لا ادري لمن أوجه هذا المقال المتواضع والواضح في الوقت نفسه؟ أأوجهه لوزير التعليم؟ أم للقائمين على تسجيل أبنائنا؟ أم لواضعي القرارات التعليمية سنة بعد اخرى؟ وكأن أبناءنا فئران تجارب؟ أم لأولياء الأمور ليزدادوا غبناً على غبنهم؟ ما يدعونني لهذه الأسئلة هو أنني لا أعلم سببا ًلهذا الإجحاف بحق طلابنا، فبالأمس قرر المسؤولون إلغاء النسبة العادية، واستبدلوها بالمعدل التراكمي، فقلنا لعل الثانية خير من الأولى، ولعل في ذلك تحفيزاً وتشجيعاً لأبنائنا على إتقان العلم، ثم فوجئنا بقرار آخر بأن المعدل التراكمي سيحسب من السنة الثانية ثانوي، وبطريقة حسابية لجمع السنتين واستبشرنا خيراً، وقلنا أصحاب القرار يعلمون ما لا نعلم. ومن قبل تقرر اختبار القدرات وأخذه في الاعتبار عند التسجيل في الجامعة، وعلى رغم أن الكثيرين حينها اعترضوا وناقشوا السلبيات، موضحين أن في هذا إجحافاً وظلماً للطالب، فالطالب الحاصل على نسبة 95 في المئة مثلاً لا يستطيع أن يدخل المجال الذي يريده إلا إذا كان اختبار القدرات 90 فما فوق. وكم من فرص ذهبت سُدى بسبب هذا ... لكن لا مجيب، وفي هذه السنة حين تقرر احتساب المعدل التراكمي للسنتين الثانية والثالثة ثانوي، مع احتساب درجة القدرات والتحصيلي، سعدنا وفرحنا وقلنا هذه تغطي على تلك، وسيحصل الطالب على نتيجة جيد جداً على الأقل، لكن العكس كان صحيحاً! وبصفتي احدى أولياء الأمور، قمت بتسجيل ابني، واختلطت علي الأمور لدرجة الإحباط في المواقع الجامعية، فبعض الجامعات تقسم النسبة بأخذ نسبة 30 في المئة على الشهادة الثانوية، و40 في المئة على القدرات، و30 في المئة على التحصيلي، وبعضها تقسمها 50 في المئة على التحصيلي، و20 في المئة على القدرات، و30 في المئة على معدل الثانوية، ثم أفاجأ بعدها بأن المعدل بعد أن كان 85 في المئة مثلاً أصبح 78 في المئة، أو 73 في المئة إن كان المجال نظرياً، أليس هذا إجحافاً وتبخيساً لحق الطالب؟ ألا نكون بذلك علمنا أبناءنا الظلم بمعناه الحقيقي الماثل أمامهم بحسمهم للدرجات، وكنا قبلاً علمناهم السكوت على اختلاف القرارات سنة بعد اخرى من دون تقدم أو نتيجة مرضية؟ ألم نعلمهم أننا حوّلناهم إلى ما يشبه فئران التجارب، التي يتم إخضاعها لكل تجربة ناجحة أو فاشلة؟ إن قوم شعيب عليه السلام حين بخسوا الناس أشياءهم، ولم يزنوا بالقسطاس المستقيم ضاعوا وأضاعوا، وها نحن نكرر ما يشبه بعضه فعل قوم شعيب، ببخسنا الطلاب علاماتهم حتى ضاعوا وأضاعوا، ضاعوا بين القرارات والعلامات، وأضاعوا حين لم يجدوا مأوى لهم غير أوكار الإرهابيين، وتجار المخدرات أو البطالة، وما تجرهم إليه من الإفساد، لأن مأوى الجامعات لم يعد يسعهم! [email protected]