تنتظر لاعبي المنتخب السعودي مواجهة معقدة تكتيكياً وهم يواجهون منتخب كوريا الشمالية الذي يتميز لاعبوه بأدائهم المنسجم ولغة التفاهم العالية بينهم داخل المستطيل الأخضر، الانسجام الذي أوصل المنتخب إلى هذه المكانة في سلم المنافسة على خطف البطاقة الثانية عن منتخبات مجموعته، ومتى ما وفق لاعبو المنتخب السعودي في كسر هذا الانسجام التكتيكي الدفاعي بالوصول إلى هز الشباك بهدف باكر فإن الأمور ستنقلب على الكوريين، ويتحول من الإتقان في الانضباط التكتيكي إلى منتخب مندفع، وتتغير هنا الحسابات، وربما تتلقى شباكه عدداً من الأهداف متى ما وجد لاعبو المنتخب السعودي مساحات أمامهم في مباراة جماهيرية وحاسمة مثل مباراة اليوم. التشكيل المثالي قبل الغوص في بعض الواجبات التكتيكية التي تنتظر من خطوط المنتخب السعودي الثلاثة في مباراة اليوم، يجب التوقف كثيراً عند التشكيل العناصري الذي سيزج به المدرب بيسيرو لمواجهة منتخب كوريا الشمالية المعروف بقوته الدفاعية، التي تعتمد على تقارب صفوفه واعتماد مدربه على أسلوب 5-4-1، ونتيجة لغياب أهم عناصر الوسط في المنتخب السعودي أحمد وعبده عطيف، فإن التشكيل المثالي للمنتخب ينتظر أن يعتمد على وليد عبدالله في حراسة المرمى، وأمامه قلبا الدفاع أسامة هوساوي ونايف القاضي، وفي الظهير الأيمن حسن معاذ وفي الجهة المقابلة عبدالله شهيل، وستكون الأفضلية في عمق وسط المنتخب للاعبين خالد عزيز وحسين عبدالغني، على أن يبقى عبدالرحمن القحطاني في الوسط الأيسر ومحمد نور في الأيمن، ويظل ياسر القحطاني وناصر الشمراني المهاجمين في بداية المباراة. طرفا الجنب قوة"الأخضر" مباريات مغلقة مثل مباراة اليوم التي تغيب فيها المساحات في عمق الملعب تتطلب اللجوء لاستخدام سلاح الأطراف كأهم الحلول لفك هذا التكتل البشري في منطقة العمق الدفاعي، المنطقة التي تشهد كثافة عددية من جانب لاعبي المنتخب الكوري الشمالي، وهذا ما يحتم على بيسيرو الزج بظهيري جنب لديهما من الكفاءة الفنية ما يؤهلهما للقيام بدورين مزدوجين في المباراة دفاعاً وهجوماً، وتقع الأفضلية على عبدالله شهيل وحسن معاذ للقيام بهذه الواجبات، خصوصاً أنهما مؤهلان من الناحيتين المهارية واللياقية كي يحدثا قلقاً للدفاع الكوري، وهذه الجرأة الهجومية لشهيل ومعاذ يجب أن يقابلها تفاعل من نور والقحطاني تحاشياً لتداخل الأدوار في ما بينهم، وهنا يقع على عاتق المدرب بيسيرو إيصال هذه المعلومات إلى لاعبي طرف الملعب بشكل دقيق. تبادل الأدوار متى ما لجأ لاعبو المنتخب السعودي، خصوصاً في منطقتي الوسط والهجوم، إلى تبادل المراكز والتنويع في الهجوم فهم بهذا يحدثون نوعاً من الإرباك في دفاع ومنطقة العمق في منتخب كوريا، فحينما ينتقل نور للجهة اليسرى أو يتوغل خلف المهاجمين، ويتحول حينها القحطاني للجهة المقابلة، وتكون مساندات شهيل ومعاذ حاضرة وفي التوقيت نفسه، فإن ذلك حتماً سيمنح القحطاني والشمراني مساحة ووقتاً في أن