لاقت الهجمات الإعلامية والشعبية التي تعرضت لها بعض السفارات الغربية وسفارات الاتحاد الأوروبي في السعودية أخيراً، والتي ذهبت إلى اتهامها بإساءة معاملة المواطنين وفرض شروط وصفها البعض بالتعجيزية، ردود فعل متباينة في أوساط تلك السفارات. وبينما فضلت بعض السفارات تجاهلها، إذ اعتبرت مصادر ديبلوماسية تحدثت إلى"الحياة"أن إرضاء المتقدمين بطلب الحصول على تأشيرات الدخول غاية لا تدرك، مشيرين إلى أن إدراك الخارجية السعودية لحرصهم على احترام المواطنين المتقدمين بطلبات الحصول على تأشيرة الدخول وتقديم المساعدة الممكنة لهم، أمر يغنيهم عن الرد عما وصفوه بالنقد لمجرد النقد، سخر في المقابل ديبلوماسيون آخرون مما جاء في ما وصفوه بالحملات الإعلامية التي تستهدف الإساءة إلى دول تربطها علاقات قوية مع المملكة، إذ قال مصدر في السفارة الألمانية:"أكد بعض الكتاب وانساق وراءهم صحافيون أن سفارات الاتحاد الأوروبي تمنح تأشيرات دخول تتراوح ما بين شهر إلى ثلاثة أشهر، وهذا أمر مضحك في الحقيقة، إذ إن معظم رجال الأعمال يحصلون على تأشيرات طويلة، وتصل صلاحيتها بالنسبة إلى بعض سفارات الاتحاد إلى أربعة أعوام، وحتى بالنسبة إلى المواطن العادي نمنحه في بعض الحالات تأشيرة تمتد صلاحيتها إلى أبعد مما تقدم بطلبه إذا كان بحوزته تأمين طبي تمتد صلاحيته لما بعد الفترة التي طلبها المتقدم". ورفض المصدر الألماني الخوض في تفاصيل ما جاء في الانتقادات التي وجهت إلى السفارات الأوروبية، مكتفياً بالتأكيد على عدم صحة ما جاء فيها :"لم يحاول منتقدونا الاتصال بنا لتوضيح أي من الأمور التي قاموا بانتقادها، واعتمدوا على قصص شخصية ولم يراعوا أنه قد يكون لتلك القصص جوانب أخرى في حال اطلعوا عليها قد يغيرون رأيهم". اعتبرت سفارات أوروبية أن معاملتها بالمثل من الممثليات الديبلوماسية السعودية في الخارج أمر تسعى إليه خارجياتها، إذ لا تتجاوز التأشيرة السعودية التي تمنح لرعاياها الثلاثة أشهر وذات سفرة واحدة بما في ذلك رجال الأعمال، كما أن المستثمرين الأوروبيين والسائحين لا يسعهم طلب تأشيراتهم من السفارات السعودية بشكل مباشر، إذ تتولى مكاتب السفر ومكاتب الخطوط السعودية في الخارج التنسيق لمنحهم تأشيرة دخول السعودية، وإذا كان المواطن السعودي يضطر إلى الانتظار لبعض الوقت في مقر السفارات الغربية، فإن المواطن الأوروبي يضطر إلى انتظار اكتمال عدد الراغبين في زيارة المملكة لمنحه تأشيرة سياحية قصيرة. وعلى عكس معظم سفارات الاتحاد الأوروبي التي اتصلت بها"الحياة"، والتي اكتفت برفض اتهامها بإساءة معاملة المواطنين، رحبت القنصل العام الفرنسي المعنية بشؤون التأشيرات باتصال"الحياة"، مؤكدة أن أبواب القسم القنصلي في السفارة الفرنسية في الرياض مفتوحة أمام الصحافيين الراغبين في التأكد من مدى صدق الاتهامات التي وجهت إلى سفارات الاتحاد الأوروبي، وكانت السفارة الفرنسية أحدها. وعلى رغم تحفظ القنصل العام على ذكر اسمها لأسباب وصفتها بالإدارية، إلا أنها لم تتحفظ على تمكين"الحياة"من الالتقاء بمراجعي السفارة من سعوديين ومقيمين. واعترفت القنصل الفرنسي بمشكلة المواعيد والتي يضطر معها المتقدم بطلب الحصول على تأشيرة إلى الانتظار