يتمسك الشاعر والصحافي حيدر الجنيد وبقوة بدعوته السابقة للجماهير بأن يرموا الشاعر السيئ ب"الطماطم"، يفعل هذا وهو لا يعوّل على الجمهور، إذ يرى"بأن الجمهور بحاجة إلى إعادة تأهيل، الجمهور إقصائي انتقائي وحرام يكون جمهور شعر لأنه لا يفهم الشعر، هذا جمهور القبيلة والتشجيع، هذا الجمهور الحالي حوّل الشعر من تذوّق إلى تشجيع فأصبح يشجع فلاناً حتى لو كان فلان شاعراً تافهاً، لذلك هو بحاجة إلى أن يعود إلى مقاعد الدراسة من جديد، الدراسة الإنسانية الفكرية، حتى يتأهل ويصبح جمهوراً، أما هو الآن كلام فاضي وليس جمهوراً!" ولا يعتمد الجنيد على جهات مسؤولة بعينها لتحسين الوضع وإنما على الشعراء أنفسهم، ويضيف:"الشعراء إذا احترموا الشعر من خلال خطوات حضورهم في الإعلام، فالجمهور حتماً سيكون مهذّباً رغماً عنه، لكن الجمهور ينجرف وراء الشاعر الذي يحفّزه على التصويت ويكون شعر هذا مجرد مدح واستجداء، فالمسألة تبدأ من الشاعر نفسه". ونفى أن يكون منقطعاً عن الشعر بسبب شعوره بالإحباط، ويوضح:"أنا متواصل مع الشعر، لكنني لست مهرّجاً أجيء وقتما أُطلب، فقط عندما يكون لدي نتاج جيّد أقدمه، والأماكن التي تحتوي الشعر أصبحت قليلة، والأماكن المتاحة لا تناسبني، وحضور الشاعر هذه الأيام تهريجي لا يقبل به كل شاعر"... ويتابع:"أنا أكتب لنفسي في النهاية، وشعري المنشور إذا أعجب الناس كان بها وإذا لم يعجبهم بكيفهم ومن لديه حسن ظن بشعري، فأنا مقلّ لكيلا أخذل حسن الظن هذا، مع أنه في إمكاني أن أكون موجوداً وأتنطط في كل مكان!". ولحيدر رأي حاد وثابت في برنامج"شاعر المليون"وهو أنه"برنامج أفسد الشعر وحوّله إلى أرقام وجرّده من مشاعره ومعناه"... فإلى أي مدى يرى أنه أفسد الشعر؟، يجيب بقوله:"إلى مدى بعيد جداً، والمشكلة أن هذا البرنامج ما زال يجيّش أساطيل من الكوادر لاستهداف الشعر والإغراء مادي، لذلك كان إفساده إلى مدى بعيد، ربما أنه نشر الشعر لكنه لم يخدمه أبداً"، ويزيد:"حوّل الشعر إلى أرقام، ونقل الجماهير من التذوّق إلى التشجيع، فأصبح فلاناً يصوّت لفلان لأنه من قبيلته و طزّ في الشعر، إضافة إلى لجنة تحكيم تجلس على مقاعدها، وكأنها هي التي اخترعت شيئاً اسمه الشعر، لدرجة أنك تشعر أحياناً أن الخليل بن أحمد يجلس بينهم، مع احترامي لهم إلا أن عليها مآخذ لا تحصى". ويتوقع الجنيد أن يعود الشعر إلى مكانه الطبيعي من خلال الصحافة المقروءة أو من خلال الإعلام المسموع أو من خلال برنامج يعتد على الشعر كشعر،"أعتقد أن المرحلة المقبلة ستكون مرحلة جيّدة للشعر، إذ أرى أن كل ما يحدث الآن هو مخاض لولادة شعر جديد، لأنه منذ شعراء الثمانينات كنا ننظر إلى تجارب عالية المستوى وفارهة في حضورها، بعد ذلك أتى جيل أستطيع أن أسميه جيلاً بلا شرعيّة، بلا أب شرعي، لا يريد أن يستند للجيل الذي قبله وكأنه أتى من السماء، والجيل الحالي بين شاعر البرامج والمسابقات وبين شاعر يحترم نفسه ويقدّم تجربته كما يليق بها، كل هذا سينفجر في لحظة، أنا أؤمن بأن الشعر المحكي يحتك بالشارع والناس وأراه ضد البهرجة والتقنية العالية، هو سيّال عذب مرن يحتاج إلى أن يكون أبسط من هذا الشكل الحالي".