تعمدت أن أتريث في الكتابة عن الراحل الأمير سلطان بن عبدالعزيز رحمه الله لأقرأ ما يكتبه الآخرون وأقارنه بمواقف عفوية شاهدتها في مجلس سموه أكثر من مرة وأربط بعضها ببعض لتتضح للقارئ جوانب مشرقة من سيرة سموه. فالدكتور إبراهيم الجوير يشير إلى اهتمام سموه بزائريه وكيف يسلم عليهم يركز في السلام ينظر إليك يبتسم، يشعر الزائر بقيمته حتى يعود الزائر إلى ذويه مزهواً بالمقابلة وهذه السجية يدركها كل من قابل سموه. وفي الاجتماعات يشجع على إبداء الرأي والصراحة في القول، زرته ذات مرة وبعد أن سلمت ضحك، وقال: شاهدت تعليقك أنت والدكتور احمد السيف على زيارتي لدول شرق آسيا. وأثنى على المقابلة حتى قلت له يا سمو الأمير ليت أن هذه المقابلة كانت في التلفزيون السعودي، قال: وما المانع. قلت : وزارة الإعلام تمنعني من الخروج في التلفزيون لأني انتقدتهم في مجلس الشورى وضحك رحمه الله، وقال أكيد انك مزعلهم. ترفق عليهم، ترى النفوس ضعيفة، ثم قال: اكتب لي عن الموضوع وأعالجه، ولم اكتب له فوقته أثمن من أن أشكو له وزارة الإعلام. ويروي الصديق محمد القنيبط في مقال له أن سموه استدعاه في مكتبه ذات مرة وانفرد به في جلسة خاصة وعرض له شكوى من احد الوزراء وقد قسا ذلك الوزير في شكواه على القنيبط ولكن الأمير رحمه الله لم ينتصر للوزير المشتكي وابتسم للقنيبط وقال له زر الوزير وخُذ بخاطره، مواقف عطرة فواحة. ومرة كنت مع وفد من رجال وزارة التربية في زيارة لسموه بالديوان الملكي وكنت المتحدث الأول وكنا صريحين معه في عرض احتياجات الوزارة ومطالبها، وقد شجعنا على القول، وحين تناول الدكتور عبدالله المعيلي مدير عام التعليم بالرياض موضوع النشاط الصيفي في تعليم الرياض سأله سموه وكم المبلغ الذي تحتاجونه لهذا النشاط في إدارة التعليم. قال المعيلي: عشرون مليون ريال قال سموه: مبلغ يسير، ترخص الأموال لأجل رجال المستقبل، والتقيت به مع المسؤولين في جامعة الأمير سلطان أكثر من مرة وكان بساماً مرحباً مشجعاً كلما جئناه نخرج بتبرع سخي منه للجامعة ويقول: أو تريدون المزيد طالما أن المال لبناء الرجال فهو رخيص ثم رخيص كررها مرات. ومرة واحدة رأيته عاتباً ولكنه عتاب رقيق كنت مع أخي فهد في زيارة لسموه، وبينما كنا وقوف دخل وفد من ثلاثة رجال وقدموا له خطاباً، وبعد أن نظر فيه التفت إليهم معاتباً فهممت بالخروج لكنه أشار بالبقاء، وقال لذلك الوفد: هل راجعتم الوزير المختص؟ قالوا: لم نراجعه. قال لهم: الموضوع لديه الله يهديكم عطلتم أنفسكم وأشغلتمونا اذهبوا إليه وإذا لزم الأمر مراجعتنا فأبوابنا مفتوحة. رقيق حتى في عتابه. واستوقفني ما رواه أحد موظفي مكتب سموه في قناة العربية، يقول القحطاني وقد وبكى على الشاشة ويحق له أن يبكي يقول: كان الأمير سلطان في أبها وصدفة كان في ذلك الأسبوع احتفال أسرتي بزواجي، وبينما كنا في الاحتفال شعرنا بجلبة وحركة وتفاجأنا بوصول موكب سموه للحفل وأسرعت لاستقباله وحين سلمت سأل عن والدي وداعبني وقال: أبخيل أنت. لماذا لم تعزمني علمت بزواجك الليلة من الخويا. بساطة وتواضع رفعه الله في عليين. ما أكثر المواقف التي تكشف شخصيته وليتها تسجل فهو يستحق الكثير. * كاتب سعودي.