مر أكثر من سبعة أعوام منذ الموافقة على إنشاء"هيئة الصحافيين السعوديين"، لتحقيق الكثير من الأهداف، في مقدمها تنظيم العلاقة بين الصحافيين والمؤسسات الإعلامية التي يعملون بها، وتبادل الخبرات والمعارف التي تعزز الرسالة الصحافية، ودعم مبادرات تطوير القدرات الفنية والبشرية لتوفير بيئة عمل إيجابية للصحافيين السعوديين تشجع على العطاء والإبداع، وتمنح الصحافيين قدراً كبيراً من الثقة والاطمئنان، بوجود هيئة تحفظ حقوقهم ومكتساباتهم، مثلها مثل زميلاتها في جميع دول العالم. لكن، مع الأسف، بعد كل هذه السنوات لم تكن للهيئة أي إضافة تذكر، وبدلاً من أن تكون كياناً يعبر عن الصحافيين ويدافع عن حقوقهم، أصبحت عالة تقتات على مساهمات الصحافيين واشتراكاتهم، وتحولت كغيرها من الهيئات والمؤسسات إلى منبر للوجاهة الاجتماعية، وتبادل الزيارات المصورة، وعقد الاجتماعات، والاهتمام بالمشاركات الصورية محلياً وإقليمياً وعالمياً، والمؤسف أن الهيئة أصبحت إحدى المؤسسات التي يوجه لها الصحافيون السعوديون سهام نقدهم بدلاً من أن يلتفوا حولها لتحقيق تطلعاتهم وآمالهم! حال الصحافي السعودي يرثى لها، بعد تكوين الهيئة، إذ إنه في السابق على الأقل كانت المؤسسات الصحافية التي يتبع لها كانت تدافع عنه وترعى مصالحه وحقوقه. الآن يتلقى الصحافي الضربات والإساءات من الجهات كافة، والهيئة في سبات عميق، إذ لم يحدث أن تبنت قضية صحافي، أو أعلنت عن تعاقدها مع محامٍ يتبنى قضايا الصحافيين ويصون كرامتهم، بل أصبح الصحافي السعودي متاحاً لكل من يريد التعرض له بكل سهولة ويسر والهيئة تتفرج. يُمنع صحافي مثلاً عن الكتابة، وكأن الهيئة لا يعنيها الموضوع ولا تهمها القضية، لجنة النظر في المخالفات الصحافية التابعة لوزارة الثقافة والإعلام تصدر عقوبات مزدوجة على الصحافي والمؤسسة ورئيس التحرير، والهيئة لا وجود لها لا في قانون العقوبات، ولا في حقوق الصحافيين، إحدى اللجان التابعة للاتحاد السعودي لكرة القدم توقع عقوبتها على أحد الصحافيين والهيئة دورها غائب وموقفها ضبابي، المؤسسات الإعلامية تتخذ ما تشاء من مواقف ضد صحافييها والهيئة مشغولة بجائزة"الملكية الفكرية". لم نسمع أن أقامت الهيئة دورة تدريبية متقدمة أو حتى بدائية للصحافيين، ولم نشاهد مسؤوليها في قاعات المحاكم يدافعون عن الصحافيين، بل لم نرَ أن تبنت مشاريع تدعم الصحافيين، سواء كانت مشاريع إسكان أو حتى زواج جماعي، على رغم حرصها على تحصيل رسوم الاشتراكات الدورية. كنت أتوسم خيراً في مجلس إدارة الهيئة الأخير، لوجود عدد من القيادات الصحافية الشابة المعروفين بحيويتهم، لكن يبدو أن الهيئة مصممة على ألا تتغير، فسارع البعض إلى تقديم استقالاتهم وإنهاء علاقتهم بهكذا مجلس إدارة يكون خصماً على تاريخهم وليس إضافة عليه. لذلك أهمس في أذن أي من الزملاء ممن لم يستطع قيادة تغيير واسع في الهيئة، أن يتنحى ويبتعد عنها لينفذ بجلده، إذ إن استمراره في الهيئة سيكون خصماً على تاريخه ومواقفه وأفكاره ومبادراته وإضافاته في مسيرة الصحافة السعودية، لذلك أنصح بالتنحي حفاظاً على التاريخ المهني، فالاستمرار في هكذا مجلس إدارة يعني الموافقة والرضا عن الهيئة ودورها وهو لا يقدم للصحافيين شيئاً يذكر. [email protected]