كيف يمكن لك أن ترصد ذبذبات الفرح بالتفوق، والحصول على شهادة تثبت أنك تألقت طويلاً؟ إنك أشبه بأن تدخل معتقلاً من الأحلام وبيوت الكعك وأصوات الناس، وهي تصدح بالغناء وتكيل المديح لبعضها بعضاً، فالنجاح في برنامج"أتألق"التابع لبرنامج"أرامكو السعودية"الثقافي الصيفي، الذي أسدل الستار عليه أخيراً في مدينة الظهران، سيهبك هذه الفرصة، وستشعر لوهلة بأن العيد بدأ باكراً، وأنه اتخذ وطناً آخر، وارتدى أثواباً وفساتين متنوعة من الجمال، وكأن وجودك في المسرح الأزرق، الذي شهد نهاية البرنامج، لكي تستأنف إعادة تدوير سعادة الآخرين. ودخل الطلاب والطالبات المشاركون في البرنامج، كأنهم أبطال لألف عيد مضى، ولألف عيد سيأتي، تفتح أشرعة المحبة كما تفتح كتاباً مكتوباً على طريقة"برايل"متلمساً كل شيء فيه، لتتأكد من أن الأشياء حقيقية، والسعادة التي يعيشها المشتركون والمشتركات في برنامج"أتألق"هي لحظات شديدة الخصوصية وتعني لهم الكثير، حتى إنك ستود أن تسأل كل من تلتقيه في المسرح الكبير، الذي ضمَّ 700 ضيف من الحضور، لماذا أنتم سعداء؟ وهل يمكن للفرح أن يخلق قلوباً جديدة؟ وهل تجدون في المكان ما تحلمون به؟ وكل ما ستشعر به أن المشاركين غادروا البرنامج وهم في حيرة من أمرهم، ما بين فرحتهم بما حققوه من حصولهم على تعليم وثقافة وإنارة لمصادر أفكارهم وإبداعاتهم المتتالية، وحزن التخرج من البرنامج الذي أسدل ستائره معلناً نهايته، وبنجاح أكدّ ما يطمح إليه القائمون في البرنامج، وهو أن في الوطن طاقات هائلة، يجب إلقاء الضوء عليها والاهتمام بها عبر رعايتها وتدريبها، لكي تنطلق في ساحات المعرفة. تقول مساعد مدرب في صف"طاقة للعالم"نورة القويز، وهي منهمكة في تعديل المشروع الذي سيطلع عليه الجمهور، وهو عبارة عن"مدينة ملاهٍ"صممتها الطالبات بجد واجتهاد طوال فترة انضمامهن للبرنامج:"ما يشعرني بالسعادة أنني قدمت الكثير في هذا البرنامج للطالبات، ولكن ما يسعدني أكثر هو أن وطني يحفل بتلك الوجوه المضيئة لعالمنا، تلك التي تقول إننا طموحون جداً ونعمل بشكل إيجابي لطاقة أجمل للعالم". في حفلة التخرج التي ازدحمت فيها الأجساد، إذ تنوعت أعمارهم وملامحهم، لكن بالتأكيد ثمة رابط يربط بينهم جميعاً، إنهم يحملون داخل عقولهم وقلوبهم أكثر من أمل، وأكثر من منهج لطموح عالٍ قادم، إلى جانب تعدد المواهب التي تميز بها البعض، إذ يمكنك أن تتلمسها عبر إبداعات العروض التي قدموها من خلال الأسابيع الأربعة الماضية من انطلاقة البرنامج. انتهاء البرنامج لا يعني انتهاء شرارة الإبداع، هذا ما يؤكده مدرب صف الإعلام الجديد أحمد باعقيل، وعيناه تتفحصان المسرح الذي شهد أجمل وآخر العروض التوثيقية والعلمية للطلاب والطالبات. يتجول المشاركون في المسرح الذي شهد نهاية البرنامج، وقلوبهم تتسارع بشكل مضطرب وقاسٍ، فهو الوداع الأخير، كما ذكرت نوف وزميلتها زينب الداود اللتان وضعتا أسس الهندسة الميدانية ومعايير السلامة في المشروع، الذي عملتا عليه من خلال صف المدينة المثالية. في المسرح تفاعل المشاركون والمشاركات في برنامج"أتألق"مع المشاهد السينمائية التي عرضت أعمالهم طوال فترة وجودهم، تلك المشاهد التي تم تصويرها بينما المشتركون مهمومون جداً بإكمال مشاريعهم، إما عبر الأنابيب التي صنعوها ليشكلوا منها طاقات إنتاجية مختلفة، وإما عبر مكعبات الحديد وهم يصنعون جسوراً ليربطوها بالمدن التي صنعوها، مدناً مثالية، حيث الهواء الخالي من الملوثات، والمياه المعدنية، والطرق السالكة، والبيوت المتجددة، التي ما إن تراها أمام ناظريك إلا وسؤال يثقب رأسك، متى يمكننا أن نصنع مثل هذه الدمى المُذهلة على أرض الواقع، لا أن تكون مجرد مقتطفات سينمائية، أو مشاريع لطلاب؟.