يجسد يوم الأول من برج الميزان"الموافق 23 سبتمبر"من كل عام، ذكرى مناسبة وطنية غالية على كل مواطن ومواطنة سعوديين لتذكر تضحيات الأجداد والآباء الذين أسسوا هذا الكيان الكبير، وفي الوقت نفسه يعطيهم دافعاً للمحافظة على المكتسبات التي تحققت، والاستمرار في بناء الوطن وتدعيم ركائزه للأجيال المقبلة. كما أنه يمثل يوماً تاريخياً مجيداً لا ينسى يتمثل في هذه الملحمة الوطنية الكبرى التي أدت إلى توحيد المملكة العربية السعودية في كيان واحد ودولة قوية متماسكة قامت في العام 1351ه/1932 عندما أعلن المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود توحيد كل مناطق المملكة العربية السعودية، وبعد إرسائه طيب الله ثراه دعائم الأمن والاستقرار لهذا الوطن الكبير بدأت الانطلاقة الحضارية والاقتصادية والثقافية وفي المجالات الأخرى كافة لتعم أرجاء الوطن، مكرساً يرحمه الله كل جهوده للنهوض بهذا الوطن على الأصعدة كافة. وما أن توفاه الله في العام 1373ه/1953 إلا وقد كان، يرحمه الله، أرسى دعائم الأمن والاستقرار ووضع المملكة العربية السعودية على مشارف المستقبل، ثم تسلم الحكم من بعده أبناؤه البررة الملوك سعود وفيصل وخالد وفهد يرحمهم الله، والذين ساروا على نهج الملك المؤسس من حيث التمسك بتعاليم الدين الإسلامي، والانتماء العربي ومواصلة مسيرة البناء والتعمير والازدهار للوطن والمواطن، وشهدت المملكة خلال سنوات حكمهم نهضة شاملة في شتى المجالات. ومنذ أن تولى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود يحفظه الله الحكم والمملكة تعيش مرحلة مميزة من الرفاه والرخاء للمواطن السعودي، إذ استطاع يحفظه الله بخبرته الواسعة في شؤون السياسة والإدارة مواصلة المسيرة التنموية، وأن ينهض بالمملكة نهضة نوعية في شتى المجالات على رغم كل التطورات والظروف الإقليمية والدولية التي أحاطت بالمنطقة وبالمملكة، ما جعل المملكة العربية السعودية تتبوأ الصدارة في العالمين العربي والإسلامي، إضافة إلى ما تتمتع به من ثقل ديني وسياسي واقتصادي وثوابت في السياسة والعلاقات الدولية مستمدة من الدين الإسلامي والقيم العربية والسياسات الحكيمة لقيادتها. وتنطلق المملكة من كونها حاضنة الحرمين الشريفين، ما يؤكد الدور الإسلامي المناط بها، واضعة مصالح الأمتين العربية والإسلامية نصب عينيها، إلى جانب كونها دولة وطنية تسعى إلى المحافظة على وحدة أراضيها وتقديم الرفاه لمواطنيها، بعد أن استطاعت أن تحقق وحدة هذا الكيان الكبير. واليوم مع ذكرى تأسيسها ال80 وبقيادة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين أيدهما الله، تدخل المملكة مرحلة جديدة في مسار نهضتها، وهي مرحلة تؤهلها لتكون واحدة من أهم دول العالم في القرن الحادي والعشرين. ومنذ أن تولى خادم الحرمين الشريفين الحكم والمملكة تتجاوز الأهداف التنموية المخطط لها، فالقطاعات الاقتصادية والتعليمية والاجتماعية والصحية، إضافة إلى قطاعات المواصلات والاتصالات والمياه والكهرباء تشهد تطوراً ونمواً كبيراً. فقد قام يحفظه الله بتسخير الثروة الوطنية لتطوير كل القطاعات ودشن عدداً من المبادرات الاقتصادية والتعليمية والصحية، كما استطاعت المملكة تحت قيادته تجاوز آثار الأزمة الاقتصادية العالمية وتبوأت مكانتها المستحقة كإحدى الدول العشرين المؤثرة في الاقتصاد العالمي، وأحد صانعي السياسات المالية والنقدية في المجتمع الدولي. أما الاستراتيجية التي تنتهجها قيادة المملكة للحفاظ على هذه المكتسبات فتتمثل في ركائز عدة أولها التمسك بالعقيدة الإسلامية قولاً وفعلاً والسير على نهجها، وثانيها التمسك بالهوية العربية، وثالثها المحافظة على وحدة الوطن وسلامة أراضيه، ورابعها توفير العيش الكريم لمواطني المملكة عبر خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. وتجيء هذه المناسبة الوطنية الغالية في مثل هذا اليوم من كل عام لتذكرنا جميعاً بمجهودات الأجداد والآباء، ولتحفزنا على مواصلة العمل لاستكمال متطلبات التنمية الشاملة التي بدأت منذ أن بدأ المغفور له الملك عبدالعزيز مسيرته الطويلة والشاقة لبناء هذا الوطن الذي استطاع خلال فترة قصيرة في إعمار الدول والشعوب أن يصل إلى مصاف كثير من الدول التي سبقته في بناء الدولة الحديثة، كما استطاع أن يرسخ دعائم أول وحدة عربية في العصر الحديث صمدت في وجه كل التحديات الإقليمية والدولية. وبحلول هذه الذكرى الغالية أود أن أتقدم بالتهنئة إلى مقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود والأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد وزير الدفاع والطيران المفتش العام والأمير نايف بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية يحفظهم الله وجميع أفراد الأسرة المالكة الكريمة وإلى الشعب السعودي النبيل، داعياً الله عز وجل أن يحفظ المملكة العربية السعودية من كل مكروه وأن يعيد هذه المناسبة على الشعب السعودي الكريم بكل خير وعزة، وأن يديم المولى عز وجل على المملكة العربية السعودية وعلى الأمتين العربية والإسلامية نعمة الأمن والعز والرخاء. * سفير المملكة لدى الكويت.