أسهمت الجهود السياسية والإنتاج الفني والتفوق الكروي للأتراك في عودتهم إلى المشهد العربي بشكل بارز. وصبت الجهود السياسية التركية في المفاوضات السورية ? الإسرائيلية، والأفلام التركية المدبلجة إلى العربية، مثل مسلسلي سنوات الضياع ونور، إضافة إلى نجاح المنتخب التركي في مشواره في نهائيات أمم أوروبا 2008 في تشكيل تقارب عربي ? تركي بلغ أوجه أخيراً. ويرى أستاذ علم الاجتماع في كلية الآداب في جامعة الملك سعود البروفيسور سليمان العقيل، أن المجتمعين التركي والسعودي أو العربي بينهما من العوامل المشتركة والروابط القوية، ما يجعل العلاقة بينهما غير قابلة للتحديد أو الانقطاع أو الاندثار، ويقول:"الشعب التركي في مجمله مجتمع مسلم، وحكم البلاد العربية فترات طويلة من الزمن، وسيّر شؤون الحرمين الشريفين ردحاً من الوقت، الأمر الذي ارتبط في أذهان المسلمين بالأتراك، وعلاقتهم بهم لأنهم خدّام الحرمين الشريفين والأماكن المقدسة الأخرى، كالمسجد الأقصى وغيره. واستمر هذا التقدير والعلاقة حتى جاءت فترة الانفكاك منها، بإعلان الدولة التركية العلمانية على أسس ومبادئ غربية، ثم استمرت العزلة الثقافية والسياسية مع العالم العربي والإسلامي على هذا الأساس". واستطرد قائلاً:"هناك حراك إيجابي أيقظ العلاقات السائدة بين الشعبين المسلمين القريبين، وظهر ذلك جلياً في الحماسة والتشجيع الرياضي المنقطع النظير من الشباب السعودي للمنتخب التركي في تصفيات وكأس الأمم الأوروبية". وأضاف:"كما أن ما يدور في الشاشة التلفزيونية من خلال المسلسلات التركية والمتابعة السعودية والعربية لها، والاهتمام الشديد بمجريات أحداث هذه المسلسلات، تعكس حرص الشعب السعودي والعربي على التعرف عن قرب على الثقافة التركية والحياة الاجتماعية وعناصر ومكونات الحياة الأسرية، لأن المجتمع التركي ظل فترة طويلة من الزمن معزولاً عن المجتمعات العربية، على رغم صلة القربى والدم والجوار والتاريخ. فالفن والرياضة والسياحة هي أسرع وأوثق العوامل والأدوات التي تربط الشعوب ببعضها". من جانبه، يرى المخرج السينمائي عبدالله المحيسن، أن الفن أقوى وسيلة للتقريب بين الشعوب، ويقول:"المسلسلات التركية حققت ما لم تحققه مئات المقالات، وذلك لأن لغة الصورة تصنع ما لا تصنعه غيرها، خصوصاً في ظل التقاليد الإسلامية المشتركة بين العرب والأتراك، ولا شك في أن العلاقة الحضارية والعواطف العقائدية كان لهما دور في تعزيز فرص الفن التركي في التقريب بين الطرفين". وبلغت ذروة المتابعة العربية الشعبية للأتراك في بطولة أمم أوروبا بعد سقوط المنتخبين الفرنسي والإيطالي، اللذين يحظيان باهتمام المشجع العربي، إذ تحول الكثيرون إلى دعم المنتخب التركي، على رغم تفوق البرتغال وهولندا، كون الأتراك أضحوا الأقرب إلى القلوب عاطفياً، وهو ما حدا بأحد المشجعين العرب إلى الصراخ مبتهجاً بهدف التأهل التركي إلى ربع النهائي، الذي أحرزه المهاجم نهاد قهوجي قائلاً:"لعيونك يا لميس".+