"منى الجديدة"... عبارة أصبحت تجري على ألسن الحجاج والمطوفين ومشرفي الحملات، بيد أن أي متابع للجدل الفقهي الذي دار قبل أعوام يدرك أن هذه المنطقة كانت جزءاً من مزدلفة، يطلق عليها"نهاية مزدلفة". وأفتى العلماء في العقود الماضية بأن المبيت في"منى الأصلية"واجب وجوباً لا مناص منه، وفي حال تخلّف الحاجّ عنه فإنه يلزمه دم، لأنه أخلّ بواجب من الواجبات. ومع امتداد المخيمات في منى، في المنطقة التي تقع ما بين نهاية مزدلفة وجسر الملك فيصل، أصبح المتعارف إطلاقه على هذا الموضع"منى الجديدة". لكن اللافت لمتابعين وعدد من الحجاج، وما يثير أسئلة متشابكة، أنه على رغم اعتبار هذه المنطقة جزءاً من منى"اضطراراً"، وبناء على فتاوى علماء اعتبروها كذلك لواقع اتصال الخيام والتصاقها ببعضها بعضا"، فإن الحجاج الذين يقيمون في"منى الجديدة"حين عادوا من عرفة، اتجهوا إلى مخيماتهم التي هي مزدلفة في الأصل، وباتوا الليل فيها. ثم باتوا فيها أيضاً -يوم أمس- على أنها أصبحت منى عُرفاً. ووفقاً لفتوى أصدرها الشيخ ابن عثيمين في الأعوام الماضية تقتضي جواز ذلك مع اشتداد الزحام وتواصل الخيام، فإن بعض العلماء لا يقرّون بأن هذه المنطقة يصح تسميتها وإطلاق"منى الجديدة"عليها، وإن جاز لمن لا يستطيع المبيت في منى أن يبيت في أي مكان آخر، وهذا ما يرويه بعض تلاميذ الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله أنه أفتى به عام 1417، ويقول به بعض العلماء الموجودين، ومن بينهم عضو هيئة كبار العلماء الدكتور عبدالكريم الخضير. وفي سؤال وجه إليه سابقاً:"ما حكم المبيت بما يسمى منى الجديدة أو توسعة منى، مع العلم أننا لم نتأكد هل في منى زحام أم لا؟ أجاب مستنكراً:"كيف منى الجديدة؟ وكيف تكون لمنى توسعة؟ هل هي تقبل التوسعة؟ مشعر معروف الحدود والأطوال من جميع الجهات، فلا تقبل التوسعة،"يعني لو ضحكوا"على من يقتدي بهم وقالوا:"هذا من منى الجديدة، فما معنى منى الجديدة؟ هذا مكان لا يقبل التوسعة"، مشيراً إلى أنه في حال الاضطرار إلى المبيت خارج هذا المشعر فلا فرق بين المبيت خارجها سواء أكان جهة مزدلفة أم أي جهة أخرى، موضحاً ذلك بقوله:"من بات خارج حدود منى فهو خارج منى، سواء كان في مزدلفة أو في مكة أو يمينها أو شمالها، ومنى معروفة الحدود والأطوال، ولا شك أنه إذا فرط ولم يبحث عن مكان أنه آثم من جهة ويلزمه ما يلزم تارك الواجب". ويقتضي مفهوم فتوى أخرى للخضير"أن المبيت تحت الجسور وعلى الأرصفة في حال الأمن من الخطر أحوط من المبيت في"منى الجديدة"، ولا يرى فرقاً مع تعذر المبيت في"منى القديمة"منه بجوارها، أو بعيداً عنها في مكة، وأردف:"المبيت بمنى واجب من واجبات الحج، لا يجوز للحاج تركه إلا لعذر فإن تركه من غير عذر لزمه دم عند كثير من أهل العلم، هذا مع تيسر المكان في منى، أما إذا بحث عن مكان في منى ولم يجد فهو معذور، فيبيت حينئذ في أقرب مكان من منى قرب الحجاج، ليتحقق بذلك بعض المنافع المترتبة على هذه المناسك، وإن بات بعيداً عنهم في مكة فلا أرى ما يمنع من ذلك، وإن تحمل الحاج فبات في الطرقات أو الأرصفة مع أمن الخطر عليه فهو أحوط، وأبرأ للذمة". يذكر أن حدود"منى الجديدة"تقع ما بين جسر الملك فيصل شرقاً، وبداية منى القديمة غرباً.