لا يمكن أن يبقى الباب موصداً أمام المرأة في ظل هذه التغييرات الجارية، ولم يعد ممكناً لأحد ما في مكان ما معاملتها كجارية، ولو عاد وحدث في مثل هذه الساعة من هذا اليوم، فلن ترضخ ولن تفهم مهما حاولنا أن نغريها بحريم السلطان أو بحريم الحاج متولي سيان. بالتأكيد هناك تحول وأشياء عميقة تحدث في داخل كل امرأة، ولعل الرجل لم يستوعبها بعد، على رغم أن الغموض قد زال، وأنها تعبّر عما تريد، وقد أزالت السطح الذي دفن تحته طويلاً ما كان يعتمل في صدرها من معاناة. وليس القصد من هذه المقالة إعطاء المرأة أي شأن أو احترام أو استقلالية أو كيان. المرأة اليوم ليست في حاجتي ولا حاجتك يا عزيزي الرجل، إنه عصرها مهما حاولت تغييبها كي تحضر أنت، هي موجودة على رغم التهميش والإقصاء، وتبرهن على ذلك كل يوم بجدارة. ما هو العمل الآن؟ خصوصاً أنها لم تعد في وضع الضعف المساوم ولا اليد الممدودة لتلقي المصروف من الرجل، إنها متسلحة بالعلم وبالإيمان ومستقلة! بل إن بعض الرجال اليوم لا يقدمون على الزواج إلا بعد التأكد أن الاختيار وقع على من عندها دخل ما. لاحظ قلت بعض الرجال لأني استحيت أن أعمم الحالة، فحتى متى هذه الأوهام؟ أو دعنا نقول حتى متى هذا العنف عليها؟ في رأيي المتواضع فإن العنف يزيد، ليس من غيرة الرجل على المرأة، بل من غيرته منها، ومن شعوره بفقدان السيطرة عليها، وما زال يريد أن يسيطر، ويا ليته يسيطر على أهوائه وأهواله أو حتى مقود سيارته ويتذكر أنها إنسانة حرة ولا يجوز له قيادتها، وعلى أية حال فالموضوع راح من يديه. لقد استطاعت المرأة وتجرأت، وكلمة جرأة كلمة خطيرة! إنها مؤمنة بقدرتها وبنفسها وبطموحاتها، وإنها تنتقم لنفسها ممن يعنفها، أياً كان. هذا هو الوضع الراهن، ولكن الرجل يرفض أن يتفهمه، أن يفهم أن كل محاولات إحباطها ستفشل، وأنه من الغباء إعادة الزمن إلى الوراء ومن الفشل الذريع تكرار القمع نفسه الاجتماعي والنفسي معها، وثنيها عن الذهاب قدماً إلى ما تسعى إليه، وإنها لساعية إلى ما تصبو إليه نفسها. والسؤال هو: أما آن الأوان لننظر إلى الأمر بصورة مختلفة وبأسلوب مختلف؟ وأياً كان الجواب فلن يصح إلا الصحيح، لذا فالأجدى والأنفع أن نتقبل وضعها الجديد، ولو عقدنا النية وصلحت، فنحن في حاجة إلى جرأة من الرجل وشجاعة من المجتمع لنصل إلى بر الصراحة والصحة معاً. جميعنا على ما أعتقد في حاجة لنشفى من مرض"السكريزوفرينيا"تجاه المرأة، لأن الحاصل في هذا اليم أن ما نعطيه حقاً من الحقوق لنساء الدنيا كلها، وما نقوله علانية، مختلف كل الاختلاف عما نضمره داخلياً لنسائنا، ما يؤدي إلى زيادة معاناتها. علينا حتماً أن نتداوى من أمراضنا، وأن نبقي على الهدف الأساسي نصب أعيننا، وهو أن نعيش ونعمل لمجتمع صريح وبالتالي صحي وأفضل، وهذا المجتمع مع الأسف الشديد لبعض الرجال الأشداء والأقوياء من شمشون الجبار وحتى ابن الجار والابن البار لن يتحقق من دون امرأة راضية عن وضعها. المطلوب هو حماية المرأة من شر أنفسنا وليس حماية شر أنفسنا من المرأة. [email protected]