سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
خادم الحرمين يستهلّها بكلمة "شاملة" .. وصالحي أكد ل"الحياة" أن العلاقات مع السعودية لا تتأثر باختلاف الآراءپ. "قمة مكة" تناقش النزاعات "الملتهبة" ومطالب ب"تنحية" الأسد وإحالة سورية لمجلس الأمن
يستهل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز اليوم الثلثاء، في قصر الصفا بمكةالمكرمة، قمة التضامن الإسلامي الاستثنائية، وسط ظروف بالغة التعقيد، ونزاعات دامية تهدد الأمة الإسلامية، وفي ظل تصعيد متفاقم للأزمة السورية، وهجمة استيطانية شرسة في فلسطينالمحتلة وتهويد يهدد مقدسات المسلمين في القدس الشريف والأراضي المحتلة. وتوقع مراقبون محليون أن يشير خادم الحرمين الشريفين في كلمته أمام رؤساء وموفدي 57 دولة عضواً في منظمة التعاون الإسلامي إلى أوضاع اليمن والسودان ومالي ودول الساحل الأفريقي. ورجحوا أن ينادي الملك عبدالله بن عبدالعزيز بتعزيز التبادل التجاري بين البلدان الإسلامية وإزالة ما يعوق انسيابه. وفيما أحال وزراء خارجية بلدان التعاون الإسلامي توصية إلى القمة لتجميد عضوية سورية في المنظمة، علمت"الحياة"من مصادر رفيعة أن ممثلي 56 دولة إسلامية وافقوا على تضمين البيان الختامي لقمة مكةالمكرمة نصاً يطالب بتنحية الرئيس السوري بشار الأسد، واعترضت إيران وحدها على ذلك. وستدرس القمة - بحسب معلومات حصلت عليها"الحياة"- توصية بتكوين قوات إسلامية مشتركة، ومطالب ب"خروج آمن"للنظام السوري. وقال وزير الخارجية الإيراني علي صالحي ل"الحياة"أن خادم الحرمين الشريفين وجّه الدعوة إلى قمة التضامن الإسلامي بهدف توحيد الأمة الإسلامية أمام التحديات ولم شملها. وأضاف:"نحن في إيران نعتقد أن قرار تعليق عضوية سورية لا يحقق هذا الهدف". وقال إن"العلاقات بين المملكة وإيران لا تتأثر باختلاف الآراء، وأن هناك تنسيقاً في الفترة المقبلة لعقد لقاءات بين مسؤولين سعوديين وإيرانيين في الرياض وطهران". واقترح صالحي أن تجتمع الدول الكبرى في المنطقة، مثل السعودية وتركيا وإيران لبحث القضية السورية، والخروج بحلول للوضع الحالي. وقال وزير الخارجية اليمني أبوبكر القربي ل"الحياة"إن العلاقات اليمنية - الإيرانية تشهد فتوراً في المرحلة الحالية، وإنه لا توجد تطورات في هذا الشأن"ونحن لا نزال نطالب الحكومة الإيرانية بعدم التدخل في الشؤون اليمنية، واحترام سيادة اليمن على أراضيه". وكشف الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي أكمل الدين إحسان أوغلي ل"الحياة"أن اجتماع قادة الدول الإسلامية اليوم، سيشهد توصية من اللجنة التنفيذية تدعو إلى تعليق عضوية سورية في المنظمة، وإدانة العنف الذي ترتكبه قوات النظام بحق المدنيين السوريين. وقال إن التوصية سبق أن اعتمدت في اجتماع اللجنة التنفيذية الوزارية في حزيران يونيو الماضي. وأضاف أن المؤتمر سيحيل الملف السوري مرة أخرى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. غير أن مصادر مطلعة ذكرت ل"الحياة"أن بعض الدول المشاركة في مؤتمر وزراء خارجية دول منظمة التعاون الإسلامي في جدة أمس رفضت التوصية الداعية إلى إحالة ملف سورية إلى مجلس الأمن مرة أخرى، باعتبار