نسبة توطين التدريب في مجال الطيران بلغت 70%    رؤساء أجهزة الهجرة والجوازات العرب يدعون لتكثيف الدورات التدريبية لرفع مهارات العاملين في المنافذ الحدودية    ارتفاع درجات الحرارة بمختلف المناطق    بدر الفريح : مع خالص التقدير .. بودكاست سعودي 100 بالمئة ونهدف منه لتكريم جيل الرواد    لاصقة ذكية تراقب سكر الدم عبر العرق    "الترفيه" تخرج أكبر دفعة من "صناع السعادة"    صيف الطائف.. خيارات سياحية تنبض بالحياة    صعود جديد بأسعار النفط    شباب أخضر اليد يختتمون معسكر سلوفينيا    منافسات نارية في الأسبوع الثاني من كأس العالم للرياضات الإلكترونية    "تجارة حائل" تضبط عمالة تدير مستودعاً ومعملاً غير مرخص في الأغذية والصابون    تعليم الطائف يعلن إيفاد 13 معلماً للتدريس في الخارج    الألمان يلاحقون «لامين جمال».. والسبب «غريب»    حراك عربي لوقف حرب السودان    المملكة تواصل الإسقاط الجوي للمساعدات الغذائية على غزة    انتهك خصوصيات المرضى.. النيابة: اتهام مواطن بانتحال صفة ممرض    الإطاحة بخمسة مروجين للمخدرات    دب يسحل فتاة في رومانيا    مشروع حضاري    «التراث» ميراث الحضارات    عصفور الفجر    إثبات الخُلع.. ودٌ بين الزوجين أم نهاية مغلقة؟    عامٌ هجري جديد .. يومٌ للكعبة مجيد    «الدفاع» توقع عقداً مع «إيرباص»    5 تمارين تزيد خطر الإجهاض    علاقة التوحد وبكتيريا الأمعاء.. هل تمهد للعلاج ؟    الخماسي الحديث يوقع اتفاقية مع نظيره الكويتي    في الشباك    «الأرصاد» : موجة حارة على منطقة الرياض غداً        محافظ المخواة يشرف حفل زواج العمري    الشمراني في القفص الذهبي    أشاد بجهود خفض البطالة وتعزيز مشاركة أبناء وبنات الوطن بمسارات التنمية.. مجلس الوزراء يستعرض برامج ومبادرات تنمية الحاضر والإعداد للمستقبل    السعوديون على ظهور الجمال !    لم يعجبني حديث الوزير    ميسي ثاني أفضل هداف في التاريخ    لمن لا يعرف محمد الدعيع (2)    تلوثية الحميد تستضيف الدكتورعبدالله بن ثقفان    التنوع في العمل.. ليس مجرد مبدأ.. بل إستراتيجية للنجاح    القيادة تهنئ حاكم جزر البهاما    طحالب خارقة قادرة على النجاة في المريخ    "جوجل" تضيف 110 لغات جديدة للترجمة    "بيئة مكة" تحتفي باليوم العالمي للأمراض المشتركة بين الإنسان والحيوان    هل يصح تصنيف البنوك إلى إسلامي وربوي؟    أمير الرياض يطّلع على الخطة الإستراتيجية للجنة شؤون الأسرة بالمنطقة    تسهم في تحسين جودة الحياة.. مختصون ل (البلاد) : اشتراطات مكائن الخدمة الذاتية تعزز حماية المستهلك    المفتي يستقبل الشهراني    آل هضبان: إنسانية تركي بن طلال تدعو لتعزيز الشيم والتكافل    أكثر من مليون زائر لمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف    جناح "صنع في حائل" يستهوي زوار فعاليات مهرجان بيت حائل    تعيين هارتويج فيشر لإدارة وتأسيس متحف متخصصٍ بالثقافات العالمية في حديقة الملك سلمان    "الشؤون الإسلامية" تكثف خدماتها الإرشادية خلال موسم العمرة    سمو أمير الباحة يُناقش المشروعات التنموية والخدمات المقدمة    محافظ جدة يرأس اجتماعات تهدف لتطوير وتحسين الخدمات    أمير الرياض يستقبل الأمراء والمسؤولين والأهالي والسفير الفرنسي    أمير تبوك ينوه باللحمة الوطنية الصادقة للمجتمع    نائب أمير الشرقية يستقبل مدير التدريب التقني والمهني    أمير منطقة تبوك يستقبل المواطنين في اللقآء الأسبوعي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القصيدة وتحولات مفهوم الكتابة
نشر في الحياة يوم 22 - 02 - 2011

محمد الحرز صوت نقدي وشعري بارز في المشهد الأدبي السعودي في العقدين الأخيرين، وكتابه الحالي أنموذج لجانب واحد من حضوره في المشهد، أي الجانب النقدي. غير أن حضور الحرز الشعري لم يغب تماماً عن الكتاب، فالحرز يتحدث عن المشهد الشعري من خلاله وليس من خارجه. فهو إذ يدخل المشهد هنا من إحدى زاويتين يعرفهما جيداً فإنه يتواصل مع المشهد من زاويته الأخرى. كتابه ينقد الشعر ويتماهى معه في الوقت نفسه على مستوى يتضح في غير مقالة من مقالات هذا الكتاب.
