لا يمكن للمجتمعات أن ترفل بحياة هانئة، في حال كان سوادها الأعظم"من الفقراء والمعوزين"، بهذه الكلمات المقتبسة من حديث سابق لرائد الاقتصاد السياسي"آدم سميث"استهل رئيس الوزراء الماليزي محمد نجيب عبدالرزاق حديثه أمس الأربعاء في حفلة تسليم جائزة برنامج الخليج العربي للتنمية أجفند، التي رعاها إلى جانب الأمير تركي بن طلال بن عبدالعزيز نجل رئيس"أجفند". وعدّ رئيس الوزراء الماليزي الحفلة تجمعاً مثيراً لممثلي المنظمات العالمية المنبثقة من هيئة الأممالمتحدة ومؤسسات المجتمع المدني والوكالات الدولية ووسائل الإعلام والمنظمات الحكومية المهتمة بالتنمية، وأشاد بتركيز"الجائزة"على المشاريع عوضاً عن الأفراد، معتبراً التنمية هدفاً يحتاج تحقيقه إلى رؤية شاملة تكفل الوصول إلى الناس. ووصف برنامج الخليج العربي للتنمية بالمثال الواجب الحذو حذوه من أجل تحقيق المشاريع التنموية التي تقوّي الإبداع والابتكار في مجال التنمية البشرية. وعرّج عبدالرزاق على التجربة الماليزية التي تمكنت خلال 53 عاماً من تقليص نسبة الفقر إلى 3.6 في المئة بعد أن كانت تتجاوز ال50 في المئة."ولا نزال نعبر عن التزام كبير لتحقيق تنظيم تنموي قوي يتجاوز الحدود الجغرافية والطائفية والانتمائية، وعلينا أن نذهب بعيداً وأن نستمر في مواجهة التحديات حتى نحقق نمواً مستداماً يحافظ على ثرواتنا". وكشف هدف حكومته الساعية إلى تحقيق تنمية شاملة ومستدامة يستفيد منها جميع الماليزيين بحلول العام 2020، وذلك عن طريق التركيز على الموارد البشرية لتحقيق النمو وزيادة الدخل والقضاء على الفقر والاهتمام بالتعليم والاستثمار والصيرفة واللغات الأجنبية والتكنولوجيا والزراعة. وأشاد بدور"أجفند"التنموي الساعي إلى خلق فرص دائرية يستفيد منها العالم أجمع، عبر استنساخ التجارب الناجحة ودعم المبدعين بما يكفل دفع عجلة التنمية في مختلف الدول النامية. إلى ذلك، قال رئيس برنامج الخليج العربي للتنمية أجفند الأمير طلال بن عبدالعزيز في كلمة ألقاها نيابة عنه نجله الأمير تركي، إن التنمية والاستقرار صنوان كلاهما يعزز الآخر، وتأتي الديموقراطية لتكون صمام الأمان، ولتنشر العدالة، وتوفر ضمانات الحكم الراشد، والمجتمعات النائية أشد حاجة إلى هذه العناصر والعوامل، لمواجهة ثالوث التخلف الفقر والجهل والمرض، إضافة إلى الصراعات. وأضاف:"ولما كان التاريخ أثبت أن السلطة المطلقة مفسدة مطلقة، وتحقيق التنمية يتطلب مواجهة الفساد، يصبح تحرير السلطة من الديكتاتورية التي تجعلها مطلقة شرطاً من شروط التنمية المتكاملة، وكل ذلك لا يأتي إلا في ظل تنمية سياسية تهدف إلى نشر ثقافة الديموقراطية وتدعيم ممارستها في مجتمعاتنا"، مشيراً إلى أن التنمية التي تربط انتشار ثقافة العمل والإنتاج، ومحاربة التواكل، والاعتماد على الغير، تقترن اقتراناً حتمياً بترسيخ ثقافة الحوار، وقبول الآخر، واحترام التعدد والتنوع. وتابع:"نحن في برنامج الخليج العربي للتنمية نعمل منذ مطلع ثمانينيات القرن الماضي على غرس ذات الأفكار التنموية والمبادئ والقيم والمعايير التي هيأت لماليزيا نهضتها، وذلك من نافذة دعم المشاريع التي تستهدف الطفل والطفولة الباكرة على وجه الخصوص وتصعيد دور المرأة، وتبني مكافحة العوز من خلال تأسيس بنوك الفقراء، وتنمية المجتمع المدني، ونشر تعليم يتصف بالريادة والجودة، وكل ذلك من دون تمييز بين المجتمعات التي تتلقى دعم البرنامج". وأكد أن الجائزة التي تدخل عقدها الثاني من العمر تمكنت من أن تلفت الانتباه وتسلط الضوء على قضايا تنموية شديدة الأهمية، تشكل أساس الاستراتيجية العالمية للتنمية المعروفة ب"أهداف الألفية"، وبعد أن كان موضوع الجائزة الماضية يتمحور حول تطوير الريف النائي من خلال نشر استخدام تقنية المعلومات، وافقت لجنة الجائزة التي تضم شخصيات عالمية مرموقة على أن يعالج موضوع الجائزة المقبلة قضية أخرى مهمة تناقش تمكين الشباب من خلال المبادرات وتوسيع الفرص الوظيفية. بدورها، قالت السيدة الأولى سابقاً في أورغواي رئيسة جمعية الجميع من أجل أورجواي السنيورة مرسيدس مينافرا دي باتلي ل"الحياة":"إن أجفند يعمل على ترسيخ مفهوم عالمية جائزته، والتعبير من خلالها عن شراكة الشعوب في قضايا التنمية، ولذلك فإن لجنة الجائزة المكونة من شخصيات تنموية مرموقة بينهم الاقتصادي العالمي محمد يونس الحاصل على جائز نوبل للسلام لجهوده في مكافحة الفقر أقرت لا مركزية احتفالات تسليم الجائزة، وعلى هذا الأساس طافت جائزة برنامج الخليج العربي العالمية للمشاريع التنموية الرائدة خلال السنوات الماضية على سويسرا وفرنسا والهند وتونس وجنوب أفريقيا وبولندا، وتركيا". من جانبه، عاب الفائز بجائزة نوبل للسلام نظراً لجهوده في مكافحة الفقر الاقتصاديُّ العالميُّ محمد يونس على الأنظمة المالية العالمية لعبها على أوتار نرجسية الإنسان عوضاً عن محاولة استفادتها من أحاسيس الإيثار التي يملكها البشر. وقال:"أفخر كثيراً باستنساخ تجربتي المتعلقة ببنك فقراء بنغلاديش في دول عربية عدة، بعد أن اقتنع الأمير طلال بن عبدالعزيز بفكرتي وسعى إلى دعم مجتمعات فقيرة في أكثر من بلد عربي". وأردف:"بإمكان الشباب أن يغيروا العالم، خصوصاً أنهم يملكون طاقة وقوة تمكنهم من ذلك، إلا أنا لم نستخدم قوانا بينما نتظاهر بانشغالنا بأنفسنا. ولا بد من دعم الأعمال التجارية ذات الطابع الاجتماعي التي تحفز الآخر على الإبداع، ولنا في تجربة ماليزيا في معانقة سماء التميز".