أن ذلك سيسمح باستخدام الفصل السابع في القضية السورية. وتشير المعلومات إلى أن إيران والجزائر هما اللتان اعترضتا على تلك التوصية. وأفادت بأن بروناي وإندونيسيا وماليزيا وبنغلاديش عارضت استخدام لغة قوية ضد ميانمار، وطرحت مقترحات أقل حدة بهذا الخصوص. وعلمت"الحياة"أن الاجتماع الوزاري أقر توصية بإنشاء صندوق لمساعدة مسلمي ميانمار برأسمال قدره 30 مليون دولار. وقال وزير خارجية سلطنة عمان يوسف بن عبدالله علوي ل"الحياة"أمس إن ذلك المبلغ ستتم زيادته على الأرجح عند إجازة التوصية. وأكد وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل، في كلمة ألقاها نيابة عنه نائبه الأمير عبدالعزيز بن عبدالله أمس، أن الواقع الذي تعيشه الأمة الإسلامية استشرت فيه الفتن، وبات التشتت والانشقاق والانقسام والتنافر يهدد كيانها"ووصل للأسف الشديد إلى حد العداء والتناحر في ما بين المسلمين أنفسهم، بل أصبح العداء أشد ضراوة من العداء للآخرين". وعبر عن بالغ ارتياحه للاستجابة السريعة التي حظيت بها هذه الدعوة التي تعد في حد ذاتها مؤشراً إيجابياً يعكس"الرغبة الصادقة لدى الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي للتصدي للتحديات التي تواجهنا، ولتعزيز أواصر التضامن الإسلامي بين دولنا، خدمة لديننا الإسلامي الحنيف ولأمن وسلامة أوطاننا وشعوبنا". وقال إن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وانطلاقاً من حرصه على رفعة هذه الأمة وعلو شأنها والخروج بحلول عملية لإنجاح أهداف القمة، سيبحث هذه القضايا مع قادة الأمة الإسلامية بكل شفافية، بما في ذلك اقتراح الحلول التي من شأنها معالجة تلك المشكلات. وقال الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي البروفيسور أوغلي إنه يجب على الجميع في سورية أن يعرف أن سياسة الأرض المحروقة لم تكن يوماً ضمانة استقرار، أو صمام أمان، بل هي صدع في جسد الوطن، وجرح غائر يطول أمد شفائه. وأضاف أمام مؤتمر وزراء الخارجية أن على الجميع أن يدرك أيضاً أن العالم بات يخلع اليوم عن نفسه صفة الفردية والتسلّط والاستبداد، ويدخل في مرحلة الحكم الرشيد وتداول السلطة ومشاركتها. وزاد أن ما يدعو للأسف أن سورية باتت تعيش مآسي حرب طاحنة حذّرت منها المنظمة مراراً وتكراراً، معرباً عن أسفه لدخول سورية في نفق مظلم لا تُعرف نهايته، مشدداً على أن هذا ما يمكن اعتباره نتيجة متوقعة للتجاهل الذي قوبلت به مطالب الشعب، وتطلعاته المشروعة. وقال إن العالم الإسلامي يشهد هذه الأيام تحولات مفصلية وحاسمة في تاريخه، تتطلب معالجتها قدراً عالياً من الحكمة والروية للتعامل مع الأوضاع السائدة، ووقف النزاعات والمجابهات التي تزيد الفرقة وتشتت الجهود. وأضاف أن خادم الحرمين الشريفين انبرى لهذا العمل الحميد، في ما يُجمع القادة المسلمون على أنه أجدر من يقوم بهذا المسعى النبيل، ويتفقون على صواب رأيه وبالغ حكمته. وشدد على أن مبادرة خادم الحرمين الشريفين لعقد القمة الاستثنائية تعد بشير خير وتفاؤل لوقف تيار الخلافات والشقاق، والالتفاف حول ما يجمع العالم الإسلامي، والابتعاد عن بواعث إذكاء الأحقاد والنزاعات من قضايا طائفية أو عرقية.