لقد هزت المذابح الصهيونية في غزة ضمائر الكثير من سكان الأرض وقادتها، فلم تعد قضية غزة مقصورة على العرب، الذين خذل بعضهم سكان غزة، الذين قتلتهم إسرائيل الغاشمة بطائراتها ودباباتها ومدافعها وقنابلها العنقودية الحارقة، وكل ما وصلت إليه تكنولوجيا الدمار الشامل من سلاح فتاك. التعتيم الإعلامي الذي فرضته علينا بعض قنوات الإعلام العربية قامت بفضحه قنوات إعلامية أجنبية، لأنها لا تزال تلتزم بالمهنية الإعلامية والمصداقية في إيصال الصورة والكلمة الصادقة إلى مشاهديها وقرائها وسامعيها في العالم. تغيرت الظروف بعيداً عنا ومن حولنا، ولم تتغير معظم العقول العربية التي تفكر بطريقة ظالمة ومظلمة، وتكاد تكون مغسولة وتخدم الدولة الصهيونية، أو تخاف من أميركا التي في طريقها إلى الانهيار السياسي والاقتصادي والاجتماعي، حيث المؤشرات على ذلك كثيرة وقوية. ومن السخرية أن طالعتنا بعض الصحف الغربية والعربية بحادث موت هرة آل بوش الذين يشعرون بالحزن والأسى على فقد أحد أفراد العائلة، في ظل ظروف قاسية يعيشها قطاع غزة تحت قنابل ومدافع وطائرات ودبابات وجرافات بني صهيون، الذين لا يعرفون للحق طريقاً ولا للرأفة مكان في قلوبهم الحاقدة. والمثير للسخرية أيضاً أن الضمير العالمي، وعلى رأسه الضمير السياسي الأميركي، ميت لا يعتبر غزة جزءاً من الكون وكأنها من كون آخر غزت بني صهيون الذين تتجاهل أميركا قتلهم للرضع والشيوخ والنساء من أهل غزة، بل يعلن رئيس دولة بني صهيون شمعون بيريز أن دولة الظلم لا يضيرها سمعتها السيئة في العالم. لكننا في ظل هذه المأساة الإنسانية نستبشر خيراً من هوليوود، التي تحدث بعض أقطابها من الممثلين والمغنين عن العدوان الصهيوني الغاشم على غزة بصفة خاصة وفلسطين بصفة عامة، بل والدفاع عن العرب والمسلمين من وصف السياسيين الأميركيين لهم بالإرهابيين الذين يقتلون الإسرائيليين، حيث تحدث جورج كلوني George Clooney عن ما يجري لغزة، فقال إن التاريخ سيعلن اللعنة على الرئيس بوش وأرييل شارون ورئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير Tony Blair ووزيرة الخارجية الأميركية كونداليزا رايس، بينما قالت الممثلة الأميركية المعروفة انجلينا جولي Angenlina Jollie إن العرب والمسلمين ليسوا إرهابيين، ويجب على العالم أن يتكاتف ضد إسرائيل الغاشمة. ويقول الممثل الشهير الباشينو Al Pacino عليكم أن تقرأوا تاريخ إسرائيل لتعرفوا من هم الإرهابيون، بينما يقول جاري السابق عندما كنت أدرس بكاليفورنيا دستن هوفمان Dustin Hoffman أن تاريخ الإنسانية انتهى منذ تأسيس دولة إسرائيل، ويؤكد ذلك الممثل رالف فينس Ralph Fiennes عندما قال إننا نعيش في زمن الغاب والوحشية حيث يأكل القوي الضعيف، وأن الغربيين ليسوا أفضل من العرب ليقصوهم ويظلموهم ويقتلوهم ويشردوهم من ديارهم. ومعظمنا يعرف الممثل ميل جيبسون Mel Gibson الذي قال"إن الصهيونية مصدر الخطر على السلام العالمي"، وتمنى أن يستطيع محاربتها. وقال الممثل الكبير انتوني هوبكنز Anthony Hopkins إن إسرائيل تعني الحروب والدمار، وأنه يشعر بالخزي والعار كونه أميركياً تساند دولته الدمار ضد البشرية من خلال دعمها لإسرائيل. حتى مغني الروك أند رول الشهير مايكل هارت Michael Hart تعاطف مع غزة وغنى عنها ولها، لأنه يعرف مثلما يعرف غيره من البشر العادلين أن موت الأطفال والنساء والشيوخ بطائرات محملة بأبشع الأسلحة فتكاً وأكثرها قتلاً، لا يدل على عدالة العالم وأخلاقياته المتدهورة إلى الحضيض. هؤلاء الممثلون