اختار لاعب كرة القدم السعودي نواف التمياط أن يترك مهمة الركض في الملاعب بعد نحو 12 موسماً دافع خلالها عن ألوان منتخب بلده وناديه الهلال، ولم يكن قراره اعتزال اللعب بصفة نهائية مفاجئاً للمقربين من"الفتى الذهبي"الذين تابعوا محاولاته اليائسة في استجماع قواه وتخطي تبعات الإصابة التي طاردته طويلاً. واستطاع نواف التمياط السير على خطى شقيقيه الدوليين صفوق ومحمد، بيد أنه برهن قدرته على المضي بعيداً حين حقق مالم يكن يحلم الأخوين بتحقيقة، وهو مرافقة المنتخب السعودي الى نهائيات كأس العالم 1998 و 2002، فضلاً عن تحقيق الكثير من الإنجازات والألقاب الشخصية، ما جعله لاعباً مهماً في تاريخ الكرة السعودية. ولن ينسى التمياط لحظات مهمة في مسيرته، غير أن حصوله على لقب أفضل لاعب آسيوي في العام 2000 كان لحظة جعلت أنصار كرة القدم في القارة الصفراء يعترفون بمهارة الشاب اليافع وأفضليته على لاعبين يمتلكون من الصيت ما يجعلهم أوفر حظاً لنيل تلك الجائزة التي ذهبت من نصيب لاعب سعودي للمرة الثانية. واختار التمياط طريقاً منذ وصوله الى الملاعب السعودية، منحه لقب أكثر اللاعبين مثالية خلال المواسم التي قضاها في الملاعب، وزاد من شعبية"الفتى الذهبي"أداء دور اجتماعي من خلال مشاركتة في دعم الحملات الخيرية وبرامج مواساة المرضى، فضلاً عن أنه اشترط كثيراً قبل الظهور في اعلانات تجارية عدم تعارضها مع الثقافة المحلية في السعودية، وعلى رغم العروض المغرية التي تحصل عليها لقاء الظهور في اعلانات تخص شركات مصنعة لشفرات حلاقة الذقن وكريمات تصفيف الشعر، إلا أن التمياط اختار أن يكون وفياً للتقاليد المحلية التي تتحفظ على عادة حلاقة الذقن وتصفيف الشعر. وما زال أنصار الهلال يتناقلون حادثة"الفتى الذهبي"والصحافي الاسرائيلي على اعتبار أنها تبرهن وعي نجمهم المجبوب وقدرته على التصرف بحكمة، وهم يقولون إن التمياط وجد نفسه خلال مؤتمر صحافي في باريس أمام صحافي اسرائيلي يطلب منه الإجابة على مجموعة تساؤلات تهم الصحيفة التي يعمل مراسلاً لها، غير أن اللاعب السعودي رفض التحدث الى الصحافي وطلب منه مغادرة المكان احتجاجاً على ممارسات اسرائيل ضد الفلسطينيين. وعلى رغم أن نواف التمياط بلغ من ذروة المجد ما منحه فرصة الاحتراف في اوروبا، إلا أن تمسك مسؤولي الهلال بلاعبهم الفذ حال دون انتقاله للعب في صفوف رودا الهولندي، وفشلت المحاولات لإقناع رئيس الهلال ومعاونيه للتخلي عن التمياط ما كاد يؤدي الى القطيعة بين اللاعب وناديه، خصوصاً أن وسيط النادي الهولندي وصل الى الرياض للتوقيع مع اللاعب وانهاء الصفقة. وخلال الموسم الأخير لم يكن نواف التمياط مقنعاً لأنصاره، على رغم أنه أسهم في حصول الهلال على لقبي بطل الدوري وكأس ولي العهد، ما جعله يتردد طويلاً في خوض التجربة مجدداً والمشاركة مع فريقه في الموسم المقبل، خصوصاً أن تأثير الاصابات المتوالية بات أكثر تأثيراً على قدراته وتسبب طويلاً في تراجع مستواه... وعلى رغم صعوبة القرار أعلن التمياط خلال آب أغسطس الماضي التوقف عن ممارسة كرة القدم والتحضير لحفلة اعتزال توازي ما أعده الهلال لقائديه السابقين يوسف الثنيان وسامي الجابر. وتعاملت الصحف السعودية الصادرة في اليوم الآتي مع قرار التمياط بتعاطف لافت، على اعتبار أنه قرار جريء من لاعب اختار أن يحتفظ بذكرى حسنة في أذهان أنصار الهلال، ورافضاً الانتقال الى أندية منافسة يبحث مسؤولوها عن صفقة إعلامية توازي انتقال التمياط من ناديه الأم من دون دراسة لجدوى الاستعانة بلاعب يعاني تبعات الاصابة. ما يعتقد التمياط أنه لا يليق بمسيرته وإنجازاته حتى لو كان الثمن بملايين الدولارات.