دعا مشاركون في لقاء الخطاب السعودي الثقافي الثالث الذي انطلقت فعالياته أمس الثلثاء في جدة، إلى تعزيز الانتماء الوطني ليكون سلاحاً رادعاً في وجه العوائق التي تواجه تحقيق مفهوم الوحدة الوطنية، مشيرين في الوقت ذاته إلى أن انتشار مواقع الإنترنت والتوسع في مناقشة قضايا تكافؤ النسب أسهما بشكل مباشر في تعزيز المفاهيم"القبلية"لدى بعض شرائح المجتمع السعودي، ما دفع أستاذ البلاغة في جامعة طيبة الدكتور نجاح الظهار إلى المطالبة بإجراء استفتاء عاجل للمشاركين يتضمن طرح سؤال عن"ارتضاء تزويج غير القبلي". وعلى رغم أن الحضور لم يستجيبوا لمطالب الدكتور الظهار فأنهم أكدوا أن أكثر مظاهر التعصب القبلي تتلخص في رفض تزويج غير القبلي، لافتين إلى أن قضايا"تكافؤ النسب"تعد من أهم صور العصبية القبلية في المجتمع. في المقابل، شددت الأستاذ المساعد في كلية التربية للبنات في جامعة الملك عبدالعزيز الدكتورة جوهرة المقاطي على أهمية تطبيق تعاليم الشريعة الإسلامية في قضايا الزواج، وقالت ل"الحياة":"أوضح الدين الإسلامي معايير نكاح المرأة ومراعاة الطرفين في عقد النكاح خصوصاً ما يتعلق بالتكافؤ في ما بينهما بما يضمن لهما الحياة الكريمة من دون تدخلات العائلة والقبيلة، لأنه سيكون من الصعب تفريق أسرة بعد الزواج وإنجاب الأطفال". وأضافت:"إن الحرص على وجود التوافق بين الزوجين، خصوصاً إذا وصلت مثل هذه القضايا إلى المحاكم فإنه لابد من الفصل فيها بحكم الشرع الإسلامي وليس بحكم القبيلة". وأشارت إلى أهمية استغلال مواقع الإنترنت التي تدعم الروح القبلية بين أفراد المجتمع السعودي في تدعيم روح الانتماء الوطني باعتباره الأساس وليس العرق والقبيلة، مرجعة أسباب ارتفاع وتيرة الانتماء القبلي في السعودية أخيراً إلى ثقافة المجتمع، وتابعت:"إن ثقافة مجتمعنا هي السبب الرئيس في تعزيز مفاهيم القبيلة لدى أفراده، إذ لابد من تنمية ثقافة الوحدة الوطنية لدى الأطفال منذ نعومة أظفارهم، بحيث يواجه المجتمع بانتماء وطني لوطن معطاء يركز على جعله تابعاً للوطن في الدرجة الأولى وبشكل قوي". بدوره، طالب المفكر الإسلامي محمد الدحيم في حديثه إلى"الحياة"بأهمية إيجاد قانون مدني يحفظ للجميع حقوقهم المعنوية والمادية والاجتماعية ومنها قضايا تكافؤ النسب، وأردف:"نحن في حاجة إلى حفظ حقوق الزوجين اللذين يطلب الفصل بينهما لعدم تكافؤ النسب خصوصاً في حال رغبة الزوجين في بعضهما ولديهما أطفال". أما المشرف على كرسي الأمير خالد الفيصل لتأصيل منهج الاعتدال السعودي الدكتور سعيد المالكي، فلا يرى في وجود"مواقع الانترنت القبلية"تعزيزاً لمفاهيم العنصرية، وزاد:"لا يمكن أن نقول إن إيجاد كل قبيلة لموقع إلكتروني يدعو إلى العنصرية، فهناك الكثير من القبائل أوجدت موقعاً لحفظ نسبها بغية تواصلهم مع بعضهم بعضا، خصوصاً أن السعودية بلد واسع بل إنها شبه قارة، وكل منطقة تبعد عن الأخرى مئات الكيلومترات"، واستدرك بالقول:"لكن إذا أسيء استخدام هذه المواقع وتحولت إلى مفاخرة بالقبيلة فهنا يجب وقف تلك المواقع لأنها من دون شك ستشعل شرارة العنصرية". في المقابل، أشارت نائب مدير إذاعة جدة دلال ضياء مراد إلى أن اختطاف الانتماء الوطني إلى مصلحة الانتماء الديني أمر مرفوض يجب التوقف عنده، مشددة على أن الانتماء للأرض التي ولد ونشأ فيها الفرد يجب أن يكون ذا أولوية، ومضت:"إن فترة الصحوة الدينية في السعودية شهدت تغيرات ومفاهيم كثيرة في المجتمع السعودي إذ أصبح هناك انتماء ديني أكثر من الانتماء الوطني". ولفتت إلى أن تلك الفترة تلتها فترة أخرى تعزز مفاهيم القبلية من خلال بعض البرامج على محطات فضائية، إضافة إلى المسابقات الشعرية وغيرها من البرامج التي أسهمت في تعزيز المفاهيم غير المعنية بين أفراد المجتمع. من جانبها، حمّلت مسؤول تحرير مجلة سيدتي في جدة منى سراج الانترنت مسؤولية تعميق روح التعصب القبلي، إذ نوهت إلى أن تلك المواقع هي أكثر من كرّست لمفاهيم القبلية، وسخر القائمون عليها طاقاتهم وطاقة الشبان لنشر تلك المفاهيم بجانب القنوات الشعبية التي عملت على تهييج وإعادة النعرة القبلية للسطح حتى أصبح لها وجود ظاهر بين أفراد المجتمع.