42.9 مليار ريال زيادة سنوية بأصول صناديق الاستثمار    42.8% نمو عدد السياح في دول الخليج    دور قيادي سعودي في تحقيق التوازن الدولي    الأهلي يهز شباك الغرافة برباعية والنصر يعود بنقطة    الاتفاق يواجه القادسية الكويتي بالدمام في الجولة الأخيرة خليجياً..    حرس الحدود بالقنفذة ينقذ 5 مقيمين بعد جنوح واسطتهم البحرية في عرض البحر    الدفاع المدني: استمرار هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة حتى الخميس المقبل    تحدي ديزايناثون يحقق رقما قياسيا عالميا في الرياض    سعودية تعيد إحياء حرفة شارفت على الاندثار    تجارب وقصص تجسد نجاحات مبدعي جازان    الاعتراض على قيمة النفقة حق للوالدين    أدوية باركنسون تنقص الحديد    كاراسكو يحيّر الشبابيين    الأهلي نُحِر    3 وديات ل«أخضر السيدات» في معسكر جدة    الأهلي يفوز على الغرافة برباعية ويطيح به من دوري أبطال آسيا    موعد مباراة الهلال والوصل اليوم في دوري أبطال آسيا    موعد مباراة النصر القادمة بعد التعادل مع برسبوليس    السعودية ترسخ السلام العالمي    بين السياسة و«البزنس»    الزميل الحربي.. ينجو وأسرته من حريق بمنزله    الأمن القومي يقيد استخدامات DeepSeek    اكتشاف غير طبيعي بالمحيط الهادئ    الحكومة اليمنية: 4501 قتيل و5083 مصابا بسبب الألغام الحوثية    المعلم منصور وذاكرة التعليم!    الذكاء الاصطناعي يدقق التقارير الطبية    نقل مقر الأمم المتحدة إلى دولة تحترم القانون الدولي    الأخطاء الشائعة عند ارتفاع ضغط الدم    اللصقات الغذائية بين الفعالية والتسويق    أمير القصيم يستقبل مدير الجوازات.. والفائزين بصناعة المحتوى    حرم ولي العهد تُعلن إطلاق متحف مسك للتراث "آسان"    أمير الرياض يرعى حفل «كفيف» للزواج الجماعي    "الشؤون الدينية" تدشن الخطة التشغيلية لشهر رمضان    المفتي ونائبه يتسلّمان تقرير فرع عسير    قمة السلام في قلب العالم    «الإصلاحات الاقتصادية».. بيئة جاذبة للاستثمار الخارجي    محادثات السلام.. تهدئ أسعار النفط    الخريف: "وعد الشمال" تمثل نموذجًا عالميًّا للتكامل الصناعي    من رواد الشعر الشعبي في جازان.. الشاعر حسين النعمي الهروبي    محافظ المهد يستقبل أمير منطقة المدينة المنورة خلال زيارته التفقدية        اختتام وطن بلا مخالف بالرياض    مريض يطمئن على مريض تركي السرحاني إنسانية ووفاء    أمير منطقة القصيم يكرّم 24 فائزاً بجائزة صناعة المحتوى    الأمير سعود بن نهار يختتم جولاته التفقدية للمراكز الإدارية التابعة للطائف    مساعد وزير الداخلية يشهد تخريج الدفعة ال 6 من الدورة التأهيلية للفرد الأساسي (نساء)    سمو نائب أمير منطقة الرياض يؤدي صلاة الميت على والدة العقيد جبران بن محمد بن خاطر -رحمها الله-.    قائد القوات الخاصة للأمن البيئي يدشن القوة الخاصة للأمن البيئي بمحمية عروق بني معارض الطبيعية بمنطقة نجران    أدبي جازان يقيم عدد من الفعاليات بمناسبة يوم التأسيس    تزامن فلكي بين التقويم الهجري والميلادي.. مطلع رمضان    «دار وإعمار» للاستثمار والتطوير العقاري تدشن فيلا العرض النموذجية لمشروع «تالا السيف» وتواصل ريادتها في السوق العقاري    أمانة القصيم توقع مذكرة مع فرع وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد    تراجع مفهوم الخطوبة بين القيم الاجتماعية والتأثيرات الحديثة    الشيخ السليمان ل«الرياض»: بعض المعبرين أفسد حياة الناس ودمر البيوت    الحجامة.. صحة وعلاج ووقاية    محمد بن ناصر يدشّن حملة التطعيم ضدّ شلل الأطفال    غرامة لعدم المخالفة !    عدم تعمد الإضرار بطبيعة المنطقة والحياة البرية.. ضوابط جديدة للتنزه في منطقة الصمان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عن إمكان السلام مع إسرائيل
نشر في الحياة يوم 14 - 12 - 2013

يتم عادة تبسيط مسألة السلام مع إسرائيل من خلال تصوير القضية بكل بساطة، على أن رفض السلام معها ناتج من"خيالات وأوهام عربية"، بمعنى أن العرب أمضوا أكثر من ستة عقود، وهم يرفضون الأمر الواقع المتمثل في وجودها، بسبب رؤية مثالية في أذهانهم، بينما الحل واضح وبسيط، وهو أن إسرائيل أمر واقع يجب أن نقبل به، انطلاقاً من حسابات"براغماتية".
