كنت بالأمس في ملتقى لجان التنمية الاجتماعية الذي عقد على مدار يومين في الغرفة التجارية بالدمام، وما أن وصلنا الى الملتقى صبيحة اليوم الأول، إذ شد انتباهي شاب لم تفارق الابتسامة محياه، يرحب بالحضور ويستقبلهم ببشاشة ورحابة صدر لا مثيل لها، ولم يمنعه كسر كاحله وعكازاه اللذان يتعكز عليهما من القيام بواجباته خير قيام. في اليوم الأول كان التكريم لكل من بذل المال لإنجاح الملتقى... كرموا وانفضوا وصاحب العكازين المكسور الكاحل، كما استقبلهم ودعهم، واستمر يستقبل ويودع كل من حضر، وعلى مدار يومي الملتقى لا يتوانى في تقديم المساعدة لكل من يحتاج لها. أذكر جيداً كيف تقدم مني وسلم عليّ بحرارة، وعرفني بشخصه قائلاً أخوكم عبداللطيف الحارثي، وعلى رغم حداثة إصابته إلا انه أبى أن يغادر المكان قبل ان ينتهي الملتقى. من حسن حظي في اليوم الثاني من الملتقى كان لي شرف الجلوس على طاولة الطعام التي يجلس عليها صاحب العكازين والكاحل المكسور، ودار حديث عن التطوع والاعمال الخيرية، عرفت من حديثه أن كاحله كُسر قبل الملتقى بأيام عدة، وأثناء التجهيز للملتقى، وعرفت حينها لماذا سُمي شعار هذا الملتقى"لنرتقي"، نعم لنرتقي بتفكيرنا، لنرتقي بعملنا، لنرتقي بأسلوب حياتنا، وعرفت أن الكل يستطيع أن يقدم لمجتمعه ولحيه ولإخوانه الشيء الكثير. وعرفت أن المال وحده لا ولن يقيم ملتقيات، لا بد حتى تقام الملتقيات من وجود جنود مجهولين يبذلون من وقتهم وجهدهم الكثير، لا يريدون من ذلك جزاءً ولا شكوراً، يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة، يبذلون الغالي والنفيس في خدمه وطنهم ومجتمعهم، وصدق فيهم قول الرسول الكريم"صلى الله عليه وسلم":"المؤمن للمؤمن كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعت له سائر الأعضاء بالسهر والحمى". نعم في اليوم الأول، كما قلت، تم تكريم الجهات الداعمة، وعلى مدار اليومين الأول والثاني تم تكريم كل من حاضر وأعطى عصارة فكره، لفت انتباهي عدم تكريم أو ذكر صاحب العكازين والكاحل المكسور، وعدم ذكر كل من بذل الجهد وصرف الوقت بعيداً عن بيته وأهله، ولسان حالهم يقول:"الثواب من رب العباد". ... أنت وأنا، هو وهي، كل من موقعه يمكن أن يكون جندياً مجهولاً. عبدالله سيالة - الدمام [email protected]