من الصعوبة بمكان أن تقحم امرأة نفسها، في قضايا تتعلق بالإرهاب والأمن الفكري، لا لشيء سوى أن هذه النوعية من القضايا تحتاج إلى تفرغ وبذل جهود مضاعفة سواء في البحث أم الدراسة، وهو ما قد يتعارض مع ظروف بعض السيدات."بينة الملحم"عضو كرسي الأمير نايف لدراسات الأمن الفكري، والمرأة الوحيدة وسط عدد من الباحثين والكتاب المتخصصين في هذا المجال، رفضت السؤال الذي وجه إليها حول التلميح بوجود تعارض بين كونها أنثى، وبين نوعية القضايا التي تتصدى لها، فقالت:"السؤال يحمل في طياته الكثير من العنصرية، إن كان من ثمة صعوبة لسبر أغوار هذا المجال فأظن الكفاءة التي يتقابل فيها الرجل مع المرأة تظل هي الميزان الذي يحكم لا الجنس"وبعد مواجهتها بأن اللغة التي توظفها في كتابة مقالاتها تميل نحو اللغة الأكاديمية أو النخبوية قالت:"هناك نقد موجه لخطي الفكري في الكتابة الصحافية، كثير من أمنيات تردني أن أنزل بلغة المقال للفئة العامة من القراء وأن أتصدى في مقال ما لقضية مواطن بسيط، صعوبة كبيرة أجدها هنا في نقل فكرتي، فخطي الكتابي يتناول المبادئ التي بسبب نسفها أو إسقاطها أو اختلال موازينها نتجت عنها كثير من القضايا والمشكلات المجتمعية الدالة على وجود خلل في الفكر الاجتماعي". ترى"بينة"أن موضوع الأمن الفكري ليس معنياً فقط بالإرهاب والتعرض لقضاياه، بل هو أبعد من كونه مواجهة موجة إرهابية، إنه معني بكل قضايا وهموم المواطن نتيجة اختلال موازين الفكر الاجتماعي- على حد قولها- وتعثر إعادة تشكيل هوية ثقافية سعودية تجمع بين الثوابت الدينية والوطنية والانفتاح الإيجابي على العالم، فالاستراتيجية الوطنية للأمن الفكري لم تغفل عن مواجهة الإرهاب كما هي مسألة البطالة على سبيل المثال. و توضح"المحلم"ل"الحياة"أن تصديها لمواضيع حول التراث والدين في مقالاتها، ما هي إلا"اجتهادات قد أخطئ فيها كما قد أصيب، قد يعتقد أنها لوثة نقدية كتابية بينما هي في الحقيقة محاولة لفهم سبب الانحراف في المستوى الخاص بفهم هذا المدلول الفكر الاجتماعي وبخاصة ما يرتبط بقضايا التراث والدين". وحول ما إن كانت تشعر بأن ثمة نجاح حققته في هذا الجانب الفكري أشارت إلى أن ما حققته حتى الآن"لا يعدو عن كونه أولى تباشير النجاح ولا يمكن الحكم بالنجاح فيها كهدف قد تم تحقيقه، فطريق الأمن الفكري وتحويله إلى لغة صحافية طويل جداً، عطفاً على حداثة طرح المصطلح الأكاديمي ونخبويته، في المقابل قدرة الخطاب الصحافي المضاد خطاب التطرف والإرهاب/ تنظيم القاعدة كبيرة في التغلغل من خلال اللغة الصحافية البسيطة والشعبوية". "الملحم"لم تخف دعم جامعة الملك سعود وكرسي الأمير نايف لها، ممثلاً في مدير الجامعة الدكتور عبدالله العثمان، والمشرف على كرسي الأمير نايف لدراسات الأمن الفكري الدكتور خالد الدريس، إضافة إلى إصرارها على توضيح حرص الزميل جميل الذيابي على استقطابها للكتابة في"الحياة"عن الأمن الفكري، وتقول"بينة":"لا أدري هل هي مصادفة تزامن نشر هذه المادة عني مع مرور سنة أولى لانتسابي في صحيفة الحياة، وخبر فوزي بجائزة الأمير نايف بن عبدالعزيز لدراسات الأمن الفكري، ودعوتي للانضمام إلى كرسي الأمير نايف للأمن الفكري"كاشفة عن الكثير من الصعاب التي واجهتها في مشوارها بالقول:"أواجه صعوبة في اعتقاد البعض أن فلسفة الأمن الفكري، قضية بحثية بينما هي مشروع تنموي كامل تشترك فيه كل أطراف الثقافة، ولا يمكن أن تحدث عملية نقل النظري إلى الواقع في الأمن الفكري إلا من خلال برامج وأنشطة تصاغ في نمط استراتيجي وهذا ما نعكف عليه هذه الفترة في الكرسي، إضافة إلى عدم إدراك عدد من أطراف الثقافة والمسؤولين عنها لدورهم تجاه هذه القضية، وهذه كانت أبرز الصعاب التي واجهتني بخاصة على الصعيد العلمي والعملي قبل استقطابي في الجامعة وفي الكرسي، وقبل أن أكون على الصعيد الكتابي الصحافي أول كاتبة متخصصة في الكتابة عن الأمن الفكري وقضايا الإرهاب كأول سعودية يتم استقطابها لكرسي بحثي كبير مثل كرسي الأمير نايف".