يتألف كتاب"القصيدة وتحولات مفهوم الكتابة"من مجموعة من المقالات التي سيبدو للقارئ أنها نشرت في أوقات مختلفة وربما أماكن مختلفة. تلك المقالات تأتلف حول مؤلفها بقدرما تأتلف حول الشعر والرؤى النقدية التي تتناوله. ومما يميز تلك المقالات هو أنها تتناول موضوعها، أي الشعر، بحميمية تصل حد التوحّد حيناًً وحد الانفصال القلق حيناً آخر، وفي كلتا الحالتين ثمة رأفة بالشعر وخوف عليه. يخشى الحرز على الشعر من سوء الفهم الذي يتهدده في مشهدنا الأدبي، يخشى على روح الحداثة فيه أن تذوي لدى الشعراء أنفسهم وهو يرى ما يشي بذلك، ويخشى من إساءات النقد وفي المشهد ما يؤكد له أن ذلك خطر حقيقي أيضاً. ولو أردنا اختصار المسعى الذي يتجه إليه المؤلف، ناقداً حاضراً وشاعراً مستتراً، لوجدناه في حماية الحداثة الشعرية من الذبول سواء لدى منتجيها من الشعراء أم متلقيها من النقاد والقراء.
في كتابه يتضح أن الحرز معني في المقام الأول بالمحلي من المشهد الشعري، لكن عنايته لا تنسيه أن المشهد المحلي جزء من المشهد العربي، لذا فإن مقاربته للقصيدة السعودية تأتي في سياق وعي نقدي/شعري بالمشهد العربي الذي يرى تفاعلاته هنا وهناك سواء في بدايات الحداثة أم في ما تطورت إليه في التسعينات من هذا القرن، العقد الذي ينتمي إليه الناقد ويوليه الكثير من العناية في القراءة. وقد يلمس القارئ ما لمسته من بعض مقالات الكتاب من أن الحرز يريد أن يؤكد قراءة لشعر التسعينات وما بعدها، بوصف ذلك الشعر مرحلة مختلفة عما سبقه، وبالقدر الذي يقتضي وعياً وإحساساً نقدياً مغايراً لما درج عليه بعض قراء أو دارسي الشعر المحلي في مراحله الأسبق. هذا على رغم أن المؤلف يؤكد غير مرة معارضته لأية قراءة نقدية ترتكز على التباينات التاريخية واختلاف المراحل والأجيال.
في مقالات الكتاب يلمس القارئ أيضاً تأكيداً متواصلاً لرؤية نقدية ترتكز على البعد الجمالي غالباً وإن لم تغفل البعدين المجتمعي والتاريخي تماماً، بل إنه يدعو إلى تربية تقترن بالجمال بقدرما تقترن بالأخلاق، فالوعي بالجمال وتذوقه، سواء في الشعر أم في غيره، منبع من منابع الشخصية المتحضرة.
في إحدى مقالات الكتاب تصل أطروحات الحرز ذروة لافتة حين يطرح ما يراه منهجاً مختلفاً لقراءة الشعر. فهو في إحدى المقالات يؤكد أهمية البحث في النص الشعري عما يسميه وعي الشاعر بوصفه جملة من القيم والمفاهيم التي ينبثق منها ذلك النص. هذا البحث عن وعي الشاعر ليس في الحقيقة جديداً تماماً إذ إن له صلة بما يعرف في النقد الأدبي بالنقد الفينومينولوجي أو الظاهراتي، وهو نقد تطوّر على أسس الفلسفة الظاهراتية التي تبلورت لدى الفيلسوف الألماني هوسرل، ثم تطوّرت بعد ذلك نقدياً لدى نقاد كثر مثل الفرنسي بوليه وغيره. فالنقد الظاهراتي يقوم على البحث عن الوعي أو الذات الواعية في النص بوصف العمل الأدبي انبثاقاً لها. غير أن هذا لا يعني بالضرورة تطابق ما يدعو إليه الحرز مع ما نجد في النقد الظاهراتي الغربي، لكن ثمة وجوهاً من الشبه قد يكون من المفيد استجلاؤها والإفادة منها.
هذا الطموح إلى طرح رؤية نقدية لما هو سائد يذكر بأهمية البحث في معالم المشهد النقدي المحلي، أي بتناول الأطروحات النقدية وتحولاتها، ومع أن هذا الموضوع ليس جديداً فإنه لم يلق ما يستحقه من عناية، فالدراسات التي تناولت المشهد النقدي المحلي قليلة ومعالم ذلك المشهد، أو الخطاب إن شئت، لا تزال بحاجة إلى المزيد من الاستجلاء والتأمل والتقويم. وستزداد أهمية ذلك التناول إذا افترضنا أن التحوّل الذي شهدته القصيدة صاحبه تحول في الرؤية النقدية، وهو تحول طبيعي بل وحتمي، فما معالم ذلك التحول؟ وإلى أين وصل؟ وهل كان بالمستوى المأمول؟
في الكتاب الذي بين أيدينا الكثير مما سيجده القارئ مثيراً للاهتمام وجديراً بالتقدير، وأظن أن كثيراً من القراء سيعجبهم كون الكتاب مجموعة من المقالات التي لم يسع الكاتب إلى دمجها في مؤلف واحد على رغم تكرار التناول لبعض أطروحاتها، وهو أمر حتمي في كتاب تألف في أوقات ومناسبات مختلفة. فليس القارئ مضطراً لقراءة الكتاب من البداية وإنما يمكنه البدء من أي نقطة شاء، تماماً كما يحدث في كتب المقالات غالباً.
* مقدمة الكتاب الجديد للشاعر والناقد محمد الحرز.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.