اتخذت وزارة التجارة والصناعة خطوة مهمة بمعاقبة التجار المتلاعبين بأسعار الشعير، والتشهير بهم بنشر العقوبة وأسماء التجار ومؤسساتهم في الصحف السعودية، وبما أن الشعير يعتبر السلعة الأساسية التي تعتمد عليها الأغنام والمواشي في غذائها، ما يؤكد أهميته وضرورة اهتمام وزارة التجارة بها، فإنه من المهم والأجدى أن تهتم الوزارة بالسلع التي يتغذى عليها الإنسان مباشرة، فالإنسان من المخلوقات التي كرمها الله وسخر له الدواب والمواشي والأغنام لينتفع بها. فالمواد الغذائية الأساسية من أرز وسكر وحليب ولحوم، يا وزارة التجارة، تشهد ارتفاعاً مستمراً بين كل ليلة وليلة، وتختلف أسعارها من سوق إلى سوق، وأصدقاؤكم التجار الشطار، يزيدون أسعار السلع غير الأساسية التي لا ينتبه لأسعارها المواطنون، وكذلك وزارة التجارة، فهناك الكثير من السلع التي يرتفع سعرها يوماً بعد يوم وهي لا تراوح رفوف المحال التجارية، حتى أصيب التجار بالتخمة، مستغلين الفوضى في سوق أسعار المواد التي يستخدمها البشر، في ظل تكريس وزارة التجارة جهدها ونشاطها وتسخير إمكاناتها للجم التلاعب في أسعار غذاء المواشي والأغنام، وهو أمر لا نملك سوى الثناء عليه، وفي الوقت نفسه نطالب بحقوق المواطن المغلوب على أمره، الذي أصبح لا حول له ولا قوة ولا نصير يمنع عنه جشع التجار، إلى حين انتهاء الوزارة من ضبط سعر الشعير والتأكد من أن المواشي والأغنام تتغذى بأسعار مناسبة. وعملاً بمناشدة وزير التجارة والصناعة التي وجهها للصحافيين في المؤتمر الصحافي الذي عقده في مقر الوزارة بالرياض الأسبوع الماضي، بمناسبة تدشين مؤشر السلع الاستهلاكية في 27 مدينة، ومطالبته للصحافيين بمساندة الوزارة في الكشف عن أي تقصير قد ينتج عنها، فإننا نلفت نظره إلى أن أسعار المواد الغذائية الخاصة باستخدامات البشر مباشرة يعمها الفوضى من دون رقيب أو حسيب، وأن كبح جماح ارتفاع الأسعار اليومي أكثر إلحاحاً وأهمية من مساندة وزارة العمل في تحقيق برنامج"السعودة"في القطاع الخاص، التي أعلن الوزير في المؤتمر نفسه بأن تحقيق"السعودة"أمر يهمه مثلما يهمه أسعار السلع. أعتقد بأن مشكلة بعض المسؤولين والوزراء عندنا أنهم يسمحون بوضع حاجز بينهم وبين الواقع الذي يعيشه المواطن العادي البسيط، ولذلك نجد تصريحات وقناعات بعض الوزراء بعيدة عن الواقع، فمثلاً تصريح وزير الاقتصاد والتخطيط خالد القصيبي في إحدى جلسات منتدى الغد، بأن السعودية تمكنت من القضاء على"الفقر المدقع"أمر يرى الكثير أنه بعيد عن واقع الحال، أو ربما هناك اختلاف كبير بيننا وبين القصيبي في تعريف"الفقر المدقع"، ومن الواضح أنه لم يزر أحياءً مثل"العود والسبالة والفيصلية"، أو"الدخل المحدود في الرياض"، أو بعض أحياء جدة مثل"الكرنتينا" أو"الليث"، ولم يذهب لأطراف المملكة المختلفة ليتحقق من التقارير التي تصله عن"الفقر المدقع"في السعودية. [email protected]