في وقت تختفي فيه الأزياء، بخسها وثمينها، ويكتسي المكان حٌلة"بيضاء"، وترتفع الأكف متضرعة إلى خالقها رجاء المغفرة، لا يتوانى المدخنون في المشاعر المقدسة من مد أيديهم تجاه مدخن هنا أو هناك أملاً في الظفر بسيجارة تٌعدل المزاج لشرايين استوطن فيها"النيكوتين"وبات وجبتها الرئيسة بعد أن ضيقت حملة"مكة بلا تدخين"الخناق على محال ومتاجر مكةالمكرمة وفقاً لقرار أمير المنطقة الراحل الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز القاضي بمنع بيع الدخان في العاصمة المقدسة. "الحياة"رصدت معاناة الممارسين لهذه الآفة في المشاعر المقدسة بعد أن أصبحت السيجارة حلماً يتراءى أمام بعض من الذين عجزوا عن العثور عن"بكت"دخان بل حتى سيجارة تروي ظمأ شرايين أدمنت"التبغ". ولأن من يخطط لأداء ركن الإسلام حتى من المدخنين لا يكون"التدخين"شاغل بالهم عند شدهم للرحال من بلدانهم إلى قبلة المسلمين الأولى، حتى يقع غالبية المدخنين في فخ الظمأ ل"النيكوتين". في يوم عرفة، وبينما كان مستمتعاً باستنشاق سيجارة، ناصح اثنان من الحجاج، الحاج ماجد أحمد أحد المدخنين بضرر الدخان وطلبا منه بتروٍ العزم على الإقلاع عن التدخين كون هيبة المكان والزمان أعظم من إدمان الدخان، لكنه استدرك بالقول في نفسه:"أشعر بما تقولان لكنكما لا تشعران بي". ولا يتوقف إدمان"النيكوتين"على ورقة ملفوفة يتراكم التبغ داخلها بل إن لعشاق"الأرجيلة"الشيشة نصيباً من الحضور في المشاعر، إذ إن للمزاج ظروفه وأحكامه، خصوصاً عندما يكون أقرب المقاهي للمشاعر المقدسة في"الشرائع"أو"الحسينية"تبعدان عن المشاعر ما لا يقل عن 25 كيلو متراً ما يؤزم الموقف ويجعل من اعتدال المزاج"مهمة مستحيلة"في ظل ظروف نقل تعد فيها الدراجة النارية بمثابة طائرة نفاثة بدلاً من قطع المسافات سيراً على الأقدام، فيما تجد قلة من مدمني الأرجيلة اختار مرافقتها لضمان عدم تعكير مزاجه بسبب غيابها. ولا يجد المدير التنفيذي الأسبق لجمعية"كفى"للتوعية بأضرار التدخين الدكتور عبدالله سروجي غرابة في هذه الشراهة والتصرفات من جانب المدخنين في موسم الحج، عازياً ذلك إلى"إدمان النيكوتين"الذي يتجلى عند تناول سيجارة في الصباح حتى قبل الإفطار، وفي غياب التوازن العاطفي تجاه الأحداث التي يمرون بها فقط عند غياب الدخان عنهم. ويرجح الخبير في مجال الإقلاع عن التدخين أن نسبة لا تقل عن 15 في المئة من المدخنين يكون الحج هو آخر عهدهم بالتدخين وذلك بسبب صعوبة الحصول على الدخان في مكةالمكرمة علاوة على انشغالهم بأداء نسك الحج نظير ما يمنحه وجوده في الديار الطاهرة من أجواء روحانية للمدخنين. ولا يُخفي أن الكثير من المدخنين ليس لديهم أي علامات لإدمانهم"النيكوتين"، وأن التدخين برمته مسألة نفسية ليس إلا، مستشهداً بدرس حديث يؤكد أن 75 في المئة من المدخنين لديهم رغبة صادقة تدور في دواخلهم في الإقلاع عن ممارسته.