تعرفت خلال سنوات مضت على الكثير من المنتمين لسوق الدعاية والإعلان في السعودية بسبب أعمال مشتركة قمت بها معهم، أصبح لي صداقات مع بعضهم، فيما لم استطع أن افرض على البعض الآخر صداقتي، كوني لا اتمتع بالشخصية التي يفضلونها مع أنني كنت حريصاً جداً على التقرب منهم لأن طبيعة عملي تحتم علي ذلك. السوق الإعلاني السعودي، سوق كبير ويقدر حجمه بمئات الملايين من الدولارات التي تضخ سنوياً، ويضم هذا السوق الكثير من السعوديين وغير السعوديين لكن المقربين للوسط الاعلاني السعودي يلاحظون حجم تأثير الإخوة اللبنانيين على القرارات المهمة التي تخص هذا المجال، لأن اغلب وكالات الاعلان تحت إدارة وإرادة لبنانية وقرار لبناني. أسوق هذه المعلومات كوني تساءلت بيني وبين نفسي كثيراً عن سبب مجافاة الشركات الكبيرة والمتوسطة بل وحتى الصغيرة عن فرص الإعلان على قمصان الأندية أو الإعلان في المباريات أو كل ما يخص المنافسات الرياضية بالسبل والوسائل المتاحة، على رغم وجود بعض المشاركات الخجولة من بعض الشركات. كنت ولا زلت أؤمن أن وضع الرياضة في المملكة العربية السعودية مختلف عن بقية الدول المجاورة لنا، فالرياضة هنا تعني الكثير للشباب السعودي بسبب انها المتنفس الأهم لهم، ووسيلة الترفيه الأقرب إلى نفوسهم، وهذا بسبب قلة وسائل الترفيه الأخرى، لذا سألت بعض المتخصصين في مجال الدعاية عن أسباب ابتعاد الشركات عن طرق سبل الإعلان في المجال الرياضي، ولم أجد أية إجابة مقنعة، فقررت أن أبحث الأمر لأصل إلى جواب لهذه التساؤلات التي تحيرني، ومع هذا لم أتمكن من أن أجد أي جواب مقنع يفسر هذا الجفاء بين الشركات والرياضة إلا جواب واحد، وهو ان أغلب أعضاء مجالس إدارات الشركات أضحوا مجبرين على التماشي مع رغبات وكالات الدعاية والإعلان، والتسليم بسلامة قراراتهم لأن جل إدارات الشركات الوطنية تؤمن بأن الإعلان فن، وأن هذا الفن لا يتقنه إلا الإخوة اللبنانيون، الذين يتحكمون بمقاليد سوق الاعلان السعودي، وبالتالي وبالنظر إلى الخلفية الثقافية الرياضية اللبنانية نجد أن كرة القدم لا تحظى بأي أولوية وليس لها اي قيمه تذكر عند الإخوة اللبنانيين، وعليه سنجد أن أغلب المسؤولين عن وكالات الإعلان من الإخوة اللبنانيين، لا تهمهم كرة القدم ولا تعنيهم، ولذلك هم لا يدركون اهميتها عند الشباب السعودي وحجم تأثير هذه اللعبة على جماهيرها. وفي إطار البحث عن حل لهذه المشكلة، وجدت اننا لو أردنا أن نغير هذه المفاهيم فمن الأفضل لنا أن نضع خطة خمسينية لتطوير كرة القدم في لبنان، ودعم الأمر مادياً ومعنوياً لنزيد اهتمام الشعب اللبناني العزيز بكرة القدم، وبعدها ننتظر 50 عاماً لوصول جيل جديد من الإخوة اللبنانيين لإدارة الوكالات الاعلانية السعودية، وسيكونون بالطبع في حينها محبين وعشاق لكرة القدم، وبالتالي فسيسمحون لمجالس إدارات شركاتنا السعودية بالإعلان على قمصان أنديتنا السعودية... وهذه هي الطريقة الأسرع والسبيل الوحيد لإقناع الوكالات اللبنانية والشركات الوطنية بجدوى الإعلان الرياضي... أما السبب في طرق هذه الطريق دون غيره فلأننا لا يمكن - في أقل من 100 عام - أن نغير نظرة مجالس إدارات الشركات السعودية في أن الإعلان علم وفن يتقنه الكثير من غير الإخوة اللبنانيين.