اعتبر الكاتبان الصحافيان في صحيفة"الحياة"داود الشريان ومعاوية ياسين أن"المدونين"سيمثلون خطورة على كتاب الأعمدة في الصحافة السعودية، في ما لو تركوا"الفضاء الافتراضي"واقتحموا مجال الصحافة الورقية، وركزا على ما لدى هؤلاء، البنات تحديداً، من لغة سلسة وجديدة تصل إلى كل القراء باختلاف مستوياتهم. وحفلت الندوة التي عنوانها"تجربة في الكتابة الصحافية"، وشارك فيها الشريان وياسين، بعرض لتجارب ذاتية مميزة في الكتابة الصحافية، وألقت مزيداً من الضوء على دهاليز الصحافة، سواء السعودية أو السودانية أو الدولية. وقدمت الندوة التي نظمتها جمعية الصحافيين السودانيين مساء الخميس الماضي في قاعة الملك عبدالعزيز في مركز الملك عبدالعزيز التاريخي وشهدت حضوراً لافتاً، ما يمكن اعتباره دروساً في كتابة المقال والتحرير الصحافي، وفقاً لتجربة الكاتبين العريضة والعميقة التي تمتد إلى عقود. وعدّ الشريان الصحافيين القادمين من ذوي خلفية قانونية أفضل الصحافيين العرب، ويليهم المتخصصين في التاريخ. وقال:"الصحافة السعودية تفتقد إلى كتاب صحافيين جيدين"، وعبر عن موقفه من غالبية كتاب الأعمدة الذين يتكلمون في مقالاتهم عن أنفسهم وما يتلقونه من خطابات من مسؤولين في الدولة، واعتبر أن ما يكتبه هؤلاء لا يمت إلى العمود الصحافي، وقال ساخراً:"هذا لم يعد عموداً بل أصبح خيمة". وتطرق إلى ما أسماه محددات أسلوب الكتابة الصحافية، مشيراً إلى أن"الموهوب وحده هو من يتخلى عن التقليد ويكوّن أسلوبه الخاص". واعتبر نفسه معلقاً على أحداث جرت أو تجري أو ستجري، موضحاً أن ما يحركه هو الانفعال"على قدر الانفعال تأتي جودة الكتابة"، مضيفاً:"لا أستطيع الكتابة دون أن يكون لي موقف في الوقت الذي تصعب فيه الكتابة بهذا الموقف". وتوقف عند أسلوب الكتابة اللبنانية، مبيناً أنه أفاد كثيراً منه، وقال إنه ينطوى على الكثير من الصرامة ويبتعد عن الاستطرادات، بعكس الأسلوب المصري الذي تأثر به في بداياته، إذ أفاد من أحمد بهاء الدين ومصطفى أمين على صعيد العبارة القصيرة المباشرة. ولفت إلى أن التقنية أضافت الكثير للصحافة، لكنه أشار إلى أن الكتابة بالكلمة"ستبقى مهما يكن، فالصورة للعين والكلمة للذهن"، وقال إنه"لا يوجد تنافس بينهما فالتقنية تخدم الكلمة". وأنكر الشريان وجود طقوس للكتابة محدداً مواصفات العمود الصحافي الجيد بقدرة كاتبه على الاختصار وبعده عن النرجسية والذاتية. فيما أكّد الزميل معاوية ياسين، متفقاً مع الشريان، أهمية الخلفية القانونية للصحافي، موضحاً أنه خريج قانون، وأنه كان يعد نفسه ليكون محامياً، لكن من شبههم ب"الكشيفة"قادوه إلى الصحافة. وقال عن الصحافة السعودية:"إنها استطاعت أن تكون شخصية خاصة بها، على رغم المحلية"، مشيراً إلى أنه لا توجد صحافة سودانية إنما صحافيون سودانيون. وشدد ياسين على أهمية الحرفية"التي تصنع المهنية في الكتابة"، وقال إنه يتمنى أن"تعتمد الصحافة أسلوب ترقية حرفييها إذا وجدت لديهم الموهبة وصولاً إلى المهنية". وسرد جوانب من تجربته الصحافية والإعلامية في السودان والسعودية ولندن، مشيراً إلى أن مجال التأسيس أخذه أكثر من أي مجال آخر، إذ أسهم في تأسيس العديد من المشاريع الإعلامية المهمة، مثل صحيفة"الحياة"، في انطلاقتها الثانية في لندن، وقناة mbc في لندن أيضاً، كما تطرق إلى عمله في هيئة الإذاعة البريطانية، متوقفاً عند تجربة صحيفة"الحياة"التي كانت تعد الصحيفة الأولى، التي لديها كتاب للأسلوب الصحافي، حرصاً على المهنية من ناحية توحيد الألفاظ وتنظيمها، بحيث لا تتضارب فيها الأشكال والأسماء والأنماط الكتابية. واستغرب رغبة الكتاب الشباب في كتابة المقال، قبل أن يتدرجوا في ممارسة العمل الصحافي عبر مجالاته المختلفة، مضيفاً أنه لا يشجع ذلك، وقال:"إن صحافة الرأي تفتقر إلى التحليل، وكتابة العمود تتطلب الاستمرارية بنفس اللياقة والمزاج الجيد للكتابة". واستبعد أية سطوة للتلفزيون والانترنت على الصحافة والكتابة.