ما أن تطأ أقدام المعتمرين والزائرين المدينةالمنورة، حتى تتهلل وجوههم بالسعادة والابتسامة وراء الأخرى، أما الأعين فإنها تفيض بالدمع. وبعد دقائق معدودات يجدون أنفسهم داخل المسجد النبوي الشريف، فيتشرفون بالسلام على الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبيه، ثم تبدأ رحلة أخرى في الجلوس داخل الروضة الشريفة... ويمتد الشوق للصلاة وتلاوة القرآن داخل"روضة من رياض الجنة"، أما الأكثر سعادة فهم الذين يجدون لأنفسهم موطئ قدم داخل الروضة مع علو صوت أذان المغرب إيذاناً بالإفطار، لتلهج الألسن بالدعاء"اللهم تقبل منا إنك أنت الوهاب". هذا الوصف يمثل حال آلاف الزائرين الذين يتوقون شوقاً للصلاة والسلام على سيد المرسلين عليه الصلاة والسلام... وما أن تتحقق آمالهم وحلم العمر في الوصول إلى طيبة الطيبة حتى يجتهدوا في الدعاء بالعودة إليها سنوات وسنوات. محمد عبيدة أردني يزور طيبة الطيبة للمرة الأولى، يذرف الدمع وهو على باب المسجد النبوي الشريف، ويعتبر الجو الروحاني الذي يحيط بكل مكان في المدينةالمنورة يتجاوز الوصف، وهو إحساس داخل نفوس جميع الزائرين يصعب ترجمته لفظاً... يقول:"لفتت نظري تلك السُفر الممتدة في الساحات وداخل أروقة المسجد النبوي الشريف، وأهل المدينةالمنورة كجزء من أهل المملكة جبلوا على الخير وكرم الضيافة". ويقول صادق عبدالرحيم مصري إنه كان يحلم بالصوم أياماً عدة في طيبة الطيبة، والحمد لله تحققت هذه الأمنية، فالصوم هنا له مذاق خاص في ظل الروحانية التي تعم كل الأرجاء. ولم ينس عبدالرحيم تسجيل شكره لأهل المدينةالمنورة على كرم الضيافة، فهم يحرصون على مشاركة الزوار وجبات الإفطار، وهذا الكرم معروف عنهم، جزاهم الله خير الجزاء. أما التونسي مصطفى العباس فالفرحة كانت تملأ عينيه وهو يروي تجربة صومه وإفطاره للمرة الأولى في طيبة الطيبة، وبعدما كان يستمع إلى الأحاديث والروايات والزائرين والعائدين، هاهو يشهد بنفسه تلك الأجواء، ويقول سعادتي كبيرة بوجودي في المسجد النبوي الشريف. ويرى إسماعيل عثمان سوداني أن شوقه تحقق بالوصول إلى هذه البقاع الطاهرة ليستمتع بكل ما فيها من أجواء. ويعتبر نورالدين عبدالحق باكستاني أن زيارته الحالية للمدينة المنورة مختلفة عن الزيارة الأولى خلال موسم الحج، إذ لم يسبق له الصوم على أرض طيبة الطيبة، وهي لحظات لا تعوّض، ونحمد الله على هذا الفضل.