحيوانات الوحشية تتم مصادرتها أو يعاد تصديرها، ويحال الشخص إلى لجنة شكلها النظام للنظر في المخالفة، وتطبيق العقوبات المناسبة بحقه. وأفاد بأن الهيئة عينت مراقبين بالتنسيق مع الجهات المختصة لتطبيق النظام في حق المتاجرين بالكائنات المهددة بالانقراض في عدد من المنافذ والأسواق، مطالباً منظمي المهرجانات الموسمية ومسؤولي الأسواق التي تبيع الحيوانات والزواحف عدم الدعوة إلى إقامة أي عروض ترفيهية أو الترويج لها بالبيع مثل الثعابين، أو العقارب، أو القرود، وغيرها من الحيوانات البرية، نظرًا إلى حيازتها من دون اعتماد أو موافقة الهيئة السعودية للحياة الفطرية. "الصحة البيئية" : الطيور خالية من الأمراض المعدية أوضح المدير العام للصحة البيئية في جدة الدكتور فهد قمري في حديثه إلى"الحياة"أن سوق جدة للطيور خالية من الأمراض المعدية والوبائية حتى الآن، مؤكداً أن ذلك لا يمنع من زيادة الجولات الرقابية على السوق من جانب المتخصصين واللجان المهتمة المشتركة والمتمثلة في الأمانة، الصحة، الزراعة، والهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية. وشدد قمري على البائعين والهواة بضرورة الالتزام بالتطعيمات الخاصة للطيور وتجديد الشهادات الصحية خصوصاً للطيور القادمة من خارج المملكة واستيفاء الشروط المهمة لها، مضيفاً:"من الأفضل أن يكون هناك نظام صحي يُفرض على جميع الطيور والحيوانات إصدار شهادات صحية للتأكد من سلامة الطيور. وطالب بتنظيم السوق والاهتمام بها، إذ يرى أن السوق تفتقر إلى الإجراءات التنظيمية التي يفترض تطبيقها على الباعة والمرتادين حفاظاً على البيئة و الصحة العامة من التلوث. ... و"المجلس البلدي" يدرس مشكلات السوق أكد عضو المجلس البلدي في جدة المهندس عبدالله التركستاني في حديثه إلى"الحياة"أن المجلس البلدي سيناقش مشكلات ومتطلبات سوق الطيور في جدة خلال جلسته المقبلة، مشيراً إلى أن المجلس ناقش في جلسات سابقة المشكلات التي تواجه حلقة الغنم، وسوق الخضراوات. وبين أن المجلس البلدي يسهم مع أمانة جدة في تطوير الوضع البيئي للأسواق عامة، ومطالب السكان حول المشكلات التي تواجههم في مدينة جدة، مشدداً على ضرورة الالتزام بالشروط المحددة للمستثمرين والتي أقرتها أمانة جدة واللجان المختصة بسوق الطيور. ويرى التركستاني أن يكون موقع السوق بعيداً عن المنازل والأحياء السكنية، إذ إن البناء العمراني يتمدد، الأمر الذي يتطلب أخذ الحيطة والحذر من القرب من المواقع التي تكثر بها تجمعات الحيوانات، حفاظاً على صحة السكان وعدم تضررهم. "هواة الطيور": الأسعار يحددها النوع و الشكل والطلب يربي الهواة أنواعاً عدة من الطيور والحيوانات ذات الأجناس المختلفة والألوان المميزة في مزارعهم رغبة في المتاجرة بها ليصل البعض منها إلى أسعار تفوق المتوقع، معتمدين في ذلك على النوع، الشكل، الحجم، والندرة. وبين بائع الطيور عابد المالكي أنه تولع بحب الطيور وتربيتها كونه اعتاد عليها منذ نشأته مع أسرته،إذ يتنقل بين الفينة والأخرى لحضور مزاداتها في الخليج، ويقوم بشراء ما يناسبه منها وعرضها في السوق. وأشار إلى"الببغاء البرازيلي"والذي لا يتنازل عن بيعه بأقل من 10 آلاف ريال، مرجعاً السبب إلى إجادته ترديد الكلام، وألوانه الزاهية، إذ يعد من الطيور النادرة في العالم. أما الهاوي المختص في الأنواع النادرة من الطيور عبدالعزيز الزهراني فإنه لا يقبل أن يبيع طائر"الميجر ميتشل"النادر بأقل من 20 ألف ريال، إذ يتميز بعرفه ذي الألوان الزاهية، ويعد من الطيور المهددة بالانقراض ويمنع تصديره. ويرى أن الأسعار في سوق الطيور معقولة إلى حد ما، إذ يقدر سعر الدجاج الفارسي ب1500 ريال، والذي يتميز بحجمه الضخم، كما يقدر سعر الديك الرومي ب2600ريال، أما الفأر من نوع"الهامستر"فيقدر ثمن الواحد منه ب15 ريالاً. أما فايز الرويثي القادم من المدينةالمنورة وهو من أكثر الهواة حباً لطائر"القلم النيوزلندي"، وهو طائر معروف دولياً لألوانه الجميلة وندرته في قارة آسيا، مبيناً أن سعره يتراوح ما بين خمسة و10 آلاف ريال، مشيراً إلى أنه شارك به في مسابقات عدة بروسيا والصين. وأفاد بأن طائر"القلم"تتفاوت قيمته الشرائية بحسب اهتمام مسؤوليه أو مربيه، كما أنه متعدد الأسماء، الألوان، والأصناف. "الأمانة"تنظر زيادة أوقات البيع في"الحراج" كشف المدير العام للمسالخ وأسواق النفع العام في أمانة جدة الدكتور ناصر الجار الله ل"الحياة"عن شروع الأمانة لدراسة زيادة أوقات البيع والحراج لتكون على ثلاث فترات للسوق، وذلك بعد التشاور مع رئيس طائفة الطيور والبائعين في السوق، إذ إن الأوقات الحالية تتمثل في بعد فجر وعصر يوم الجمعة فقط. وأوضح الجارالله أن سوق الطيور تقع ضمن سوق الأنعام في جنوبجدة التي تحتوي على الأغنام، الفحم، الحطب، و الأعلاف، مبيناً أن الأمانة بصدد تطوير السوق إذ شرعت في إنشاء مظلات بالسوق لتشمل جميع البسطات، إضافة إلى إنشاء دورات مياه وأماكن للصلاة. وأشار إلى أن تعاميم وزارة الزراعة تقتضي بعدم بيع الدواجن والطيور المحظورة التي تظهر عليها أمراض أو غير مطابقة للشروط الصحية، كما أن مندوب وزارة الزراعة يشارك في الحملات الرقابية والجولات التفتيشية مع مندوبي ومراقبي الأمانة لمسالخ أسواق النفع العام ومنع المخالفين للأنظمة من البيع. وأفاد بأن بائعي الطيور تصدر لهم الأمانة بطاقة صحية للطيور وصحتها، وتتم الرقابة على"البسطات"خلال الفترتين الصباحية والمسائية، مؤكداً أن التجاوزات في سوق الطيور من تجمعات الهواة ليست بالشكل الكبير. وقال إنه يمنع منعاً باتاً بيع الكلاب أو الحيوانات المخالفة غير الطيور، مشدداً على ضرورة الالتزام بالأنظمة و التعليمات التي أقرتها الأمانة وذلك لتنظيم السوق والحفاظ على أهميتها.