والمطربون الإيجابيون تجاه العرب لا يمثلون جميع الممثلين والمطربين في هوليوود، بل هناك عدد منهم أشد وحشية في وصفهم العرب بالإرهابيين والمارقين على القانون والحضارة والإنسانية، مثل محبوب الشباب العربي الممثل توم كروز Tom Cruise الذي قال عن العرب"إنهم إرهابيون لا يدخرون فرصة لقتل الآخرين"، ومثله قال هاريسون فورد Harrison Ford عندما وصف العرب"بأنهم أقذر المخلوقات على وجه الأرض ويجب القضاء عليهم". الحقيقة أننا بدأنا نسمع أصواتاً عالمية عادلةً تنادي بنصرة غزة، وهي أصوات حقيقة لا تخاف من كلمة الحق، ولا تبحث عن الشهرة، فهي مشهورة، وإنما لا يزال هؤلاء المنصفون ينبضون بالإنسانية والعدل الذي غاب عن الكثير من العرب. السخرية أن بعض العرب والإعلاميين ينتقدون سيطرة اللوبي الصهيوني على الحكومات الغربية وإعلامها، ويتجاهلون أن الصهيونية وصلت إلى عقر دارهم لتوجه الرأي العالمي من خلال بعض صحف وفضائيات إعلام العرب لتقول للعالم إنه شهد شاهد من أهلها أننا إرهابيون وقتلة، ندمر ونهدد إسرائيل بالحجارة والصراخ للتنديد بعدلها ووحشيتنا. ويبدو أن صمت العرب يدعم الفريق المعادي للعرب والمسلمين في هوليوود، حيث لم يصف أحد القادة العرب إسرائيل بالصهيونية بعد الهجوم الصهيوني الغاشم على غزة، وهذا لا يزيد المرابطين في غزة إلا عزة وشموخاً وحباً في الشهادة التي تعرف إسرائيل وأعوانها أنها السلاح النووي الخطير الذي لا تماثله أسلحتها النووية. الجهاد الذي أعلنه الغزيون ضد الصهاينة يعتبر من أكثر الأسلحة فتكاً، وهذا ما يخوف أعداء الإسلام من كلمة الجهاد، الذي يربطه أعداء السلام بالإرهاب. وكم قلنا مراراً وتكراراً بأن أعداء الإسلام يحاولون تغيير مفاهيم كثيرة بهدف تغيير معتقداتنا لنحارب الجهاد بدلاً من حربنا ضد إسرائيل وأعوانها، الذين ساعدوها في احتلال أرض الفلسطينيين وقتلهم وتشريدهم وتدمير ممتلكاتهم، بل ووصفهم بالإرهابيين وكأن إسرائيل الحمل الوديع. الظلم العالمي المتجلي في الأممالمتحدةوالولاياتالمتحدة ومعظم دول الاتحاد الأوروبي زاد الصهاينة دعماً معنوياً، فهذا الرئيس بوش يصف"حماس"بأنها منظمة إرهابية يجب على العالم تأييد إسرائيل للقضاء عليها. الظلم العالمي شمل حماس والمواطن الغزي المجرد من السلاح للدفاع عن نفسه وأهله وعرضه وأرضه. وأي سلاح نتحدث عنه يملكه أهل غزة للدفاع عن أنفسهم من طائرات محملة بأطنان القنابل الذكية والغبية، يديرها ويقودها صهاينة تجردوا من كل القيم، تدعمهم حكومات الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا وغيرها من الدول التي تحالفت لتدمير بلاد المسلمين في كل مكان. أقول للعرب الخائفين من إسرائيل وأميركا إن غزة ستبقى شامخة مهما كانت قسوة العدوان، لأنها على الحق مجاهدة ولا ترضى بالذل والعار والخنوع. وبقراءة عقلانية للتاريخ أستطيع القول إن أميركا في وهن وضعف متنامٍ، وستفقد قيادة العالم لأسباب عدة، منها عدم التوازن والظلم السياسي، وستأخذ روسيا أو الصين قيادة العالم منها تدريجياً في غضون عشرين عاماً. ونلاحظ التراجع في حياتها الاقتصادية، بل أسهم أثرياء الصهاينة في وضعها الاقتصادي والسياسي الضعيف. ويجب على العرب الأخذ بالمبادرة وبناء قوة سياسية واقتصادية وعسكرية للعودة إلى طريق الصواب، فأميركا لن تستمر في قوتها لحماية إسرائيل وحلفائها الواهمين والغافلين عن استقراء تاريخ الحضارات والدول التي تلاشت تدريجياً، بحيث أصبحت من قصص وحكايات كان يا ما كان في قديم الزمان. * أكاديمي سعودي [email protected]