أوضحت الروائية السعودية أميمة الخميس أنها سعت في روايتها الجديدة"زيارة سجى"، الصادرة حديثاً عن دار"مدارك"، إلى مخاتلة ومقاربة"اليقين البشري الأحادي"، و"العبث مع الحقيقة الواحدة المطلقة، وفتح نوافذ مصمتة داخلها، للوصول إلى نقيضها". وقالت ل"الحياة"إن الرواية"تمر بحياة ثلاثة أجيال من النساء، والرواة فيها متعددون، كل يروي الحادثة على طريقته الخاصة أو وفق منظوره، وبالتالي يسهم هذا في تفكيك اليقين المغلق وتحويله إلى منشور ضوئي ملون، وليس هذا فقط، بل هناك كائنات ميتافيزيقية علوية تشارك في نظم خيوط السرد، كل هذا كي أصل عبر الكثير من الرواة والتفسيرات إلى أن الحقيقة هي زئبقية ولامتناهية، وتخضع دوما لآنيتي الزمان والمكان". وحول ما يمكن اعتباره نفَساً بوليسياً في الرواية، أشارت الخميس إلى أنه"حتى وإن كان هناك نفَس بوليسي داخل الرواية، وجريمة وتحقيق وتقصي للأحداث يتطلب أجوبة منضبطة للغاية، إلا أن هذا الأمر يزيد الأحداث تعقيداً وتشابكاً. كما هي طبيعة الوجود الذي يرفض دوما أن يمنحك الأجوبة النهائية والمطلقة". وقالت إنها اختارت معرض الرياض الدولي للكتاب، توقيتاً لانطلاق روايتها، وقبل ذلك ستقوم بتوقيعها قريباً في معرض مسقط للكتاب. وتأتي رواية"زيارة سجى"بعد رواية"البحريات"2006 و"الوارفة"2008. والكاتبة تقارب في روايتها هذه: مستويات عدة من السرد، عبر اختلاف الرواة وغرابة الشخصيات، وأيضاً تعدد العوالم بين بشرية وخارقة ميتافيزقية، ولكنها على رغم هذا تبقى كعادتها في حجرات النساء الخلفية، اللواتي يكتشفن العالم عبر الشقوق والأبواب المواربة. يحتلن على البوابة ليمرقن من النافذة. أميمة الخميس في رواية"زيارة سجي"تحاول أن تخبرنا أن للحقيقة أوجهاً ولّادة لامتناهية، وأن مادة الحقيقة زئبقية رجراجة العنصر، فالحادثة نفسها التي ترويها شخصية تتقاطع مع رواية شخصية أخرى لتصبح كارثة وجريمة بالنسبة إلى شخصية ثالثة، إذ يحرص السياق السردي دوما على أن يؤكد محدودية منظور الرؤي البشرية وعجزها عن استجلاء الحقيقة بتمامها. ويربط كل هذا حبكة بوليسية وقصاص أثر بدوي ماكر يفتش رؤوس النساء وحقائبهن وأدمغتهن وأحذيتهن، للوصول إلى مرتكب الجريمة، وفي أثناء إداء مهمته تفتح ملفات وتكشف أسرار وترصد حقائق مراوغة ككثبان الرمل الصحراوية، ويسلط الضوء على حياة طبقة محافظة متحفظة ومحفوظة، تستمد مكانتها من سمتها ووقارها، ولكن تعصف بها رماح الأسئلة متتبعة الشقوق المتهرئة في ثوب الحرير والديباج. ثلاثة أجبال متتالية من النسوة تتداول مغزل السرد حتى نصل في الصفحات الأخيرة إلى مفاجأة سردية غرائبية وملف بوليسي مغلق على يقينه. تخوض المؤلفة هنا مغامرة روائية مركبة بنفَس بوليسي، ولكنها تبقى محافظة على عوالم أميمة الخميس الروائية المحتشدة بأخبار النساء ولواعجهن وصبواتهن وأقدار ملزمة تتربص بهن، فيحتلن على البوابة ليمرقن من النافذة.