تعود شهرة ساندرا بولوك 44 عاماً إلى مطلع التسعينات من القرن الماضي عندما اكتشفها النجم السينمائي الأميركي كيانو ريفز وساعدها في الحصول على الدور النسائي الأول في فيلم"السرعة"، ولم يكن عمر ساندرا في ذلك الحين يزيد على 25 سنة. وسرعان ما نشأت بينها وبين مكتشفها صداقة قوية دامت حوالى عشر سنوات إلى أن فرقت ظروف الحياة والعمل بينهما، خصوصاً أن كيانو يقضي معظم وقته في تصوير أفلام المغامرات التي تدور أحداثها في بلاد بعيدة مثل أستراليا والصين واليابان، ما يجعله يبتعد من هوليوود طوال شهور عدة. وظهرت بولوك منذ بدايتها في أفلام عدة أبرزها:"الشبكة"، وپ"الآنسة الساذجة"ثم الجزء المكمل له، وپ"القتل بالأعداد"الذي أخرجه الفرنسي المولود في طهران والذي يعمل في هوليوود، باربيه شرويدر. ثم هناك"وقت للحب"، وپ"إنذار أسبوعين"الذي أنتجته وشاركت في بطولته مع النجم البريطاني هيو غرانت، ما أدى إلى انتشار الإشاعات في شأن ارتباطهما بعلاقة عاطفية نسي عبرها غرانت صدمة انتهاء علاقته حينذاك بليز هارلي. والواقع أن أفلام بولوك تنتمي عموماً سواء إلى اللون الفكاهي حيث تؤدي شخصية امرأة ساذجة طيبة القلب تتصرف بطريقة غريبة ومجردة من الجاذبية، أو إلى نوع المغامرات مثل"السرعة"أول أفلامها ثم"الشبكة"وپ"القتل بالأعداد"التي تظهر فيها امرأة قوية تحب المغامرة ولا تتردد في مواجهة أخطر المواقف من أجل تخليص البشرية من الأشرار. وهي بهذه الطريقة تسبب حيرة للجمهور المعجب بها والذي يعتاد متابعة أفلامها، إذ انه لا يعرف أين وكيف يصنفها بين الفكاهة الساذجة والمغامرات التي تحتاج الى عضلات بارزة. ومثلت بولوك عام 2005 في فيلم"الصدمة"الفائز بجائزة أوسكار أفضل فيلم في هوليوود، وبعده في"سيئ السمعة"وپ"تنبؤات"وپ"الحبيب". شاركت بولوك في ندوة خاصة بمهرجان السينما والأدب في باريس، واستغلت المناسبة للترويج لفيلمها"كل شيء عن ستيف". وكان لپ"الحياة"هذا الحديث معها. هذه المرة الأولى التي يفوز فيها أحد أفلامك، وأقصد"الصدمة"، بجائزة الأوسكار، فكيف عشت الحدث؟ - قفزت من مقعدي بسبب الفرحة لحظة سماعي كلمة"كراش"الصدمة عند الإعلان عن جائزة أوسكار أفضل فيلم، وأعترف لك بأنني لم أتوقع هذا الشيء، ليس لأن الفيلم لا يستحق جائزة ولكن لمجرد أنه لا يتميز بالمواصفات التقليدية الخاصة بالأعمال التي تسحر لجان التحكيم عموماً، وأقصد حبكة مبنية على الرومانسية وشركة منتجة عملاقة ونجوماً من الصف الأول، فالفيلم أنتجته شركة مستقلة بعيدة من الاستوديوات الهوليوودية الضخمة وهو يتضمن لقطات قاسية وواقعية تسلط الضوء على العنصرية الشائعة في الولاياتالمتحدة، غير أن النجوم فيه يظهرون في لقطات قليلة ويتركون المكان لممثلين آخرين أقل شهرة وربما أكثر موهبة مثل تيرنس هوارد وثاندي نيوتون. كنت فخورة أساساً بمشاركتي كممثلة في عمل على هذا المستوى من الجودة، وازداد فخري حينما فاز الشريط بأوسكار أحسن فيلم للعام 2005. عملتِ في فيلم"القتل بالأعداد"وهو من أهم أعمالك فوق الشاشة، بإدارة باربيه شرويدر، فما هي ذكرياتك عن تجربتك في عمل من إخراج هذا السينمائي الإيراني الجذور؟ - أنا خبيرة في تاريخ السينما العالمية، لا سيما الهوليوودية، وشعرت بفرح شديد حينما حصلت على فرصة العمل مع الرجل الذي سبق وأبهرني بأفلامه، لا سيما"المزيد"وپ"السيدة"وپ"شابة بيضاء وحيدة"، وبالتالي كان فرحي شديداً عندما اكتشفت مدى عبقرية الرجل أثناء التصوير، عدا عن طيبة قلبه وتفتحه الذهني تجاه الممثلين، وباربيه يتمتع بهذا الدفء النابع من كونه كبر في طهران، فالمهم عنده هو المعاملة الإنسانية أولاً وأخيراً. وكيف واجهت دورك النسائي الوحيد وسط مجموعة من الرجال في هذا العمل الذي ينتمي إلى لون المغامرات المخيفة؟ - سعدت جداً بمشاركتي في أحد أفلام المغامرات، وأنا من أشد المعجبات بهذا اللون السينمائي، حتى لو جردتني الشخصية التي مثلتها في"القتل بالأعداد"بعض الشيء من أنوثتي واضطرتني للتصرف مثل الرجل الخشن. وعلى العموم لست ضد الأعمال الفنية التي تعطي الفرصة للمرأة لإظهار طاقتها ومواهبها على صعيد جديد وبعيد من جمالها الخارجي وحسب. وأنا أعتبر نفسي محظوظة لأنني المستفيدة الأولى من رواج بعض الأفلام السابقة المبنية على شجاعة زميلاتي، مثل سيغورني ويفر وجينا ديفيز ووينونا رايدر وغيرهن من بطلات أفلام المغامرات، لأنني واكبت المسيرة بعدما قطعن هن مسافة كبيرة على طريق النجاح العالمي المبني على التنويع والتأرجح بين المغامرات والعاطفة. أما عن علاقتي بزملائي الرجال في الفيلم فهي كانت جيدة أثناء فترة التصوير، وقد حاولت أن أحترم شخصياتهم كفنانين قديرين وكرجال اعتادوا القفز والضرب وممارسة الرياضات العنيفة وكان لا بد لي من أن أراعي مكانتهم، فهم كانوا بمثابة"رؤسائي"إلى حد ما. وهل تعرفين الشرق شخصياً؟ - الأقصى نعم، فأنا زرت آسيا في أكثر من مناسبة، لكنني مع الأسف لم أستطع حتى الآن زيارة مصر مثلاً، علماً أنني أحلم بقضاء فترة في هذا البلد، أو في لبنان أو في المغرب العربي، لكنني سأقوم بذلك في المستقبل لسبب بسيط هو شعوري برغبة ماسة في إنجاز مشروع من هذا النوع، وبما أنني لا أترك مشروعاتي تنام طويلاً أعتقد بأن العالم العربي سيشهد زيارتي قريباً جداً. وقفتِ فوق خشبة أكبر مسارح نيويورك قبل نجاحك السينمائي، فما هو موقفك من المسرح الآن؟ - المسرح أفضل ما حدث لي في حياتي المهنية، عملت فيه بإدارة عمالقة وبصحبة ممثلين مسرحيين مرموقين، وجربت الكوميديا والدراما والأعمال الكلاسيكية مثل مسرحيات شكسبير، وصحيح أنني بذلت قصارى جهدي للانتقال منه إلى السينما ونجحت في محاولاتي. وأعترف بأن رفض الأدوار المسرحية في ما بعد بسبب انشغالي السينمائي لم يكن مسألة سهلة، فقد شعرت في أكثر من ليلة برغبة ماسة في الفرار من الاستوديوات لاستئناف التدريب على عمل مسرحي ما، وكدت أن أفعل ذلك لولا تدخل وكيل أعمالي لإقناعي بأن السينما نعمة لا يمكنني أن أرفضها في الوقت الحالي وأن المسرح سينتظرني ويرحب بي حتى ولو عدت إليه بعد سنوات طويلة. تجربة الإنجاب أين تعلمت الدراما أساساً؟ - نشأت في عائلة ضمت كثراً من الفنانين في ميدان الموسيقى والمسرح، فسرعان ما سمح لي أبي وأمي بالدخول إلى معهد للدراما عندما لاحظا قلة اهتمامي بالدراسة الثانوية التقليدية. تمارسين أيضاً الإنتاج السينمائي، فهل يعني الأمر أنك غير مكتفية بالتمثيل؟ - أنا راضية عن عملي في حقل التمثيل، لكنني قررت اقتحام ميدان الإنتاج لسبب بسيط هو ضمان استمراري في المهنة على رغم مرور السنوات وتقدمي في العمر، فالممثلات عادة ما يواجهن هذه المشكلة، إذ نادراً ما نعثر فوق الشاشة على بطلة سينمائية تخطت الأربعين. أنا شهدت الفيلم التسجيلي المثير الذي أخرجته زميلتي الممثلة روزانا أركيت حول استحالة حصول النساء على أدوار حلوة بعد سن معينة أو بعدما يخضن تجربة الإنجاب مثلاً والتي تبعدهن من الاستوديوات فترة ما. صحيح إنني لا أعاني بعد، بطريقة فعلية، التقدم في العمر، وأنني لم أنجب بعد، لكنني على دراية بأن السينما في هوليوود لا تعرف الرحمة خصوصاً تجاه المرأة، وبالتالي يسمح لي نشاطي كمنتجة أولاً بكسب المال وضمان استقلالي الذاتي على المدى الطويل ثم باستمرار حصولي على أدوار لأنني الآن أمنحها لنفسي كلما قلّ تدفقها من الخارج. تمثلين شخصية غريبة وفكاهية في فيلم"كل شيء عن ستيف"، فما شعورك تجاه ظهورك في أفلام كوميدية بالتناوب مع الأفلام الدرامية والبوليسية التي تتخصصين فيها أيضاً؟ - أنا فعلاً أؤدي شخصية امرأة عاشقة ولهانة إلى حد الجنون في هذا الفيلم، تبحث عن وسيلة تسمح لها بكسب قلب وعواطف شاب يعمل في التلفزيون ويطوف الولاياتالمتحدة ليقدم الحلقات الخاصة ببرنامج يومي يدور حول البحث عن حبيب أو حبيبة القلب. ولا تتردد هذه المرأة بالتالي في السفر من ناحيتها والظهور دوماً في مكان تسجيل البرنامج على أمل أن تلفت نظر المذيع النجم. وأعرف منذ بداية عملي الفني أنني أمتاز بطاقة هائلة وقدرة فعلية على إضحاك الجماهير، لكن مظهري لا يوحي بالفكاهة للوهلة الأولى، وبما أن السينما مبنية على المظاهر، لم أحصل في بداية مشواري السينمائي على دور فكاهي. ولكن مع مرور الوقت نجحت في إقناع أهل المهنة بأنني أليق بالكوميديا إلى أن صارت أفلامي درامية أو فكاهية من دون تمييز ومن دون أن أتخصص في لون منهما. ما حكايتك مع هيو غرانت، خصوصاًً أن الإشاعات لاحقتكما بسبب عملكما المشترك في فيلم"إنذار أسبوعين"؟ - إنها حكاية قديمة جداً. وقلت أكثر من مرة انه أثناء عملي مع هيو كنت مولعة به وعثرت فيه على الحب المثالي الذي طالما انتظرته، فدفعت الإعلاميين إلى نشر كلامي بدلاً من أن يخترعوا من جانبهم ما يخطر على بالهم، فهذا ما يحدث عموماً إذا نفى الفنان الإشاعة. والواقع أن علاقتي بغرانت لم تتجاوز مرحلة الصداقة المبنية على العمل المشترك في ظروف حسنة، لكن الإعلام أصر على اختراع مغامرة عاطفية بيني وبينه، خصوصاً أن الحكاية وقعت في فترة انفصاله عن ليز هارلي.