رمى ضيوف الرحمن بآخر ما التقطته أياديهم من حصى مزدلفة، وأداروا ظهورهم ل"شيطان"طالما أخرج أباهم آدم من جنة عرضها السموات والأرض وأمرهم نبيهم إبراهيم برجمه ثلاثة أيام، أكمل أمس"غير المتعجلين"من حجاج هذا العام نصابها، وودعوا أراض خفت لها قلوبهم قبل أرجلهم ولهجت أفئدتهم بها قبل ألسنتهم. خمسة أيام قضاها حجاج البيت العتيق في المشاعر المقدسة، الطاهرة المطهرة، ما بين تبتل إلى الله، وتضرع إليه، وخشية منه، ورجاء لرحمته، وطمعاً في فضله، وطلباً لعونه، وسعياً لنيل مغفرته. أكف نقية لوحت إلى المشاعر مودعة، نهلت منها طهراً وتطهيراً، بعدما ارتوت منهم منى فيض أدمع زرفتها مقل لم يحملها إليها إلا الخوف من رب العباد، واحتواهم جبل عرفات بطهر ونقاء كصفاء ثيابهم يوم صعودهم عليه، وفتحت مزدلفة أحضانها لمضجعهم فباتوا قريري الأعين هانئين.. مكبرين ومهللين.. ومنها إلى منى محلقين ومقصرين، والأمل كل الأمل:"عدينا يا أرض القداسة.. إليك آيبين".