تأسست الأممالمتحدة عام 1945 كهيئة دولية تضم العديد من المنظمات ذات العلاقة بالمحافظة على السلم والأمن العالميين وحقوق الإنسان. وأصدرت هيئة الأممالمتحدة العديد من القوانين التي تُعنى بالمحافظة على حال السلم والأمن العالميين، وإعلانات ومواثيق حقوق الإنسان. ومن مواضيع حقوق الإنسان التي تزعم هيئة الأممالمتحدة المحافظة عليها تجريم التمييز على أساس ديني Religious Discrimination، حقوق النساء والأطفال Women and Children Rights، حقوق النازحين Refugees، وحقوق الأسرى. ومنظمات هيئة الأممالمتحدة على الترتيب والتوالي هي: السكرتارية العامةthe UN Secretariat، المجلس الاجتماعي والاقتصادي Economic and Social Council، محكمة العدل الدولية International Court of Justice، المحكمة الجنائية الدولية International Criminal Court، مجلس حقوق الإنسان the UN Human Rights Council، الهيئة العامة the General Assembly، ومجلس الأمن الدولي the Security Council. والمنظمتان الأخيرتان هما محور حديثنا في هذه المقالة. أولاً: الهيئة العامة the General Assembly: تتكون الهيئة العامة من 192 دولة، وكل دولة لها الحق في خمسة ممثلين على الأكثر. وكل دولة لها صوت واحد فقط حتى وإن كان عدد ممثليها خمسة ممثلين. على سبيل المثال صوت الولاياتالمتحدة الأميركية يساوي صوت الهند. هذا ما هو مذكور في ميثاق الأممالمتحدة، أما من الناحية التطبيقية، فالأمر يخالف ما هو مقرر قانونياً بناءً على المقولة الشائعة القوانين المكتوبة تختلف عن القوانين المطبقةLaws in books are not the same laws in action. وللهيئة العامة دور كبير في تقرير حال السلم والأمن العالميين International Peace and Security ولها أيضاً دور كبير في استخدام التدخل العسكري Use of Armed Forces. ثانياً: مجلس الأمن الدولي the Security Council: لمجلس الأمن الدولي صلاحية في المحافظة على السلام والأمن العالميين. ويتألف من 15 عضواً دولة. خمسة أعضاء هم أعضاء دائمون وهي فرنسا، الصين، روسيا، أميركا، بريطانيا. وعشرة أعضاء يتم انتخابهم من الهيئة العامة السابق ذكرها لمدة عامين ويمثلون قارات العالم. وأشارت المادة 23-1 من ميثاق الأممالمتحدة إلى مراعاة التوزيع الجغرافي لهذه العضويات. وهناك اتفاق شبه رسمي معمول به من الهيئة العامة عند اختيار الاعضاء، إذ يتم منح الدول الأفروآسيوية خمس عضويات، وعضوية واحدة لدول شرق أوروبا، وعضوية واحدة لدول غرب أوروبا، بجانب عضويتين لدول أميركا اللاتينية، وعضوية واحدة لدولتي كندا أو أستراليا. أما عن المشروعية القانونية لاعتذار حكومة المملكة عن عضوية مجلس الأمن الدولي: فتم اختيار السعودية لتكون عضواً في مجلس الأمن الدولي بتاريخ 18 تشرين الأول أكتوبر 2013، وأعلنت حكومة المملكة اعتذارها عن العضوية بتاريخ 19 أكتوبر 2013. واحتوى اعتذار المملكة على العديد من القيم الإنسانية التي تحرص على مراعاتها. ولمشروعية اعتذار حكومة السعودية عن عضوية مجلس الأمن الدولي العديد من المناقشات القانونية، ومنها: 1. اعتذار حكومة المملكة عن شغل عضوية مجلس الأمن لا يعني أنها ما زالت عضواً مستمراً في هيئة الأممالمتحدة. 2. اعتذار حكومة المملكة جاء مسبباً ومرتبطاً بانتهاكات حقوق الإنسان في جمهورية سورية العربية ودولة فلسطين. إذ إن هيئة الأممالمتحدة فشلت فشلاً ذريعاً في إرساء وحماية حقوق الإنسان التي تزعم أنها توليها جل اهتمامها ومنها التمييز على أساس ديني، حقوق النساء والأطفال، حقوق الأسرى والنازحين. وهذا الفشل الذريع واضح للعيان في الأحداث الدموية التي يقوم بها الحزب الحاكم في جمهورية سورية ضد مواطنيه. 3. اعتذار حكومة المملكة اشترط وجود إصلاحات جوهرية وتفعيل لمجلس الأمن، فهو اعتذار وقتي وليس دائماً، فمتى تم إصلاح وتفعيل مجلس الأمن الدولي بما يتناسب مع الأهداف والقيم الإنسانية التي وضع من أجلها، فحكومة المملكة ربما تقبل العضوية مجدداً في مجلس الأمن الدولي. 4. اعتذار حكومة المملكة جاء متناسقاً مع الاستهجان والاستغراب العالمي حول عدم تدخل مجلس الأمن الدولي في استخدام القوة العسكرية ضد الحزب الحاكم في جمهورية سورية، والذي قام بقتل 120 ألف خلال عامين ونصف العام بحسب تصريح هيئة الأممالمتحدة نفسها، إذ إن التوصية باستخدام التدخل العسكري تعتبر من أهم صلاحيات مجلس الأمن الدولي والهيئة العامة. 5. اعتذار حكومة المملكة يتوافق مع الإرادة الإنسانية شبه العالمية التي ترى أن ما يحدث في جمهورية سورية ودولة فلسطين يعتبر شاهد عيان على فشل وتخاذل هيئة الأممالمتحدة ومنظماتها في إرساء السلم والأمن العالميين وحقوق الإنسان. * دكتوراه الفلسفة في القانون - المملكة المتحدة. [email protected]