يخاف المثقفون على ذواتهم من فتنة الكلمات، ويخشون بما عرف عنهم من نرجسية عالية من حراب الحروف، ويؤثرون التقشف مع كل سانحة بعيداً عن مظاهر البذخ والتخمة، فتجدهم يبحثون بين آونة وأخرى عن مرافئ آمنة، يحلّقون عبرها في روحانية خاصة، باحثين عن صفاء الذهن وراحة البال بعيداً عن عالم القراءة والكتابة، وخلال شهر رمضان يتسرب الملل إلى نفوس معظم أفراد المجتمع بما فيهم المثقف، لتتجلى التأملات والقراءات الخاصة والمسامرات، ويذهب الروائي إبراهيم الناصر الحميدان إلى أن شهر رمضان يدفعه للتكاسل، والاستغراق في النوم مؤملاً أن يحقق بعض الراحة من إجهاد عام كامل، مضيفاً أنه لا يكتب ولا يقرأ بل يكتفي بمتابعة المسلسلات الدرامية، فيما يرى القاص فهد الخليوي أن لرمضان خصوصية اجتماعية تفرض على الناس التواصل والمسامرة مع الأصدقاء بعيداً عن هموم الكتابة والإبداع وكل ما له صلة بالثقافة، مشيراً إلى أن الإنسان بحاجة إلى العودة إلى فطرته وطبيعته الأولى، فيتفقد القرابة والأصدقاء ويعيد إقامة جسور التواصل المثبطة بتشاغل الناس 11 شهراً، مفضّلاً تناول إفطاره وسحوره في منزله ومع أسرته. من جانبه، يختط الكاتب محمد السحيمي لنفسه مساراً خاصاً وبروتوكولاً دائماً، إذ يشير إلى أن من عادته أن يصحو باكراً، وتحديداً مع التاسعة صباحاً ليبدأ يومه بالتأمل وهو في سريره لمدة ساعة، ثم يبدأ بقراءة الصحف ورقياً أو عبر الشبكة الإلكترونية، ثم يخصص وقتاً ما بعد الظهر لقراءة القرآن ومطالعة كتب الفكر ومنها كتب محمد عابد الجابري ومحمد جابر الأنصاري، مشيراً إلى أن ساعات رمضان الأثيرة عليه ساعة الغروب وساعة السحر، إذ يستمتع بهما لما لهما من روحانية وإيمانية خاصة وما تضفيان على النفس من صفاء ومكاشفة، مضيفاً أن الكتابة طقس يومي، ومن لوازمها متابعة المسلسلات والأعمال الدرامية في بعض الفضائيات ورصدها من خلال جدول متتابع، مؤكداً تفاديه للسهر والمسامرات والإفطار خارج المنزل. فيما يذهب رئيس أدبي المنطقة الشرقية القاص جبير المليحان إلى أن رمضان موسم للكسب، كونه الشهر الكريم الذي يعطي، وهو المناسب لأن نقف فيه قليلاً، ملتفتين إلى الداخل، فاحصين الخطوات، منقبين عن خلل النفس والجوار، مضيفاً أنه بما أن رمضان إجازة بالنسبة لي فهو الموسم الذي أكرسه للقراءة ومنها قراءة القرآن الكريم بتأمل الدارس لإعجازه ومعانيه، وقراءة ما كان رغبة مؤجلة، وقراءة بعض الكتب التراثية، والروايات، ومجموعات شعرية وقصصية منتقاة، وعن توزيعه للوقت قال:"الوقت أوزعه بين الحلم والكتابة، والزيارات والنوافل، لأن من عادتي ألا أكتب في الإجازة"، بينما يخصص المليحان للنت نصيباً كبيراً من الوقت، باعتباره مشرفاً على موقع شبكة القصة العربية ما يدفعه لتوفير نصيب وافر للمتابعة والإشراف، داعياً إلى إفادة الجميع من رمضان بروحانيته، وامتداده الكريم، وأجوائه العابقة بالهدوء.