لمدة تصل إلى 4 أسابيع ليتقدم بطلبه، إلا أنها عزت ذلك لظروف خارجة عن إرادة السفارة والمتمثلة في كون سفارتها الأكثر من حيث عدد المراجعين من بين سفارات الاتحاد الأوروبي :"ننصح دائماً الراغبين في زيارة فرنسا بالتقدم بطلبهم قبل موعد سفرهم بوقت كاف، ونتيجة للضغط الكبير قد يضطر أحياناً المراجعون إلى انتظار موعدهم مدة تصل إلى 4 أسابيع، إلا أن الوقت الذي يستغرقه إصدار التأشيرة يتراوح ما بين 8 إلى 12 يوماً، ولا أعتقد أنها فترة طويلة إذا راعينا أن التأشيرة التي يتم منحها تخول حاملها إلى دخول جميع دول التشينغن، وباستثناء ذلك لم نتلق أي شكوى أو ملاحظة على أدائنا، بل على العكس، فإن جهودنا محل تقدير من مسؤولين ورجال أعمال". وعن تحميل طالبي التأشيرة مصاريف إضافية من خلال حجزهم عن طريق الهاتف وتحميلهم كلفة الاتصال، تؤكد:"بعض السفارات أوكلت إلى بعض الشركات مهمة استقبال الطلبات وتدقيقها وتضيف أتعاب تلك الشركة ضمن رسوم منح التأشيرة، وبالنسبة إلينا سعياً لإسراع عملية المواعيد، أوكلنا مهمة تنسيقها إلى شركة مختصة بالنسبة إلى الراغبين في تقديم طلبهم عبر قنصليتنا في جدة والتي تصدر نحو 38 ألف تأشيرة كل عام، بينما بالنسبة إلى الراغبين في التقديم عن طريق سفارتنا في الرياض يقومون بحجز مواعيدهم عن طريق الإنترنت من دون أي رسوم إضافية". وفي ما يتعلق بشروط الحصول على التأشيرة والتي وصفها البعض بالتعجيزية، اعتبرت القنصل العام أن شروط سفارتها جميعها في متناول الجميع، وأوضحت:"اشتراط تأمين طبي يخدم في الأساس المسافرين، إذ يضمن لهم جميع تكاليف العلاج في حال أصابهم مرض أو مكروه لا سمح الله خلال وجودهم في فرنسا، وبالنسبة إلى تعريف العمل نحن لا نشترط أن يكون المتقدم ممتهناً لعمل ما، وبالتالي أياً كان عمل الشخص بإمكانه الحصول على خطاب من جهة عمله، وبالنسبة إلى كشف الحساب البنكي، فنحن يهمنا معرفة أن المسافر قادر على تحمل تكاليف سفره، ولا يعقل أن يعتبر حجز الطيران وهي وسيلة سفر المتقدم وحجز الفندق الذي سيقيم فيه ضمن الشروط التعجيزية". وأضافت مازحة:"أخشى إذا اعتبر ما سبق ذكره شروطاً تعجيزية، أن يكون اشتراطنا لجواز سفر ساري المفعول أيضاً من ضمن الشروط التعجيزية". وعن مدى صحة اقتصار تأشيراتها الممنوحة على فترة تتراوح ما بين شهر إلى شهرين، قالت:"نمنح تأشيرات تصل صلاحيتها إلى 4 أعوام بالنسبة إلى رجال الأعمال، ليس ذلك فقط، إذ بالنسبة إلى رجال الأعمال الذين سبق لهم الحصول على تأشيرة دخول من سفارتنا في الرياض أو القنصلية الفرنسية في جدة وترددوا كثيراً على فرنسا، فيتم إعفاؤهم من معظم شروط الحصول على التأشيرة". وفي نهاية حديثها إلى"الحياة"أكدت القنصل المعني بشؤون التأشيرات عدم رفض سفارتها التي منحت مشتركة مع قنصليتها في جدة أكثر من 56 ألف تأشيرة دخول خلال العام 2008، عدم رفض أي طلب سعودي للحصول على تأشيرة دخول، وقالت:"لم نرفض طلب أي مواطن سعودي، ولكن في حالات نادرة بعض المتقدمين نتصل بهم لإتمام ملف طلبهم فيصرفون نظرهم عن التأشيرة، خصوصاً وأننا لا نحتجز جواز سفر أي متقدم، إذ بعد استلام الطلب نسلم المتقدم جواز سفره ونتصل به بعد وصول الموافقة على التأشيرة لإحضار جواز سفره".