كتب الكثير من الصحف أخباراً وتعليقات عدة على فتوى عمل المرأة"كاشيرة"، والتي صدرت عن الجهة المخولة بالإفتاء في اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء، وما تضمنته هذه التعليقات والأخبار من وصف للفتوى بأنها تفتقر إلى التأصيل الشرعي، وتنتصر للعادات والتقاليد وما إلى ذلك...! وأنا هنا لست بصدد الحديث عن تفاصيل هذا الموضوع، ولكني أردت أن أقول: إن واقع الناس سواء في الحاضر أو الماضي لا يغير من الأحكام الشرعية شيئاً، وحكم الاختلاط هو الآخر لا يتأثر بأن وجد في مواقع مهمة أو غير مهمة، أما"بطالة المرأة"فهي لا حقيقة لها على أرض الواقع، فالمرأة وظيفتها الأولى أن تكون"راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها"، وقد رتب الشارع الحكيم على ذلك أن يكون الزوج هو المسؤول عن الإنفاق على أفراد أسرته حتى ولو كانت الزوجة من"سيدات الأعمال"، ثم إن من ينادون بتوظيف المرأة هم أبداً لا يناصرونها بقدر ما يريدون أن يحملوها أثقالاً مع أثقالها! هذا بغض النظر عن نوعية العمل الذي يريدونه لها، سواء كان لائقاً لها أو غير لائق. بيد أن الأمر السامي الكريم الصادر بشأن تنظيم عمل المرأة قد تضمن الضوابط الآتية: - الضرورة لعمل المرأة. - موافقة ولي الأمر. - أن يكون العمل ملائماً لطبيعة المرأة، وألا يشغل كل وقتها فيعوقها عن أداء واجباتها المنزلية والزوجية، وألا يؤدي هذا العمل إلى ضرر اجتماعي. - أن تؤدي المرأة عملها في مكان منفصل تماماً عن الرجال. - أن تؤدي المرأة عملها في وقار وحشمة، وأن تلبس الحجاب الشرعي. ثم إن التوسع في توظيف المرأة من شأنه أن يساعد في تفشي ظاهرة"البطالة"بين الشباب، وهي أعظم أثراً وأشد خطراً على المجتمع، فالمرأة في الغالب ? ولا أتحدث عن الحالات النادرة أو الخاصة ? هي وحدها من يستفيد من دخلها، أو ولي أمرها أو زوجها وغيرهما، بينما دخل الشاب يستفيد منه أسرة قائمة، أو هو يحاول تكوينها. وعجبي من هؤلاء الكتّاب لا ينقضي، عندما يتحدثون بالرأي والهوى في كل قضية ونازلة، ولا يسعهم أن يتركوا لذوي الاختصاص مجالاً ولو"كمفحص قطاة!"، أن يتحدثوا في ما هو من شأنهم، فأصبح حالهم كما وصف الشاعر: أحرام على بلابله الدوح وحلال للطير من كل جنس؟! عفواً أيها الكتّاب الأفاضل، إن كنتم كتّاباً في أعمدة الصحف وزواياها، فنحن من يقرأ تلك الزوايا، نتقبل منكم الحديث في شؤون المجتمع وشجونه، ونحب أن نسمع منكم الرأي في القضايا العامة والمهمة، ويسرنا أن نجد بين سطوركم المعلومة الغائبة، والفكرة النيرة، والتجربة الفريدة، والموقف المبهج، ولكن أبداً لن نرضى منكم الظهور بمظهر العارف بكل شيء، وأن تهمشوا المتخصصين في كل علم وفن، فنحن لا نستسيغ حديثكم في الدين أو السياسة أو الطب أو الهندسة أو غير ذلك، ما لم تدعموا مقالاتكم بما قاله هؤلاء المتخصصون في المواضيع التي تطرقونها، وتأكدوا أن ذلك لا ينقص من قدركم في أعيننا، بل يزده ويعليه فوق ما كان عليه. أحمد بن صالح الخنيني - الزلفي