اطلعت على ما كتب في هذه الجريدة من تعليقات على فتوى الكاشيرة، والتي صدرت عن الجهة المخولة بالإفتاء في المملكة العربية السعودية (اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء)، وما تضمنته هذه التعليقات من وصف للفتوى بأنها تفتقر إلى التأصيل الشرعي وتنتصر للعادات والتقاليد وما إلى ذلك..! وأنا هنا ليست بصدد الحديث عن تفاصيل هذا الموضوع، ولكني أردت أن أقول: إن واقع الناس سواء في الحاضر أو الماضي لا يغير من الأحكام الشرعية شيئًا، وحكم الاختلاط هو الآخر لا يتأثر بأن وجد في مواقع مهمة أو غير مهمة، أما (بطالة المرأة) فهي وهم لا حقيقة له على أرض الواقع، فالمرأة وظيفتها الأولى أن تكون (راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها)، وقد رتب الشارع الحكيم على ذلك أن يكون الزوج هو المسؤول عن الإنفاق على أفراد أسرته حتى ولو كانت الزوجة من (سيدات الأعمال)، ثم إن من ينادون بتوظيف المرأة هم أبدا لا يناصرونها بقدر ما يريدون أن يحملوها أثقالًا مع أثقالها، هذا بغض النظر عن نوعية العمل الذي يريدونه لها لائقًا أو غير لائق، بيد أن الأمر السامي الكريم الصادر بشأن تنظيم عمل المرأة قد تضمن الضوابط التالية: 1- الضرورة لعمل المرأة. 2- موافقة ولي أمرها. 3- أن يكون العمل ملائمًا لطبيعة المرأة وألا يشغل كل وقتها فيعوقها عن أداء واجباتها المنزلية والزوجية، وألا يؤدي هذا العمل إلى ضرر اجتماعي أو خلقي. 4- أن تؤدي المرأة عملها في مكان منفصل تمامًا عن الرجال. 5- أن تؤدي المرأة عملها في وقار وحشمة وأن تلبس طبقًا للحجاب الشرعي. ثم إن التوسع في توظيف المرأة من شأنه أن يساعد على تفشي ظاهرة البطالة بين الشباب، وهي أعظم أثرًا وأشد خطرًا على المجتمع، فالمرأة في الغالب -ولا أتحدث عن الحالات النادرة أو الخاصة- هي وحدها من يستفيد من دخلها، بينما دخل الشاب يستفيد منه أسرة قائمة أو هو يحاول تكوينها. وعجبي من هؤلاء الكتاب لا ينقضي، عندما يتحدثون بالرأي والهوى في كل قضية ونازلة، ولا يسعهم أن يتركوا لذوي الاختصاص مجالًا ولو (كمفحص قطاة).. أن يتحدثوا فيما هو من شأنهم، فأصبح حالهم كما وصف الشاعر: أحرام على بلابله الدوح حلال للطير من كل جنس؟! عفوًا أيها الكتاب الأفاضل، إن كنتم كتابًا في أعمدة الصحف وزواياها، فنحن من يقرأ تلك الزوايا، نتقبل منكم الحديث في شؤون المجتمع وشجونه، ونحب أن نسمع منكم الرأي في القضايا العامة والمهمة، ويسرنا أن نجد بين سطوركم المعلومة الغائبة، والفكرة النيرة، والتجربة الفريدة، والموقف المبهج، ولكن أبدًا لن نرضى منكم الظهور بمظهر العارف بكل شيء، وأن تهمشوا المتخصصين في كل علم وفن، فنحن لا نستسيغ حديثكم في الدين أو السياسة أو الطب أو الهندسة أو غير ذلك، ما لم تدعموا مقالاتكم بما قاله هؤلاء المتخصصون في الموضوعات التي تطرقونها، وما لم تحترموا رأيهم وتجعلوه هو المقدم في مقالاتكم، وتأكدوا أن ذلك لا ينقص من قدركم في أعيننا، بل يزيده ويعليه فوق ما كان عليه، والله المستعان. أحمد صالح الخنيني - الزلفي