يحظى عاهل المملكة العربية السعودية الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، بمكانة خاصة بين قادة الدول المؤثرين في تطور الأوضاع الراهنة على الساحة الدولية والأحداث العالمية. ويعود السبب في ذلك إلى الأساس الموضوعي المتمثل في الدور الرائد للمملكة العربية السعودية في العالمين العربي والإسلامي، إضافة إلى العنصر الذاتي المتمثل في همة ونشاط الملك عبدالله في الشؤون الدولية وسعيه الرامي إلى إبعاد المخاطر والتحديات المسلطة على رقبة البشر وفي عزمه على الدفاع عن آرائه المهمة جداً للسلام والاستقرار. ولعل دور الملك عبدالله يتجلى في الوقت الحاضر أكثر في المحاولات الهادفة إلى إيجاد مخرج من المتاهات المعقدة للنزاع في الشرق الأوسط وكذلك للحيلولة دون حدوث تصادم بين الحضارتين، الغربية والإسلامية، ذلك التصادم الذي ستكون نتائجه مأسوية على البشرية جمعاء. طرح الملك عبدالله في عام 2002 عندما كان ولياً للعهد مبادرة لحل الصراع الشرق أوسطي من خلال اللجوء إلى معادلة "الأرض في مقابل السلام". وتنص هذه المبادرة المقرة في القمة العربية في بيروت على تطبيع كامل للعلاقات العربية مع إسرائيل في مقابل انسحابها من الأراضي العربية المحتلة خلال "حرب الأيام الستة" في عام 1967. ويمكن القول من دون مبالغة ان معادلة الملك عبدالله التي أطلقت عليها اسم "مبادرة السلام العربية" أصبحت أساساً للجهود الرامية إلى تحقيق تسوية الشرق الأوسط إلى جانب قرارات مجلس الأمن الدولي رقم 242 و338 و1397 التي تؤكد حل الدولتين في الشرق الأوسط - إسرائيل وفلسطين - ضمن حدود آمنة ومعترف بها. والأكثر من ذلك أن ثمة مسوغات للتأكيد على أن هذه المعادلة خلقت ظروفاً جديدة مبدئياً تسهم في تسوية هذا النزاع العربي - الإسرائيلي القديم والخطر بالنسبة للعالم أجمع. أولاً، معادلة الملك عبدالله، المعترف بها من جميع الأقطار ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، سحبت البساط من تحت أقدام الغرب الذي كان يدعي لتبرير موقفه الموالي لإسرائيل أن العرب يرفضون الاعتراف باسرائيل. كما أن مبادرة السلام العربية أدت، بلا شك، إلى إضعاف الجبهة المعادية للعرب. ثانياً، حددت المعادلة ثمناً لتطبيع علاقات العالم العربي مع إسرائيل وهو تحرير الأراضي العربية التي احتلتها إسرائيل عام 1967. ثالثا، معادلة "الأرض في مقابل السلام" لا تنص على التسوية الجزئية للنزاع العربي - الإسرائيلي، وإنما على تسوية شاملة. يتجلى الطابع البراغماتي والمتحلي بروح الحلول الوسطية لهذه المعادلة، في كونها لا تتطرق لمسألة توسع أراضي إسرائيل خلال الحرب الفلسطينية في عام 1948، التي بدأت، كما هو معروف، بمبادرة من الدول العربية التي وقفت ضد تقسيم فلسطين بدعم من بريطانيا آنذاك.