تنفطر قلوبنا ألماً، وتذرف عيوننا دماً ونحن نرى ما حل بإخواننا بمدينة جدة الحبيبة، التي كانت بالأمس القريب"عروس"البحر الأحمر، واليوم نشاهدها تصارع الموت غرقاً بمياه الأمطار التي لم تعد تجد مساكنها التي اعتادت عليها سابقاً، ولم تجد وديانها التي تسلكها حتى يستفيد منها العباد والبلاد والبهائم الرتع، بل تحولت إلى مساكن لبشر لا حول لهم ولا قوة، في ما حل بهم من مصائب، وما علقوا به من مصائد المياه التي لم تكن في حسبانهم، إذ حبستهم في أماكن أعمالهم ودراستهم حتى ساعات متأخرة، والبعض منهم استكمل يومه في سجنه الجبري، وما ذاك إلا بسبب الأمطار، وما زاد هذه المصيبة مصيبة أكبر ما واجهته بناتنا الطالبات في المدارس والجامعات من عجز في تصريف الأمور ووضع الحلول المناسبة لهن، حتى وصل الأمر الإهمال في تأمين الوجبات المناسبة لهن في هذه الأجواء والأوضاع التي لا يحسدن عليها، فملابسهن مبتلة لدرجة التشبع من مياه الأمطار، والأجواء باردة، والبيت صعب الوصول إليه في وقت قياسي، أو في سويعات مقبلة، فليس لهن إلا الصبر والاحتساب والدعاء على من تسبب في وضعهن في هذا الموقف العصيب، والأدهى من ذلك والأمر استغلال أصحاب المحال التجارية هذا الموقف لمصلحتهم برفع الأسعار والتوصيل نظراً لصعوبة الطرق المؤدية إلى المنازل والمدارس والجامعات والإدارات الحكومية الأخرى التي اضطر موظفوها للبقاء في مقار أعمالهم حتى يأتي الفرج من الرحمن الرحيم. وعلى رغم هذه الأحداث المتسارعة نرى جموعاً من المواطنين المدنيين سخروا أنفسهم تطوعاً لنجدة هؤلاء الناس وإسعافهم وتقديم المساعدة بأي صورة كانت، وبأسرع وقت ممكن، وبحسب الإمكانات التي كانوا يمتلكونها، فكان لهذا الجهد الأثر الفاعل في إنقاذ الكثير من الأسر والأطفال، هكذا عهدنا إخواننا في كل مكان وليس في جدة فقط، فجزاهم الله خير الجزاء، وجعل عملهم في موازين حسناتهم. عبدالله عبدالرحمن الغانم - عودة سدير [email protected]