هذا الطرح شديد التبسيط للمسألة، لأنه يتجاهل معطيات أساسية عدة، فهو يفترض بكل بساطة أن إسرائيل تمد يدها للسلام منذ نصف قرن، والعرب هم من يرفض، ويتجاهل كل ما ارتكبه الصهاينة ضد العرب من جرائم، ويتجاهل أن الكيان الصهيوني رفض قرار التقسيم الدولي عام 1947 كما رفضه العرب. فكل ما حدث قبل تأسيس الكيان الصهيوني من مجازر وقتل وبعد تأسيسه من بناء للمستوطنات، والتمييز العنصري ضد عرب الداخل، احتلال المزيد من الأراضي العربية 1967، وارتكاب المزيد من الجرائم في حق العرب في شكل دائم. يتجاهل أنها كيان استعماري، بُني على الدم، ويتغذى به، وغير مستعد للتخلي كحد أدنى عن الأراضي العربية المحتلة 1967 أو تفكيك المستوطنات أو المفاعل النووي وخفض ترسانتها العسكرية. بل على العكس تماماً، إسرائيل ومن خلفها الولايات المتحدة تضربان عرض الحائط بكل القرارات الدولية، وأميركا استخدمت حق النقض"الفيتو"عشرات المرات، لمنع مجرد شجب وإدانة جرائم الكيان الصهيوني فضلاً عن محاسبته. من هنا يبدو من الأولى لوم إسرائيل على رفض السلام لا العرب.
المسألة الأخرى، أن الحكومات العربية لم تكن ضد السلام حقيقة، حتى جمال عبدالناصر الذي يعتبر أكثر الزعماء العرب"راديكالية"تجاه إسرائيل، كانت هناك مؤشرات على قبوله للسلام معها في مقابل انسحابها من الأراضي العربية المحتلة 1967، وفي ظل تسوية شاملة للصراع العربي - الإسرائيلي لا من خلال مساومة على الأراضي المصرية ومع مصر في شكل منفرد. كذلك قدمت مبادرة عربية للسلام في قمة"فاس"في المغرب بالثمانينات، وهي التي تعرف بمبادرة الأمير فهد، وتم رفضها من إسرائيل، وجددت المبادرة في الألفية، وتبنتها جامعة الدول العربية، وكان الرد على المبادرة اجتياحاً شاملاً لغزة من القوات الإسرائيلية وقتل المئات من الفلسطينيين، كل هذا يأتي في سياق، أما الحكومات العربية مدت يدها للسلام مراراً، وتم رفض كل مبادراتها في شكل وقح أحياناً، كما حدث من اجتياح لغزة، تزامناً مع المبادرة الأخير.
مع أن المزاج الشعبي - العربي رافض للتطبيع مع إسرائيل بطبيعة الحال، حتى في الدول التي وقعت معها كالأردن ومصر، إلا أن الاتفاقات وقعت بين الحكومات، وتم تطبيقها والحفاظ على بنودها لعقود، وهو ما يعني أن الحديث عن ممانعة عربية هو من قبيل المغالطة حتى مع وجود رفض شعبي للسلام، فالحكومات العربية مدت يدها للسلام لأعوام، وتم رفض مبادرتها باستمرار.
من المغالطات التي تطرح أن العرب يرغبون في رمي اليهود في البحر أو ممارسة التطهير العرقي ضدهم، وهذا قفز على وقائع كثيرة، فالحكومات العربية تبنت حل الدولتين من بعد اتفاق"أوسلو"، وإسرائيل والولايات المتحدة من خلفاها رفضت إعلان الدولة الفلسطينية، وما زلت تمارس هذا الرفض. فهذا يعتبر الموقف العربي الرسمي، أما الموقف غير الرسمي فهناك شريحة لا يمكن الاستهانة بها، ترى الحل في تفكيك النظام العنصري في إسرائيل، ونشأة دولة واحدة ديموقراطية ثنائية القومية بعد عودة اللاجئين العرب، حتى الحديث"الراديكالي"عن زوال إسرائيل لا يطرح رؤية من قبيل الإبادة أو القتل للسكان اليهود لفلسطين العربية، ولا أحد يتقبل طرحاً من هذا القبيل. فالمسألة ليست ماذا نفعل باليهود؟ بل كيف نرفع الظلم عن المواطنين العرب، ونتخلص من الكيان الاستعماري الغاصب؟
في ذات السياق، هناك حقيقة يتم تجاهلها غالباً، حقيقة أن الدول العربية لم تخض حرباً ضد إسرائيل من 1973 في مقابل أنها تخوض حرباً يومياً ضد المواطنين العرب، حرب قتل ودمار، حصار وتمييز عنصري واضطهاد.
بعد الحديث عن هذه المغالطات حول مسألة السلام العربي ? الإسرائيلي، يبقى سؤال رئيس، لماذا يتم إعادة الحديث بين كل فترة حول رفض العرب للسلام، وأن الصراع العربي - الإسرائيلي"أمر هامشي"، وكان يمكن تجاوزه قبل عقود من خلال تسوية سلام شاملة، يقوم العرب بعدها بالالتفات إلى الإصلاح والتنمية والحياة الرغيدة بدل الدخول في صراعات مع إسرائيل؟ حقيقة أن الحكومات العربية وضعت نفسها خارج الصراع في شكل كامل مع اتفاق"أوسلو"، بعد أن وضعت مصر نفسها خارج الصراع باتفاق"كامب ديفيد"، والأردن باتفاق وادي عربة، ومع هذا نرى اقتصاديات تعتمد على المعونات الدولية، فلم يكن الصراع أو عدمه عاملاً في الرفاه الاقتصادي كما يزعم مروجو"السلام".
حقيقة أن الطرح المتكرر ليس طرحاً لعملية سلام، يعلم يقينا من يطرحها أن إسرائيل هي الرافضة لها لا الحكومات العربية، لكنه طرح علني وصريح للاستسلام، للقبول بالتطبيع الكامل معها من دون مقابل، فتحت لافتة القبول بالأمر الواقع، يراد أن يصفى حتى ما تبقى من رفض لإسرائيل في نفوس العرب، يراد تصفية القضية والقبول بالكيان الغاصب من دون أي مقابل.
* كاتب سعودي.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.