اكتست سوق الأسهم السعودية"حلة حمراء"في تعاملاتها المالية أمس، اذ شهدت انخفاضاً في قيمة تعاملاتها تجاوز 6.50 في المئة، اذ نزف المؤشر إلى أن وصل إلى 7255.15 نقطة، بعد أن سجل تذبذباً بلغ 565 نقطة بين أعلى نقطة وأدناها خلال تداولات أمس، ما أصاب المتعاملين بحال جديدة من الذهول والحيرة من الانخفاضات المتتالية والكبيرة ل"السوق"من دون وجود سبب واضح لها. وشهدت قطاعات السوق ال 15 انخفاضاً بنسب كبيرة، قارب بعضها ال 10 في المئة كما في قطاع الاستثمار المتعدد، إضافة إلى انخفاض كل الشركات البالغة 124 شركة بنسب قاربت في 60 منها النسبة القصوى وقدرها 10 في المئة، وقاربت ذلك في بقية الشركات. راجع ص21 وبلغت كمية التداولات 148 مليوناً ونصف المليون سهم، فيما قاربت الأموال أربعة بلايين ونصف البليون ريال. وعزا اقتصاديون هبوط سوق الأسهم إلى 7 في المئة، إلى عدم وجود أسس عملية للسوق، معتبرين أنها النتيجة الطبيعية. فيما أرجع آخرون سبب الهبوط إلى"القرارات التي اتخذتها هيئة سوق المال أخيراً". في غضون ذلك، تحولت مؤشرات اسواق الاسهم في الخليج ومختلف انحاء العالم الى حمراء في ظل الازمة المالية التي اوقعت"ليمان براذرز"، رابع اكبر مصرف اميركي واحد اكبر مصارف العالم، في الافلاس وايدي المصفين امس، بعد زهاء 158 عاماً على تأسيسه في الولاياتالمتحدة ونجاته من الركود الكبير في عشرينات القرن الماضي. وفي وقت تم رصد ما يصل الى 500 بليون دولار لاعادة الاستقرار الى الاقتصاد العالمي، توقع الن غرينسبان الرئيس السابق لمجلس الاحتياط الفيديرالي"سقوط"مؤسسات مالية اخرى، قائلاً:"هناك دائماً خاسر ورابح ولا يجب علينا حماية الجميع". ونقلت صحيفة"فايننشال تايمز"عن محللين ماليين قولهم"ان المستثمرين فقدوا الثقة في المؤسسات المالية الدولية". ومع تراجع"غير مسبوق"في مؤشرات اسواق الخليج لن يُعرف الحجم الدقيق للخسائر العربية قبل فترة، لكن التوقعات تشير الى انها قد تكون بالغة، اذا لم يتم تدارك الازمة، بسبب الاستثمارات الكبيرة في المؤسسات المالية الاميركية العملاقة وغيرها. ومع عدم تأثر سعر صرف الدولار الاميركي، تجاه العملات الرئيسية،"لأن الركود يعم مختلف انحاء العالم ويضرب اسس الاقتصادات على مدار الكرة الارضية"كما قال جون وود خبير القطع في"باركليز كابيتال"في لندن، الا ان النفط الخام وقع فريسة الازمة المالية الدولية الحالية، وتراجع امس الى ادنى مستوياته منذ سبعة شهور مسجلاً خسارة تجاوزت الخمسين دولاراً منذ الذروة التي بلغها في تموز يوليو الماضي عندما حقق 147 دولاراً للبرميل. ومنذ صباح امس الباكر سارعت المصارف المركزية على مستوى العالم الى اتخاذ اجراءات لتهدئة التوتر في الاسواق، خصوصاً مع مسارعة المستثمرين الى الانسحاب من المؤسسات المالية المكشوفة على"بنك ليمان براذرز". وخصص مجلس الاحتياط المركزي الاميركي مع مصارف رئيسية سيولة بقيمة 200 بليون دولار، من بينها 70 بليون دولار من امواله، لدعم 50 مصرفاً اميركياً او دولياً يمكن ان تُفاقم الازمة اذا تعثر بعض منها في حين أمن المركزي الاوروبي 30 بليون يورو اضافة الى 60 بليون يورو خصصتها مصارف اوروبية لمواجه الازمة. واعلن"بنك انكلترا"صباحاً تخصيص 5 بلايين استرليني لدعم"المتعثرين"، ذكر انها رُفعت الى 20 بليوناً في وقت لاحق تحسباً لانكشاف 30 مصرفاً على ازمة"ليمان". وقال جاك كايو من"روايال بنك اوف اسكتلند"ان المخصصات قد ترتفع الى 500 بليون دولار لتأمين السيولة واستقرار الاسواق وللدفاع عن النظام المالي الدولي في ضؤ التهديد التي تواجهه المصارف الاميركية والاوروبية وغيرها في الازمة الحالية. وكان"بنك ليمان"طلب الحماية من الدائنين، بموجب المادة 11، وامرت محكمة تجارية في نيويورك بوضعه في الحراسة القضائية لادارته وانقاذ ما يمكن خصوصاً ان موجوداته تصل الى 633 بليون دولار وديونه الى 613 بليوناً بعدما تراجعت مجموعات مصرفية عن انقاذه لانه مكشوف في السوق العقارية الاميركية بنحو 60 بليون دولار. ومن بين المؤسسات الدائنة ل"ليمان"المصرف الاميركي العملاق"سيتي غروب"الذي اظهرت حسابات"ليمان"انه يملك سندات فيه بقيمة 138 بليون دولار كما ان ل"بنك نيويورك ميلون"سندات فيه بقيمة 17 بليون دولار. في المقابل نجا"بنك ميريل لينش"من مصير مماثل عندما اقتنص"بنك اوف اميركا"صفقة شرائه بقيمة 50 بليون دولار. وتوقعت مؤسسات تأمين وظائف القطاع المصرفي، الذي خسر في الولاياتالمتحدة اكثر من 100 الف وظيفة على مدار الازمة المالية التي بدأت قبل 14 شهراً، ان يشهد القطاع قبل نهاية السنة خسارة 50 الف وظيفة اضافية. وتأتي الازمة في الشهور الاربعة الاخيرة من حكم الرئيس جورج بوش الذي شهد انهيار الدولار وارتفاع البطالة وحجم العجز والديون وتراجع صورة اميركا كأكبر قوة في العالم ما ساعد المرشح الديموقراطي للرئاسة باراك اوباما لشن حملة على الجمهوريين واتهامهم بتخريب الاقتصاد. لكن الرئيس بوش سارع الى التأكيد ان الاقتصاد قوي وان ما يجري هو"حركة تصحيحية في الاسواق المالية". ومع اغلاق الاسواق الآسيوية امس اغلق مؤشر بورصة لندن على خسارة 3.92 في المئة، اغلبها للشركات المالية والنفطية، عند 5244 نقطة وحتى السادسة مساء بتوقيت لندن كان داو جونز خسر 1.93 في المئة و"ستاندر اند بور"الاوسع نطاقاً1.71 في المئة.