تخفف عنهما الرقابة اللصيقة التي سيجدونها من المدافعين الكوريين، وفي الوقت نفسه على القحطاني والشمراني أن يبذلا جهداً مضاعفاً في إرباك الدفاع الكوري بكثرة تنويع الحركة داخل مناطق الدفاع، والحذر كل الحذر من الاستسلام لأحضان المدافعين، بالذات أن كثرة الحركة حتماً ستمنح أصحاب التسديد القوي معاذ أو القحطاني أو عبدالغني المساحة وزاوية الرؤية التي تشجعهم وتحفزهم على التصويب نحو المرمى، فربما تحمل إحدى هذه التصويبات بشارة الفوز. مفاجآت الشماليين واردة من الأمور التكتيكية التي ربما يلجأ لها مدرب كوريا الشمالية في مباراة اليوم اتباع عنصر مفاجأة المنتخب السعودي بأن يبادر بالضغط العالي على لاعبي المنتخب السعودي لدقائق معدودة مع انطلاقة المباراة، لعله في حساباته يخطف هدفاً باكراً يقلب به الموازين، خصوصاً أن الدقائق الأولى من المباريات تشهد غياب التركيز والانضباط المطلوب، خلاف ذلك لن تكون للمنتخب الكوري الشمالي أية مجازفة في هذه المباراة، بل سيتبع الصمود الدفاعي من أجل تمرير دقائق المباراة نحو نتيجة التعادل، لمعرفته أن مرور الوقت والنتيجة لمصلحته سيكون بمثابة الضغط العصبي والنفسي على لاعبي السعودية ومن خلفهم المدرب بيسيرو، ومعها ستكون له أهداف محدودة من الاستفادة من الكرات المرتدة النادرة، لعل وعسى أن يصل من إحداها إلى مرمى وليد عبدالله. السرعة لا تعني التسرع الضغوط التي يمر بها لاعبو المنتخب السعودي قبل المباراة وربما قبل تسجيل هدف في المرمى الكوري، كذلك التعبئة الكبيرة في الشارع الرياضي السعودي يجب أن تتحول إلى شحنات معنوية قوية، حتى يبذل اللاعبون أقصى المجهود البدني بالشكل المثالي داخل ملعب المباراة، ويترجموه بأداء جماعي وفردي مثمر، لا أن يقعوا في"فخ"التسرع الذي سيجلب لهم المصاعب، بل سيجرهم للوقوع في أخطاء بدائية قد تعرقل بناء الهجمات بشكلها المثالي، وقد تؤدي إلى إحراج كبير للمناطق الدفاعية ولحراسة المرمى، فسرعة الأداء التي نطلبها بعيدة كل البعد عن الوقوع في التسرع المحبط لأي أداء جماعي. دقائق المجازفة لعل التحذير من الاندفاع المبالغ فيه وما يعقبه من انفلات تكتيكي هو الهاجس الذي يخشاه المحللون والمراقبون على المنتخب السعودي مع بداية المباراة، خصوصاً أن هذه المباراة الحاسمة والمهمة تمنح المنافس فرصتي التعادل والفوز، وليس أمام"الأخضر"سوى الفوز فقط كي يتجنب النظر في حسابات معقده، هذه الوضعية تحتم على المدرب والجهاز الإداري تكثيف الجرعات النفسية للاعبين قبل الدخول في المباراة، والسعي بقوة لرفع معدل التركيز الذهني كي يتجنبوا الانجراف وراء مجازفة باكرة قد تلقي بظلالها السالبة على نتيجة المباراة، ولكن حينما تسير الأمور في اتجاه معاكس لأهداف المنتخب السعودي، فإن المجازفة يجب أن تحضر وبقوة مع دقائق معينة من الشوط الثاني وبأشكال مختلفة، سواء في الزج بمهاجم على حساب مدافع، أم بإعطاء المدافعين دوراً هجومياً داخل منطقة ال18.