قادت قدما الفتى الصغير ذي الأعوام التسعة إلى أسوار النادي الذي كان قريباً من منزله، لم يكن يجد نفسه كثيراً في المهنة التي امتهنها والده، إذ كان يفضل عليها لعب الكرة في الحارة كما كان يفعل بقية الصبيان، إلا أن هذا الفتى تميز عنهم بنبوغه الكروي، فكانوا يفضلون النظر إليه على أنه قائد فريقهم وأفضل لاعب لديهم، كان مختلفاً عنهم في كل شيء، حتى انه كان يركل الكرة بقدمه اليسرى، وجد نفسه يرتدي شعار النادي الذي يفضله، وهو الذي عاش على انتصارات الجيل الذهبي ل"قلعة الكؤوس"، حتى بات يعرف أمين دابو وأحمد الصغير وعبدالرزاق أبوداود وطارق ذياب، وغيرهم من النجوم الكبار في"الأخضر"أكثر مما يعرف في كتب العلوم والرياضيات. كانت مسيرة حسين عبدالغني، الذي ولد في 21 كانون الثاني يناير 1977 أشبه بحلم جميل، إذ بدأ في درجة الناشئين في النادي الأهلي، قبل أن يلفت أنظار جميع من شاهده في كل الفئات السنية التي لعب فيها، فكان أن اختير لفترة قصيرة مع منتخب الشباب، قبل أن يمثل المنتخب الأولمبي في تصفيات أولمبياد أتلانتا 1996، وفي النهائيات، وفي تصفيات أولمبياد سيدني 2000 قائداً له، ولعب بينهما في كأس أمم آسيا 1996، وكؤوس العالم في"فرنسا 1998، و"كوريا واليابان 2002"، و"ألمانيا 2006"، كما شارك في بطولتي القارات في الرياض 1997 والمكسيك 1999، قبل أن يكون آخر عهده بالمنتخب الأول رسمياً في بطولة كأس الخليج، حينما استبعد بعد لقاء البحرين الافتتاحي بداعي الإصابة، ثم استبعد من معسكر كأس أمم آسيا الأخيرة بداعي الإصابة أيضاً، مختتماً بذلك 12 عاماً من التألق مع المنتخب السعودي. وربما كان الهدف الأشهر في تاريخ عبدالغني هو الهدف الذهبي الأول في تاريخ المنتخبات السعودية، يوم أن سجل برأسه في المنتخب العراقي، ضامناً بذلك عودة"الأخضر"إلى أميركا بعد إنجاز مونديال 1994، حينما لعب في دور ال 16. وفي الأهلي، كان عبدالغني النجم الأبرز في القائمة منذ أن حجز خانته في موسم 1995-1996، واضعاً قدمه في الجهة اليسرى من الملعب، بعد أن أعلن المدافع السابق محمد عبدالجواد اعتزاله اللعب بعد مونديال أميركا، وحمل شارة القيادة في الفريق خمسة مواسم، كان آخرها أمام الشباب في الرياض في ربع نهائي كأس خادم الحرمين الشريفين الموسم الماضي، وهو اللقاء الذي أكد بعده عبدالغني أن الفريق لم يكن جيداً طوال الموسم الرياضي، وقال:"لم نقدم كل ما كان منتظراً من بطل كأسين في الموسم الذي سبقه، كنا سيئين وخسرنا بنتائج كبيرة جداً، وأنا أعتذر نيابة عن زملائي عن كل ما حدث". ومع مطلع شهر حزيران يونيو الماضي، فوجئ كل عشاق"القلعة الخضراء"بوجود مفاوضات من ناد أجنبي مع فريقها بشأن انتقال عبدالغني إلى صفوفه، وهو الذي كان خاض قبل موسمين تجربة قصيرة استمرت أسبوعاً مع فريق لوريان الفرنسي، إلا أن الانتقال لم يتم، ثم خاض تجربة قصيرة مع الريان القطري، كانت جيدة بحسب المسؤولين القطريين، إلا أن الانتقال الأخير إلى نوشاتيل اكزامس السويسري هذه المرة كان حقيقياً ومن دون تجربة، وبمبلغ كبير جداً، إذ سيتقاضى عبدالغني ما يقارب 130 ألف ريال شهرياً أي أكثر ب 9 مرات من راتبه الذي كان يتقاضاه في ناديه السابق الأهلي، وهو ما جعله يوافق سريعاً على الانتقال إلى النادي السويسري الكبير، وقد يحسب ل"قائد الأخضرين"كما تسميه جماهيره أن يصبح أول لاعب سعودي يوقع عقداً طويلاً للانتقال للعب في بطولة أوروبية، وذلك بعد فشل إعارة فهد الغشيان لفريق الكمار الهولندي، وكذلك إعارة سامي الجابر إلى ولفرهامبتون الإنكليزي، وكذلك عدم إتمام صفقتي انتقال ياسر القحطاني ونواف التمياط من قبل، وهو ما جعل الجماهير تطلق عليه لقب سفير الكرة السعودية في أوروبا، مؤكدين أن التجربة إن نجحت فسيكفيهم فخراً نجاحها، وإن فشلت فإن صدورهم ستكون مفتوحة لعبدالغني، حافظين الود للاعب الذي غير مفاهيم الحب والانتماء بين اللاعب وفريقه في زمن الاحتراف، بعد أن كان من ابرز المهددين بالتنسيق من كشوفات "القلعة الخضراء".