بيروت - أ ف ب - أحيت الاحتجاجات الشعبية ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد آمال أهالي مئات المفقودين اللبنانيين الذين يعتقد انهم اعتقلوا أو اختفوا في سورية إبان الحرب الأهلية اللبنانية، في الكشف عن مصير أبنائهم بعد سنوات طويلة من الانتظار. ويقول رئيس جمعية «سوليد» التي تعنى بشؤون المفقودين اللبنانيين غازي عاد «للمرة الأولى منذ سنوات عدة نشعر أن قضيتنا في طريقها إلى الحل سواء سقط النظام السوري أم لم يسقط». ويرى أن سقوط النظام السوري يعني «الإفراج عن المعتقلين اللبنانيين كافة والكشف عن سجلات السجون». ويضيف «حتى في حال لم يسقط النظام، فإن الرئيس السوري بشار الأسد سيكون مضطراً للاستجابة إلى الضغوط والعمل على تنظيف سجله في مجال حقوق الإنسان». وعلى مدى 20 سنة، دأبت أكثر من 600 عائلة لبنانية وفلسطينية من مختلف الطوائف على مطالبة السلطات بالكشف عن مصير مئات الأشخاص الذين يعتقد أنهم فقدوا على أيدي القوات السورية التي دخلت الأراضي اللبنانية العام 1976. وقد أدرجت حكومات لبنانية في السنوات الأخيرة هذه القضية في بياناتها الوزارية وتعهدت بمتابعتها، غير أن أهالي المفقودين يتهمون الدولة اللبنانية بتجاهل قضيتهم. وفي محاولة لجذب الأنظار إلى هذه القضية، يعتصم عدد من زوجات المعتقلين وأمهاتهم وبناتهم منذ ست سنوات متواصلة في وسط بيروت، حيث نصبن خيمة بالقرب من مبنى مجلس النواب ومقر الأممالمتحدة. في الخيمة، تقول آمنة الشرقاوي (78 سنة) التي فقدت ابنها في 1976 عندما كان لا يزال في التاسعة عشرة من عمره «ليس لدي أمل بعودة ابني أحمد على قيد الحياة، أعرف في قرارة نفسي أنه مات». وتضيف آمنة، وهي فلسطينية أتت إلى لبنان في العام 1948، «أريد خاتمة لهذه القضية ... أريد أن يعيدوا إلي ابني وحتى وإن لم يبق منه سوى عظام أدفنها إلى جانب والده». وتشعر آمنة أن «الأسد سيسقط قريباً. عندها سأعرف مصير ابني». وتشير منظمات حقوقية إلى أن الآلاف من الرجال والنساء والأطفال خطفوا على حواجز للجيش السوري أو لميليشيات لبنانية موالية لدمشق إبان الحرب الأهلية التي عصفت بلبنان بين العامين 1975 و1990. وانسحبت القوات السورية من لبنان في العام 2005 تحت الضغوط الدولية والشعبية عقب اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري. وتنفي السلطات السورية باستمرار وجود أي معتقلين سياسيين لديها، لكنها أفرجت في مرات عدة عن لبنانيين قالوا بعد وصولهم إلى لبنان إنهم قبعوا سنوات في زنزانات سورية. ومع أن دمشق تؤكد أن سجونها خلت منذ العام 2000 من أي معتقل لبناني، إلا أن وزير الخارجية السوري وليد المعلم قال أثناء زيارة له إلى لبنان في العام 2008، إن أهالي المعتقلين «صبروا اكثر من 30 سنة يمكن أن ينتظروا بضعة أسابيع». وجاء كلام المعلم تعليقاً على تظاهرة لأهالي المفقودين والمعتقلين جرت أثناء زيارته لبنان قرب القصر الجمهوري في بعبدا (شرق بيروت) للمطالبة بحل هذا الملف «كشرط أساسي» لقيام علاقات «صحية» بين البلدين. ويقول مدير مكتب بيروت في منظمة هيومن رايتس ووتش نديم حوري «إن فرص كشف مصير هؤلاء المفقودين ستكون أكبر في سورية ما بعد الأسد». ويضيف «رأينا كيف أن أسراراً كانت بحوزة أجهزة المخابرات في مصر وليبيا جرى الإفصاح عنها بعد سقوط هذين النظامين». وينظر أهالي المفقودين إلى ما يجري في سورية اليوم كبارقة أمل لكشف مصير أبنائهم. هذه هي حال سونيا، والدة الجندي جهاد جورج عيد الذي خطفته القوات السورية في مثل هذا اليوم في 13 تشرين الأول (أكتوبر) 1990 خلال معركة بينها وبين وحدات من الجيش اللبناني في المناطق ذات الغالبية المسيحية، تمكنت دمشق بعدها من توسيع رقعة سيطرتها على الأراضي اللبنانية. كان جورج آنذاك في الواحدة والعشرين من عمره.