أثار طلب وزارة الشؤون البلدية والقروية رأي مجالسها حولً ضم المرأة فيها كعنصر أساسي مشارك في صنع قراراتها والمشاركة فيها، موجة من التباين داخل الأوساط المجتمعية والرسمية ذات العلاقة في السعودية، ففي حين آمن الغالبية بدورها وتضحياتها التي قدمتها وتقدمها في بناء الأجيال وصناعة التاريخ، رأى نزر يسير ضرورة تحجيم دورها، وفق آلية مدروسة تكفل تناسب المهمات المناطة بها مع طبيعتها وإمكاناتها. من جانبه، أكد رئيس المجلس البلدي في مكةالمكرمة الدكتور عبدالمحسن آل الشيخ وصول ملف المجالس البلدية والاستطلاعات الخاصة بإشراك المرأة إلى ردهات المجلس، إذ يُناقش الآن وتطرح حوله الآراء، لافتاً في الوقت ذاته إلى أن وزارة الشؤون البلدية والقروية رغبت في أن تكون الآراء سرية جداً، ولا يتم الإفصاح عنها من قبل الأعضاء حتى يتم رفع الملف كاملاً إلى مقام الوزارة، ليقر رسمياً من قبلها. وأشار إلى أنه لا يؤيد أبداً إشراك المرأة في المجلس كعضوة منتخبة أو عضوة من أعضاء المجلس، لكنه يؤيد إشراكها كناخبة لها الحق في التصويت، تنتخب وتختار من تراه محققاً لأهدافها ورغباتها، موضحاً أن المرأة يمكن أن تؤدي أدواراً قيمة وفاعلة في العمل المجتمعي البعيد عن الأمور البلدية، خصوصاً أعمال الأسرة، والطلاق، والحضانة، ونحوها. وقال ل"الحياة":"لم تغب المرأة عنا أبداً، إذ نستقبل آراءها ومقترحاتها دوماً، ولدينا داخل موقع المجلس الإلكتروني، اهتمام كبير بالمرأة، وأطروحاتها، فضلاً عن أن أعضاء المجلس يناقشون دوماً مشكلات المجتمع كافة، خصوصاً تلك التي تهتم بمعالجة قضايا المرأة". بدورها، استغربت الناشطة الاجتماعية اختصاصية في تنمية المجتمع في مكةالمكرمة شادية غزالي دعوى عدم أهلية المرأة وتنصيبها عضوة من أعضاء المجلس ورفض فكرة دخولها معترك الانتخابات البلدية، مشيرةً إلى أن هذه النظرة نحوها تعد قاصرة جداً، ولا تمثل رأي الغالبية، مؤكدةً أن المرأة أثبتت من خلال التجارب الماضية أنها أحرص من الرجل في كثير من الأعمال التي أوكلت إليها. وقالت ل"الحياة":"من الأفضل والأجدى للمجلس أن يكون هناك صوت نسائي داخله، لتمثيل سيدات مكة، ونقل همومهن ومشكلاتهن، وحاجاتهن إلى المجلس، بدلاً من الانكفاء على الصوت الرجالي فقط، وعدم إتاحة الفرصة لدخول المرأة كعضوة فاعلة". وأكدت أن كثيراً من الطلبات التي ترسلها للمجلس خصوصاً ما يتعلق بالتحسين والنظافة لا تنفذ أبداً، على رغم أنها تعمل دوماً على المشاركة في نشاطات المجلس، وتقديم الاقتراحات والرؤى، ولكنها وعلى حد قولها"سئمت من الوعود المعسولة التي تقابل بالتهميش وعدم الاهتمام دائماً". وعلى النقيض تماماً، خالف رئيس المجلس البلدي في منطقة المدينةالمنورة الدكتور صلاح الردادي نظيره رئيس بلدي مكة، وأيد من خلال حديثه إلى"الحياة"مشاركة المرأة كعضوة منتخبة داخل المجلس، مشترطاً في الوقت ذاته أن يكون دخولها ومشاركتها في صنع القرار على مراحل حتى يتم إشراكها رسمياً، كعضوة داخل المجلس تشارك في اتخاذ القرارات، وصنعها، إضافةً إلى منح سيدة المدينة بعداً آخر. وأشار الردادي إلى أن"بلدي المدينة"وعلى مدى 30 جلسةً عقدها كان يشرك المرأة في جلساته دائماً، ويستمع لهمومها ومشكلاتها، ويؤمن عن قناعة تامة بدورها الفاعل، حتى وإن لم تكن مشاركتها بصفة رسمية، مشدداً على أن فكر وحوار المرأة لا يختلف كثيراً عن دور وفكر الرجل فهي نصف المجتمع، وشريكة الرجل. وكشف وصول مسودة النظام الخاصة بتطوير نظام المجالس البلدية والمعد من الوزارة إلى ردهات"بلدي المدينة"، حيث اطلع عليها الأعضاء، وأبدوا من خلالها أراءهم، وملاحظاتهم، مشيراً إلى أن المجلس كلف أحد الأعضاء بحضور جلسات الاستماع والاقتراح والتصويت الخاصة بالنظام الجديد. من جانبه، علق رئيس المجلس البلدي في محافظة جدة حسين باعقيل على الموضوع بهدوء تام، مفضلاً عدم الدخول في مهاترات لا تفضي إلى شيء، وقال ل"الحياة":"إن بلدي جدة يهتم كثيراً بشأن المرأة، ويمنحها فرصة المشاركة في اللقاءات والندوات والمحاضرات التي ينظمها المجلس، وما النظام الحديث الذي يدرس حالياً بين المجالس البلدية بهدف إقرار السماح بمشاركة المرأة السعودية في الانتخابات البلدية المقبلة، إلا دليل قوي على دور المرأة الفعال، لكن أمر تنصيبها في هرم المجلس سيطبق مستقبلاً بعد الموافقة عليه من طريق منحها فرصة التصويت أو المشاركة في الانتخاب". وأضاف أن المجلس ينظر للرجل والمرأة كصنوان لا يفترقان في المشاركة في كل هموم المدينة، ومشكلاتها، ووضع الحلول الآنية لها والمستقبلية، ويعمل باستمرار على دعوتها لحضور نشاطات المجلس، ومشاركتها في لقاءاته المتعددة، بهدف الاستماع إلى آرائها ومقترحاتها، لأخذ المفيد منها، فضلاً عن الشكاوى المقدمة منهن، والتي دائماً ما تؤخذ في الاعتبار. وعن مسودة النظام، أكد باعقيل أنها وصلت إلى"بلدي جدة"حيث تطرح الآن على أعضاء المجلس لإبداء الآراء حولها، ومناقشتها قبل إعادتها مرة أخرى إلى الوزارة لاتخاذ القرارات بشأنها. مؤكداً أن المجلس لا يسعه إلا أن يتيح للمرأة فرصة الرأي والرد والمشاركة والاقتراح، كونه يؤمن إيماناً كاملاً بدورها الفاعل، وأنه لا يمكن أن يكون في منأى عن دورها داخل المجتمع.